إقتصاد وتكنولوجيا

إجتياح “تكنولوجيات” الاتصال الحديثة للحياة اليومية..!

عائشة بوزرار/ المغرب*

خاص “المدارنت”..
نحن بحاجة لفهم تأثير الإنترنت ووسائل الإعلام الرقمية على حياتنا اليومية، هل يتمتع جميع أفراد المجتمع بنفس القدرة على السيطرة على العوالم الافتراضية وتمثيلاتها؟ كما هل تؤثر الثقافات الإلكترونية على الأفراد بشكل مختلف وفقًا للنوع أو الطبقة أو غيرها من العوامل؟
هذان السؤالان مهمان لأنهما يكشفان عن طبيعة الثقافات الرقمية كنظام اجتماعي له سياساته الثقافية الخاصة، نجد الجواب في كتاب “مقدمة إلى وسائل الإعلام الجديدة والثقافات الالكترونية “،ألفه الكاتب برامود كيه نايار.
مع اندماج الإنترنت ووسائل الإعلام الرقمية في حياتنا اليومية، يجب أن نفهم تأثيرها علينا،في مثل الأفلام والتلفزيون على مختلف فئات المجتمع وتشكيل  هوياتنا وتمثلاتنا عبر هذه الوسائط، هذا ما يجب التطرق له لفهم العلاقة المتبادلة بين التكنولوجيا والمجتمع. فالتكنولوجيا لا تؤثر فقط ولكن تتأثر أيضًا بالسياق الاجتماعي والثقافي الذي تنمو فيه.
واذا اردنا أن نعرف الثقافات الإلكترونية الشعبية باعتبارها عنصرا فاعلا في مجتمعنا الحالي  فهي تلك الثقافات التي نشأت وتطورت حول محتوى وخدمات الإنترنت المختلفة، وأهمها:
ثقافة اليوتيوب التي تضم محتوى الفيديوهات المتنوع والقنوات، وثقافة الألعاب الإلكترونية سواء عبر الكمبيوتر أو الهواتف، وثقافة مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وإنستغرام، بالإضافة إلى ثقافة المحتوى الإلكتروني على اليوتيوب والبودكاست وغيرها، كما تضم ثقافات مجتمعات الإنترنت المختصة في مجالات محددة. هذه الثقافات أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياة الملايين حول العالم.
يمكن للأجساد الرقمية أيضا، أن تؤثر على الهوية الشخصية في العالم الحقيقي، حيث يمكنها أن تعزز الثقة بالنفس من خلال اختيار جسد مثالي، كما تتيح الاكتشاف الذاتي من خلال تجربة أدوار مختلفة، فضلا عن تعزيز الانتماء لمجموعة معينة. لكن قد يؤدي تبني أجساد غير واقعية بشكل مفرط إلى تكوين صورة ذاتية مشوهة. مثلما ان التجارب المبكرة للأدوار قد تساعد على نضوج الشخصية عند الشباب، ولهذا  فإن طبيعة استخدام الأجساد الرقمية ومدى التزامها بالواقع هما اللذان يحددان مدى تأثيرها على الهوية الحقيقية، ها هي بعض الطرق لصياغة المقطع بشكل مختلف، على سبيل المثال السيبربانك النسائي: الذي يعتبر رؤية بديلة ،تؤكد تجربة المرأة مع التكنولوجيا والرأسمالية التي اختلفت عبر التاريخ عن تجربة الرجل. ويسلط السيبربانك النسائي الضوء على هذه التجربة غير المعترف بها في نموذج السيبربانك التقليدي.


كما يشير إلى أن السيبربانك قد يعزز التفاوتات القائمة على أساس النوع، ويتناول قضية تركُّز السيطرة على التكنولوجيا في أيدي الرجال والنظام الرأسمالي، واستغلال الأقليات
.
بدلاً من ذلك، يضع السيبربانك النسائي جسد المرأة في مركز الاهتمام لاستكشاف تجربتها الفريدة مع التطور التكنولوجي. كما يسلِّط الضوء على كيفية بناء هوية بديلة تتجاوز التقسيمات النمطية للجنسين.
أما الحديث عن الثقافات الفرعية هي مجموعات ثقافية صغيرة تتشكل داخل الثقافة السائدة وتجمع أفراداً يشتركون في اهتمامات أو هوايات محددة كالأنمي أو الموسيقى أو الرياضة مكونة قيماً ورموزاً وأسلوب حياة مشترك. وتظهر هذه الثقافات الفرعية عادة حول نشاط أو هواية معينة أو كرد فعل على الثقافة السائدة، معتمدة وسائل الاتصال الحديثة لنشر محتواها بين أفرادها، ولا تؤثر عادة على الثقافة السائدة ولكنها تلبي احتياجات مجموعاتها الفرعية الصغيرة.
يمكن تلخيص أبرز أمثلة الثقافات الفرعية اليوم في:
ثقافة محبي الأنمي والمانغا، وثقافة لاعبي ألعاب الفيديو، بالإضافة إلى الثقافات المتعلقة بكرة القدم وكرة السلة وغيرها من الرياضات. كما تشمل ثقافات عشاق موسيقى الروك والهيب هوب والكانتري، فضلاً عن ثقافات مجتمعات الكوميكس والسيارات والدراجات النارية. ولا تخلو الثقافات الفرعية من تلك المتعلقة بالخيال والدين والطهي، حيث تجمع كل منها ملايين الأشخاص حول اهتمامات مشتركة.
أصبحت قضايا النوع والهويات الجنسية جزءًا بارزًا من بعض الثقافات الإلكترونية، حيث ظهرت ثقافات خاصة بمجتمعات الميم مثل ثقافة الترانسجندر، فضلاً عن انتشار المحتوى الداعم لحقوق المرأة ومجتمع الميم عبر وسائل التواصل. كما تطورت أدوار الشخصيات غير ثنائية الجندر في الألعاب والفنون الرقمية، فيما شكلت المجتمعات الإلكترونية فرصًا للتواصل والدعم حول هذه القضايا، مما ساهم في توسيع وعي المجتمعات بالهويات الجندرية غير التقليدية.
تشير الفضاءات العامة في الثقافات الإلكترونية  إلى الأماكن أو المنصات الرقمية التي يمكن من خلالها للأشخاص الانخراط والتواصل وتبادل وجهات النظر. وتشمل:
– مواقع التواصل الاجتماعي الكبرى مثل فيسبوك وتويتر؛
– منتديات الإنترنت والمجموعات الخاصة على منصات مثل ريديت؛
– خدمات الدردشة والمحادثة عبر الإنترنت؛
– تعليقات مقالات وفيديهات على مواقع الأخبار ويوتيوب؛
– خدمات الألعاب والمنتديات المتعلقة بها؛
– الفضاءات الافتراضية في العوالم الافتراضية مثل الميتافيرس.
تلك الفضاءات تسمح بالتفاعل والحوار والمناقشة في إطار الثقافات الإلكترونية الناشئة.
يمكن أن لهذه الثقافات الإلكترونية الجديدة بعض التأثيرات على المجتمعات التقليدية، منها:
– توسيع نطاق التواصل والتفاعل بين أفراد المجتمعات؛
– تعزيز انتشار وجهات النظر المختلفة وتقارب وجهات النظر؛
– تحرير الهوية من القيود الجغرافية والاجتماعية التقليدية؛
– دخول ثقافات وقيم جديدة قد تثري أو تتحدى الثقافة التقليدية؛
– تعزيز روح المبادرة والابتكار بفعل ثقافة التقنية الحديثة؛
– تغيير أنماط الاتصال والتفاعل داخل الأسرة والمجموعات الاجتماعية؛
– ظهور تحديات أمام الهوية الثقافية والدينية والقيم التقليدية.

* باحثة في شؤون الإعلام
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى