إطلاق سراح عيدان ألكسندر يُحيي مفاوضات غزّة ويُحرج نتنياهو!

“المدارنت”
في خطوة لافتة أعادت الزخم إلى جهود التهدئة المعقدة في قطاع غزة، أفرجت حركة حماس عن الجندي الإسرائيلي الأميركي عيدان ألكسندر في ما اعتُبر بادرة حسن نية تجاه الولايات المتحدة، في سياق مفاوضات غير مباشرة احتضنتها الدوحة. وجاءت الخطوة مدفوعة بتفاهمات رعتها أميركا وشاركت فيها كل من مصر وقطر، بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار طويل الأمد، يعالج ليس فقط الوضع الإنساني في القطاع، بل ومستقبل ملف الأسرى الذي لا يزال يتصدر المشهد التفاوضي. وفتحت هذه الخطوة الباب أمام العودة إلى المفاوضات لوقف العدوان على القطاع، مع إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو موافقته على إرسال وفد تفاوضي إلى الدوحة اليوم الثلاثاء، على الرغم من تشديده على أن المفاوضات “ستجرى تحت النار”.
وذكر مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، في بيان، أن نتنياهو، التقى بمبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، والسفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هاكابي، أمس الاثنين، وبعد ذلك تحدث نتنياهو هاتفياً مع ترامب، و”شكره” على الدعم في الإفراج عن ألكسندر، فيما كرر ترامب التزامه تجاه إسرائيل ورغبته في مواصلة التعاون الوثيق مع رئيس الحكومة؛ حسب ما جاء في البيان. وأشار إلى أن “نتنياهو بحث مع ويتكوف وهاكابي الجهد الأخير لتنفيذ المقترح الذي قدمه مبعوث ترامب لإطلاق سراح الرهائن (الأسرى الإسرائيليين في غزة) قبل توسيع القتال. كما أوعز بإرسال فريق مفاوض إلى الدوحة الثلاثاء، معتبراً أن المفاوضات ستجري تحت النار خلال الاستعداد لتكثيف القتال”. وكان نتنياهو قال، في بيان، إن “إسرائيل غير ملزمة بأي وقف لإطلاق النار أو الإفراج عن إرهابيين، بل هي ملزمة فقط بإقامة ممر آمن يسمح بالإفراج عن عيدان”، معتبراً أن الإفراج عنه لم يأت إلا بعد “الضغوط العسكرية” في قطاع غزة. وتابع: “نعيش أياماً حاسمة تم خلالها عرض اتفاق على حماس يتيح الإفراج عن رهائننا”.
وبحسب مصادر في حركة حماس وأخرى مصرية مطلعة على سير المفاوضات، فإن الإفراج عن عيدان ألكسندر كان جزءاً من تفاهم أكبر جرى التوصل إليه في اجتماعات الدوحة أخيراً، ينص على بدء مفاوضات غير مباشرة بين “حماس” وإسرائيل، تكون الولايات المتحدة وسيطاً رئيسياً فيها. ووفق هذه التفاهمات، فإن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بحسب تعهدات نُقلت للجانب الفلسطيني، سيعلن عن انطلاق المفاوضات، معتبراً أن الإفراج عن عيدان ألكسندر مؤشر على حسن نية يمكن البناء عليه.
“حماس”: هدنة يتخللها
الإفراج عن ستة أسرى
وقال مصدر في الحركة إنه جرى التأكيد أن المفاوضات لن تُجرى تحت النار، حيث ستكون هناك هدنة بين ثلاثة أسابيع و40 يوماً، يتخللها إطلاق سراح ستة أسرى إلى جانب الجندي عيدان ألكسندر، حيث من المقرر إطلاق سراح اثنين من الأسرى الأحياء، إضافة إلى أربعة جثامين لأسرى كانوا يحملون الجنسية الأميركية. وبحسب المصدر، فإن الهدنة المقررة ضمن الاتفاق سيتخللها أيضاً فتح الممرات الإنسانية لمرور شاحنات المساعدات، كاشفاً أن المفاوضات شهدت إسقاط الخطة الإسرائيلية بشأن توزيع المساعدات، والتي كانت تهدف إلى إقصاء مناطق وفئات بعينها من عملية التوزيع، وكذلك حصر تلك المساعدات في نطاقات جغرافية محددة. وقال المصدر إن تأكيداً جرى على ضرورة وصول المساعدات إلى كل أنحاء القطاع، من دون إقصاء على أساس الانتماء الفصائلي أو الجغرافي أو غيره من التصنيفات. كما كشف أنّ الاتفاق جرى على تقديم المقاومة ما يثبت وصول الأغذية والأدوية والمستلزمات الطبية الى الأسرى الإسرائيليين في القطاع، الذين يعانون من ظروف إنسانية قاسية شبيهة بالتي يعاني منها سكان غزة، منذ منع جيش الاحتلال دخول المساعدات. وأوضح أن حركة حماس، خلال فترة المفاوضات، ستقدّم بيانات واضحة بشأن وضع كل الأسرى الأحياء وحالاتهم الصحية.
وحول التصريحات الصادرة عن الجانب الإسرائيلي، ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بشأن عدم وجود أي التزامات تترتب على إطلاق سراح الجندي عيدان ألكسندر سوى توفير ممر آمن فقط لخروجه، قال المصدر إن ممثلي الإدارة الأميركية قدّموا خلال المفاوضات تعهدات، رآها الوفد المفاوض ضمانات جيدة يمكن البناء عليها. وأوضح أن الوفد الأميركي نقل تأكيدات من جانب ترامب بشأن إلزام الجانب الإسرائيلي بما سيتم التوصل إليه خلال المفاوضات، وكذلك بما تم التوافق عليه في مفاوضات الدوحة.
واستضافت الدوحة الجولة الأحدث من المشاورات، فيما تواصل القاهرة أداء دور الوسيط المحوري، خاصة في ما يتعلق بترتيبات الهدنة وممرات المساعدات. وأشارت المصادر إلى أن القاهرة كان لها دور في تسهيل التفاهمات الأمنية، المتعلقة بضمان التزام الطرفين بالهدنة، فيما عملت قطر على توفير منصة آمنة للتفاوض، وربطت بين الملف الإنساني والسياسي من خلال الضغوط على الأطراف المعنية، خاصة في ضوء المخاوف من انهيار الوضع داخل غزة.
جهاد طه: الحراك ترجم
بالإفراج عن عيدان ألكسندر
وقال المتحدث باسم حركة حماس، جهاد طه، لـ”العربي الجديد”، إن الحركة قابلت الجهود التي بذلها الوسطاء، والحراك الذي قامت به الولايات المتحدة، بمرونة وإيجابية، تُرجمت ميدانياً بإطلاق سراح الجندي الأسير عيدان ألكسندر بما يعكس رغبة الحركة في دفع مسار وقف إطلاق النار إلى الأمام.
أضاف: “ترجمت هذه المرونة بإطلاق سراح الجندي الأسير عيدان ألكسندر وفق الجهود التي بذلت لوقف إطلاق النار، وفتح المعابر وإدخال القوافل الإغاثية لشعبنا في قطاع غزة، الذي يعيش حالة إنسانية صعبة جداً نتيجة الحصار وانعدام مقومات الحياة، في ظل عجز المجتمع الدولي ومؤسساته الحقوقية عن فعل أي شيء”. وأوضح طه أن “الحركة تأمل في أن تنجح هذه الخطوة، خلال الساعات القادمة، في فتح الطريق أمام مفاوضات شاملة، تفضي إلى وقف إطلاق نار دائم، وانسحاب كامل لقوات الاحتلال، وبدء عملية الإعمار، والتوصل إلى صفقة شاملة للأسرى، وصولاً إلى معالجة كافة القضايا التي خلفها العدوان”.
جهاد طه: الإفراج عن ألكسندر
يعكس رغبة “حماس” بدفع مسار
وقف إطلاق النار إلى الأمام
وكشفت مصادر مصرية مطلعة على ملف مفاوضات الصفقة الشاملة للأسرى، عن توجه وفد إسرائيلي إلى القاهرة اليوم الثلاثاء، يضم منسق أعمال الحكومة في الأراضي المحتلة غسان عليان ورئيس الموساد ديفيد برنيع لبحث تفاصيل متعلقة بمسارات دخول الشاحنات الانسانية إلى قطاع غزة وتنسيق عملية تأمين وصولها داخل القطاع، بالإضافة إلى وضع تفاصيل وترتيبات لوجستية متعلقة باتفاقات جرت أخيراً في الدوحة.
وكانت صحيفة وول ستريت جورنال قد نشرت أمس الاثنين أن إسرائيل سترسل وفداً تفاوضياً رفيع المستوى إلى القاهرة، من أجل الدفع باتجاه إتفاق لوقف إطلاق النار، يشمل إطلاق سراح مزيد من الرهائن، وضمان دخول المساعدات إلى غزة بعد أكثر من شهرين من الحصار المشدد. ونقلت عن مسؤولين أن التحرك الإسرائيلي جاء استجابةً لضغوط أميركية مكثفة بعد خطوة “حماس”، في وقت تتزايد فيه المطالب الداخلية في إسرائيل بإبرام صفقة شاملة تشمل جميع المحتجزين. ومن المتوقع أن تشهد القاهرة في الأيام المقبلة جولة حاسمة من المفاوضات، بدعم قطري وأميركي مباشر، في محاولة لإرساء هدنة مستدامة وفتح الطريق أمام تفاهمات سياسية أوسع.
وفي أول تعليق رسمي، أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن ترحيبه بالإفراج عن عيدان ألكسندر، مشيداً بما وصفه بـ”الخطوة المهمة” نحو خفض التصعيد وتحقيق تقدم في ملف المفاوضات. وقال ترامب، في منشور على منصته للتواصل الاجتماعي “تروث سوشال” أمس الاثنين، أن الإفراج عن عيدان ألكسندر “خطوة حسنة النية تجاه الولايات المتحدة وجهود الوسطاء، قطر ومصر، لإنهاء الحرب الوحشية وإعادة جميع الرهائن الأحياء ورفات من توفوا إلى أحبائهم”. وأضاف: “يسعدني أن أعلن أن عيدان ألكسندر يعود إلى عائلته. شكراً لكل من ساهم في الوصول لهذه اللحظة التاريخية”. وعبر عن أمله أن تكون هذه هي أولى الخطوات لإنهاء ما وصفه بالصراع الوحشي”، مشيراً إلى أنه يتطلع إلى يوم الاحتفال. وأضاف: “لن نرتاح حتى يعود كل الأميركيين المحتجزين. هذه لحظة يجب أن نبني عليها من أجل وقف إطلاق نار دائم، وعودة آمنة للأسرى، وبدء إعادة الإعمار في غزة. وسنواصل العمل بلا كلل مع حلفائنا في المنطقة لتحقيق ذلك”.