مقالات

إلى أي «قمر» ينوي نتنياهو توسيع حرب الإبادة؟

“المدارنت”
يُذكر لمسؤول السياسة الخارجية السابق في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، تصريح ساخر وثاقب، تعليقاً على قرار دولة الاحتلال الإسرائيلي إجلاء أكثر من مليون فلسطيني لجأوا إلى مدينة رفح في قطاع غزة، تحت وطأة غارات إسرائيلية وحشية لم توفّر طفلاً ولا امرأة ولا شيخاً من المدنيين الفلسطينيين في سائر القطاع. يومها تساءل بوريل: «سيخلون المنطقة، إلى أين؟ إلى القمر؟».

ولعل بوريل يُستعاد اليوم في التعليق على قرار مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي بتوسيع العمليات العسكرية البرية، التي استأنفها جيش الاحتلال في قطاع غزة منذ آذار/ مارس الماضي بعد نقض اتفاق وقف إطلاق النار، وسبقه إعلان رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير إصدار عشرات الآلاف من أوامر الاستدعاء لقوات الاحتياط. فإلى أين ينوي بنيامين نتنياهو وحكومته التوسع برّاً، أكثر من المساحات الراهنة التي يحتلها من القطاع؟ وأي أسلحة فتاكة لم يستخدم بعد؟ وما الذي تبقى أمام جيشه من جرائم حرب لم تُرتكب بعد؟
وهذا قرار لا يفضحه المنطق البسيط وحده، متمثلاً في جولات الفشل المتعاقبة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والعجز عن تحقيق أي من الأهداف التي أعلنها نتنياهو، ابتداء من القضاء التام على حركة «حماس» في القطاع، وليس انتهاء باستخدام القوة العسكرية لتحرير الرهائن الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية.
يفضحه أيضاً ذلك التقدير العسكري المهني الذي طرحه زامير نفسه أمام مجلس الحرب الإسرائيلي، ونُشر علانية وليس تسريباً أو تناقلاً، وانطوى على التحذير من احتمال فقدان الرهائن خلال عمليات توسيع الحرب براً، وجاء فيه بالحرف: «في خطة المناورة الكاملة، قد لا نصل بالضرورة إلى المختطفين. يجب أن تأخذوا في الاعتبار أننا قد نفقدهم». كذلك كان زامير واضحاً ومنذراً: «لقد حددتم هدفين للحرب، والواحد منهما يتعارض مع الآخر».
لكن الغاية الأبرز والأكبر التي تلتفّ على الهدفين معاً هي أجندة نتنياهو في إطالة أمد الحرب هرباً من استحقاقات قضائية وتهم بالفساد وإساءة الأمانة، وتفادياً لانهيار ائتلافه الأكثر يمينية وعنصرية وتطرفاً وفاشية في تاريخ الكيان الصهيوني. وهذا أيضاً هو «القمر» الذي يواصل نتنياهو التطلع إليه في تنويع حرب الإبادة يوماً بعد آخر، وفي توسيع نطاق إشغال الإسرائيليين بها إلى لبنان وسوريا واليمن وإيران، ولا يتورّع في هذا عن توريط إدارة دونالد ترامب وكبار مسؤولي البيت الأبيض على شاكلة مستشار الأمن القومي المعزول مايك والتز.
وكل هذا في وقت يشهد تصاعد الاحتجاجات ضدّ نتنياهو لدى العديد من شرائح المجتمع الإسرائيلي، مدنيين وعسكريين، وتفشل قبب الاحتلال الحديدية في اعتراض صاروخ يمني سقط قرب مطار بن غوريون. ولا عجب أن يدعو رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك، الذي يحدث أنه أيضاً مجرم حرب موصوف، إلى «عصيان مدني جماعي حتى إسقاط نتنياهو واتخاذ مسارات قضائية لإجباره على التنحي، لعدم الأهلية».
هذه أيضاً «أقمار» كلٌّ على فطرته الإجرامية.

رأي “القدس العربي” اليوم
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى