مقالات

اتفاق ترامب و(ميليشيا) الحوثيّين.. هل استثنى “إسرائيل”؟

“المدارنت”
في إعلان مفاجئ، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أول أمس، الثلاثاء، إن الحوثيين «استسلموا» وأن الضربات الأمريكية في اليمن ستتوقف. الرئيس الشغوف بإعلان انتصاراته بشكل دراماتيكي بسّط الحدث بوصفه ما حصل بأن الجماعة اليمنية «قالوا: نرجوكم لا تقصفونا بعد الآن، ونحن لن نهاجم سفنكم»!
بعد تصريحات ترامب بقليل، أعلنت الجهة الوسيطة، ممثلة بسلطنة عُمان، عن الخبر بطريقة أخرى حيث قالت إن جهودها الدبلوماسية بين الجهتين أسفرت عن التوصل الى اتفاق على ألا «يستهدف أي من الطرفين الآخر، بما في ذلك السفن الأمريكية في البحر الأحمر وباب المندب، وبما يؤدي لضمان حرية الملاحة، وانسيابية حركة الشحن التجاري الدولي».
قدّمت الجماعة اليمنية، أمس الأربعاء، بدورها نسختها الخاصة عما حصل فقال كبير مفاوضيها محمد عبد السلام إن الاتفاق الذي حصل هو «مع الجانب الأمريكي» وهو يتضمن التوقف عن «استهداف السفن الأمريكية»، ولكنه «لا يشمل استثناء إسرائيل من العمليات بأي شكل من الأشكال».
حديث ترامب عن أن الاتفاق يشمل «باب المندب والممرات وبعض المناطق الأخرى» كان ملتبسا، بعكس صيغة الشرح العُمانية التي أكدت على أن الاتفاق سيضمن حرية الملاحة وحركة الشحن التجاري الدولي، لكنها لا تتضمن ما أعلنه الحوثيون من «استثناء إسرائيل».
المعنى الحرفي لحديث الحوثيين، بالتالي، هو أنهم سيستمرون في مهاجمة السفن الإسرائيلية، كما سيستمرون في مهاجمة الدولة العبرية بطرق أخرى، وهو ما ظهر فعلا مع إعلان جيش إسرائيل، أمس الأربعاء، اعتراض مسيّرة «أطلقت من جهة الشرق»، وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أكثر تحديدا بالقول إن الطائرة «أطلقت من اليمن»، وتبع ذلك إعلان هيئة البث العبرية أن صاروخا أطلق من اليمن في اتجاه إسرائيل و«سقط خارج حدودها».
على الأرض، تبدو الأعمال الحربية بين الطرفين مستمرة، فاليمن ما يزال يُحصي خسائر الهجوم العنيف الذي شُنت آخر غاراته في اليوم نفسه لإعلان الاتفاق، واستهدفت مواقع حيوية رئيسية مثل ميناء الحديدة ومطار صنعاء الذي تدمّرت جميع قاعاته ومدارجه، كما تدمرت 7 طائرات مدنية فيه، مما تسبب في توقف الرحلات الجوية المدنية، والرحلات الأممية والتابعة للمنظمات الإنسانية العاملة في اليمن، وأدت لخسائر قدرت بخمسمئة مليون دولار.
بهذا المعنى، يمثّل استمرار تبادل الهجمات بين إسرائيل والحوثيين في ظل إعلان توقف الأعمال العسكرية بين أمريكا والجماعة اليمنية تطوّرا لافتا يشير، إذا تم الالتزام به، استراتيجية أمريكية تحاول، حاليا على الأقل، إعطاء الأولوية لمصالح واشنطن في اليمن، والخليج العربي، والمفاوضات مع إيران، وفصل هذه الملفات المعقدة، عن الأجندة الإسرائيلية المباشرة، في غزة والضفة الغربية، أولا، ثم في الملفّات الأخرى، وعلى رأسها، على ما يبدو، ملفّ البرنامج النووي الإيراني (وربما الملفّ السوري).
تبدّت أول معالم هذا التمايز مع محاولة آدم بولر، المبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص لشؤون الرهائن في وزارة الخارجية الأمريكية، في التفاوض مع «حماس» لإطلاق الرهائن الأمريكيين، وهو ما أثار غضب إسرائيل وأدى لاحقا لإقالته، غير أن هذا تبدّى مجددا في استدعاء ترامب المستعجل لنتنياهو إلى «البيت الأبيض» في 8 نيسان/ابريل الماضي ومفاجأته بإعلان الدخول في مفاوضات مع إيران.
حسب صحيفة «يسرائيل هيوم» المقرّبة من نتنياهو، فإن الأخير عبّر في محادثات مغلقة عن إحباطه من خطوات ترامب في الشرق الأوسط، وأن خطوات الرئيس الأمريكي العملية «لا تتطابق مع تصريحاته» حول إيران وسوريا. يشير هذا «التمايز» بين الخطوات والتصريحات، إلى فوارق بين الأجندتين الأمريكية والإسرائيلية ناجمة عن حاجة ترامب إلى «انتصارات» بعد التداعيات الخطيرة التي أدت إليها قراراته الاقتصادية الأخيرة، وهو ما قد يؤدي إلى خرق قريب في المفاوضات مع إيران.
يشير ذلك أيضا إلى الأهمية التي يُوليها ترامب لزيارته القريبة المقبلة إلى دول الخليج العربي، والصفقات الاقتصادية وربما السياسية التي يأمل في إنجازها هناك، وكالعادة، فإن الرئيس المحبّ للإثارة استبق ذلك بإعلان «جائزة ترضية» للعرب بالقول أن بلاده ستعتمد تسمية الخليج بالعربي بدلا من الفارسي!

رأي “القدس العربي” اليوم
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى