مقالات

الأردن: القضاء هو المرجع و”إسرائيل” هي مصنع الإرهاب!

“المدارنت”..
«لا يلقى ولا يبقى الكثير من الورد في ساحة المذبحة»… تلك عبارة يحتاج الكل الأردني لتأملها والوقوف عندها مطولا مادامت المجزرة الدموية تجري قرب أكتافهم.

ومادامت اتفاقية السلام أو ما يسمى باتفاقية وادي عربة ليست أكثر من ورقة يعلوها الغبار وملقاة في متحف، وهو بالمناسبة تعبير استخدمه وزير الخارجية أيمن الصفدي.
المذبحة تقرع كل أجراس الإنذار، وذبح الأطفال والنساء في خيم النازحين في قطاع غزة حدث أردني بامتياز، سواء قال الإسلاميون بالأمر أم أنكرته الحكومة.
الحفاظ على معادلة البقاء الأردني وتجنب شر المشروع الصهيوني الإسرائيلي المتطرف يتطلب الحرص والانتباه من جميع الأطراف في الحكم والمعارضة.
واجب الحكومة إقناع الشعب بأن اتفاقية السلام لا تزال فاعلة وضامنة لئلا يتوسع المشروع الإسرائيلي على حساب الأردنيين، وواجب المعارضة فهم عقل الدولة وكيف يفكر؟
نقول ذلك ونحن نراقب حجم النقاش والجدل الذي اجتاح منصات التواصل مؤخرا على هامش التأزيم مع الإسلاميين.
الأردن لاعتبارات يفهمها الجميع لا يمكنه التحول إلى ساحة صراع أو السماح بتلقي نتائج الصراعات. والشعب الأردني قلق ويريد ضمانات ولا يصدق بأن التوسع الإسرائيلي سيقف عند حدود سوريا أو غزة.
صحيح السلاح يتوجب أن ينحصر دائما في يد الدولة… لا نقاش بالأمر لكن الصحيح أيضا أن ساحات العدو لم تعد تعترف بالآخر، وهو يلقي بوردة.
لابد من استذكار كل الإطار القيمي الذي يعيد التأكيد على أن الأردني لا هوية له خارج نظامه السياسي ومؤسسات دولته مكسب كبير ودائم، وأي سياق يغرد خارج السرب ويخدش هيبة الدولة وصلابة الأمن الداخلي عليه أن يحاسب قانونيا.
مجددا الأردن القوي الصلب المتماسك مكسب كبير للشعب الفلسطيني والمؤسسات الرسمية، والدستورية الأردنية هي صاحبة الولاية والحق الوحيد في تقرير متى تبدأ الحرب ومتى يبدأ السلام، وفي استخدام السلاح وفي منع أي محاولات حقيقية وجذرية للمساس بالأمن الوطني.
هذه الاعتبارات في حاجة إلى تأمل جديد وحوار وطني أعمق مما حصل في مسارات التحديث السياسي، وأبعد من مجرد انتخابات بصرف النظر عن مستوى نزاهتها، ومن فاز فيها أو خسر مقاعدها، والطاولة الوطنية تستوجب الآن جلوس الفرقاء والتحدث بصراحة ليس عن استراتيجيات الوقاية من أطماع المشروع الإسرائيلي اليميني المتطرف الذي لا تحتاج الدولة لإقناعها به، فهي ترصده يوميا قبل حتى المعارضين والحراكيين، ولا يحتاج الحراكيون وأبناء الشعب الأردني لإنكاره من جهة أي مسؤول أو دائرة رسمية بالمقابل.
الحوار هو الحل ليس فقط لوضع استراتيجيات وطنية والحرص على حماية صلابة الجبهة الداخلية ومصالح الدولة، بل للتفاهم تعريفات ينبغي أن تخضع للنقاش.
لابد من تعريف المصلحة الوطنية، ولابد من فهم عقل الدولة لمشاعر المواطن ومخاوفه وهواجسه، ولا بد لعقل المواطن بالمقابل بذل جهد أكبر في احترام موازين الدولة وتوازناتها، وتقدير قدراتها على التصدي والاشتباك والمواجهة وتأمين وحماية المسارات الوطنية.
لا مبرر إطلاقا للتشنج والسماح بحملات تشكيك ببعضنا البعض ينتج عنها مشكلات تتجاوز إشكالية «الغرور» بعدما ظهرت مؤشراته عند بعض التيارات.
لا مبرر للصمت على المحاولات المريضة لتقليب القيود المدنية ودفاتر العائلة والحفر في أصول ومنابت المتهمين أو للصمت على دعوات إعدامهم التي تستبق قرار القضاء المستقل النزيه، أو تلك الطروحات التي تحاكم قبل المحكمة بناء على الأصل والمنبت. المتهمون في القضية الأخيرة أردنيون لهم كامل الحقوق الدستورية وغيرها.
مواطنون ينبغي ويتوجب أن يحاكموا كأردنيين، وعلى الحكومة واجب الانتباه لئلا تسمح للنمل والذباب الإلكتروني الساذج أو المندس بأن يفت في عضد الدولة، أو يشوه مضامين ودلالات دولة المؤسسات وهيبة القانون.
تعودنا في الأردن أن القضاء هو صاحب الكلمة النهائية، وأن المحكمة هي التي تدين وتبرئ والقيمة المضافة لنا كمجتمع، هي تلك التي تجعل الدولة دوما تتعامل مع المواطنين والرعايا بمسطرة واحدة هي مسطرة القانون والدستور.
دون ذلك الحديث عن مخططات إرهابية ينبغي أن يأخذ باعتباره أصل الحكايات وجذرها.
إسرائيل هي مصنع الإرهاب في الكون ووجودها ورم سرطاني ينتج أطنانا من المتطرفين، والشعب الأردني يعاني من عقود جراء توسع الورم الخبيث، وليس مطلوبا منه إلقاء وردة على المعتدي.
العدو متغطرس وهمجي يقلق راحة الأردنيين، وهو يسترسل في قتل أطفال ونساء غزة.
نفهم أن للدولة حساباتها ونفهم أن القضاء هو المرجع والحسم، وهو جهة الاختصاص في الاقتصاص والمحاسبة والردع ونتضامن طبعا ودوما مع كل مناشدات بقاء الأردن نظيفا خاليا من المندسين والمتآمرين.
لكن نفهم في المقابل بأن الشعب الأردني مرهق وقلق وأن الاجتهادات التي كانت تتصدر في الماضي تغيرت بعدها المعادلة.
مبعث القلق الوحيد والأساسي هو الجريمة الإسرائيلية وتداعياتها.
طبعا استعمال القلق كمبرر للتخريب الداخلي سلوك أحمق لا يخدم إلا الورم وأصحابه، لكن المجرم العدو لا تليق به الورود.

بسّام البدارين/ “القدس العربي”
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى