الأردن.. «تكامل عربي» في حظر «الإخوان»؟
“المدارنت”
فعّلت السلطات الأردنية، أمس الأربعاء، قرارا قضائيا كان قد صدر قبل أربع سنوات يعتبر جمعية «الإخوان المسلمين» جهة غير مرخصة ومحظورة، وذلك بعد أيام على كشف خلية ينتسب بعض أفرادها إلى الجماعة، واتهمتها الحكومة بـ«التخطيط لتنفيذ أعمال إرهابية».
يُنهي القرار مرحلة سياسية تاريخية أردنية بدأت مع ترخيص الجماعة عام 1946 باعتبارها الذراع شرق الأردني للجمعية التي نشأت في مصر عام 1923، وكانت الجماعة، لفترة طويلة، جزءا مهما من «النظام الأردني» الذي تحالف مع هذا التيار الإسلامي – العربيّ في مواجهة المدّ القوميّ الذي مثّله الصعود الكاسح للرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر في القرن الماضي، وكذلك في مواجهة المدّ اليساريّ، وخصوصا منه الراديكاليّ الماركسي الذي تصاعد نفوذه ضمن حركة المقاومة الفلسطينية.
بعد وفاة عبد الناصر (1970) وسقوط الاتحاد السوفييتي (1991) تتابع الانحدار التاريخي للأيديولوجية القومية ورموزها، أمثال السوري حافظ الأسد (2000) والعراقي صدّام حسين (2003) والليبي معمر القذافي (2011) ومع انطلاق ثورات 2011 العربية، تهيأت فرصة صعود للإسلاميين وجدت ذروتها التاريخية بتولّي «الإخواني» محمد مرسي الرئاسة في مصر (2012) ومشاركتهم في السلطة في تونس والمغرب وليبيا، لكن هذه اللحظة التي ترافقت مع موجة الثورات العربية، والتي وسعت الآمال بانتشار أكثر تمثيلا وديمقراطية للتيارات السياسية المختلفة في العالم العربي، ما لبثت أن قُمعت بسرعة، مع تولّي الجيش للسلطة في مصر (2014) وانتخاب الرئيس التونسي قيس سعيّد (2019) الذي بدأ بعدها الانقضاض على منجزات الديمقراطية التونسية ككل، واستهداف جمعية «النهضة»، ذات الطابع الإسلامي، على وجه الخصوص.
رغم ما يشاع عموما عن هيمنة مفترضة لـ»المركز المصري» للإخوان على مقدّرات الفروع العربية للتنظيم، فقد شقّت تلك الفروع، في كل بلد من البلدان العربية اجتهاداتها السياسية الخاصة المتأثرة بالظروف المحلية لكل بلد، على ما نراه في «النهضة» التونسية، و«العدالة والتنمية» المغربي، وكذلك ضمن التنظيمات المتقاربة التاريخ والتوجهات في العراق وسوريا ولبنان وموريتانيا والسودان الخ.
الأرجح أن إشكالية الدولة الأردنية مع «إخوانها» نابعة من هذه الخصوصية المحلّية للجمعية أكثر من علاقتها بما يسمى «التنظيم العالمي»، وبالتحديد في علاقة «الإخوان» الأردنيين بحركة «حماس» (التي أعلن تأسيسها عام 1987 ويُقال أن تأسيسها جرى في الأردن) والتي كان بعض قادتها مقيمين في الأردن، مثل إبراهيم غوشة (منذ الستينيات) وخالد مشعل (الذي انتقل إليها من الكويت عام )1990، وموسى أبو مرزوق الذي عاد إليها من الولايات المتحدة عام 1992 (ثم أبعد إليها مجددا عام 1995) وصولا إلى إغلاق مكاتبها عام 1999، وإبعاد هؤلاء من الأردن.
استعادت بعض الاتهامات التي وجهت إلى «خلية الـ16» الأردنية هذا الجانب ذي الحساسية الأمنية الشديدة في الأردن، ولم تسهم التصريحات التي أدلت بها الجماعة الأردنية في تخفيف هذه الحساسية بالحديث عن أن المتهمين تحركوا بشكل فردي، وأن خططهم لتصنيع صواريخ ومسيّرات هدفها «دعم المقاومة الفلسطينية»، كما استجاب القرار لمطالب دول عربية مثل الإمارات ومصر لحلّ الجماعة.
«يتكامل» القرار إذن مع «الدائرة العربية» للحظر، لكنه يتناظر، في الوقت نفسه، مع النموذج المغربي المعتدل الساعي لفصل التيار الإسلامي المحلّي، الممثل في الأردن بحزب «جبهة العمل الإسلامي»، عن الجماعة الأم (كما جرى السعي لفصلها بقوة عن «حماس») فالحزب المذكور ممثل في البرلمان بواحد وثلاثين عضوا (قرابة 32 في المئة من المجلس) كما أن «العدالة والتنمية» المغربي يمتلك نسبة مقاربة في البرلمان، وهو ممثل في الحكومة.