عربي ودولي

“الأسواق” نعرف ترامب.. سيضطر للتراجع!

“المدارنت”..
منذ تسلم (الرئيس الأاميركي دونالد) ترامب منصبه رئيساً، حيث وقع في اليوم الأول على 100 أمر رئاسي، كانت هناك أمور واضحة. الأول أن ترامب يمكنه إخضاع أي شخص في أميركا لإرادته، بفضل اندماج سيطرة مطلقة على حزبه، وسيطرة على الشبكات الاجتماعية، لكنه لا يستطيع جعل الأسواق تفعل ما يريده. الأسواق ليست شخصاً يفرض رُعبَه عليه، بل هي ملايين الأشخاص المنفصلين، الذين في معظمهم مجهولون ويتصرفون باستقلالية.

قبل شهر، كتب هنا أنه إذا كان هناك ما يمكنه وقف ترامب، فهو سوق السندات. أمس، بدأت السندات الحكومية في أمريكا تنخفض بشكل حاد، وخلال بضع ساعات جمد ترامب كل الضرائب التي فرضها، باستثناء العبء البالغ 10 في المئة على جميع دول العالم، وربما أيضاً الصراع مع الصين. الأمور غير واضحة أن إعلان تجميد الجمارك، نقله ترامب للعالم بتغريدة في شبكة “تروث سوشيال” التي يسيطر عليها، التي ارتفع سعر الأسهم فيها أمس بعد الإعلان 20 في المئة.
الأمر الآخر الواضح أن الجمارك التي أعلن عنها ترامب قبل أسبوع في “يوم التحرير” غير منطقية، إلى درجة أن تبين لكثيرين بأن الجدول المفصل الذي عرضه يجب أن يكون تمريناً آخر لفرض الفوضى والتشويش على العدو لإجراء مفاوضات، وأنه رغم العجز التجاري في الولايات المتحدة مقارنة مع دول أخرى -غير ثابت ويحتاج إلى تعديل الجمارك التي فرضها ترامب- ستؤدي بالتأكيد إلى ركود كبير في الولايات المتحدة وارتفاع الأسعار والتضخم وانخفاض مستوى المعيشة، وهي النتيجة التي لن يوافق عليها معظم الجمهور الأمريكي، بما في ذلك ناخبو ترامب.
عملياً، هذا نهج ثابت لترامب، سبق وطرحه ووصفه صهره جاريد كوشنر: البدء بالتصريحات ونقاط انطلاق تقريباً غير منطقية، وإصابة الطرف الثاني بالإرباك، ثم عقد الصفقات. ترامب يفعل ذلك دائماً. مثل الإعلان بأن الولايات المتحدة “ستأخذ” قطاع غزة، وستنقل السكان إلى أماكن أخرى وستبني ريفييرا هناك. هذا لن يحدث، لكنه يقول لحماس: “أنا مستعد لتأجيل خطة الطرد. ولكن أعطوني المقابل”.
القضية أن الأسواق هي الأخرى تعرف نهج ترامب. لذلك، لم تكن على قناعة بأن الجمارك التي أعلن عنها سيتم فرضها حقاً. هذا هو سبب انخفاض الأسهم في الأسواق 4 – 5 في المئة كل يوم، وليس دفعة واحدة، لأنه السوق فحصت رد ترامب على الانخفاض يومياً.
الآن بعد أن أجل ترامب مسألة الجمارك لتسعين يوماً، وفي رد الأسهم والسندات الحكومية، تم عرض ارتفاع حاد تاريخي كل يوم غير مسبوق منذ أزمة الرهن العقاري الثانوي في 2008. السؤال المطروح هو: هل هذا إلغاء أم تأجيل فقط؟ رجال بنك غولدمان زيكس مثلاً، يعتقدون أنه إلغاء، وبناء على ذلك فقد أعادوا التنبؤ الاقتصادي من العام 2005، من الركود إلى النمو الإيجابي.
أيضاً البورصات التي ترسل رسالة مشابهة (ارتفاع 10 في المئة في المؤشرات في غضون بضع دقائق، التي تعيد إلى المستثمرين أكثر من نصف الخسارة في “قضية الجمارك”) تبدو مفهومة إذا فسر التجار والمستثمرون تصريح ترامب بأنه “صافرة تهدئة”. لأن من يؤمن بأن ترامب سيعيد موضوع الجمارك بعد ثلاثة أشهر، لن يشتري أسهم آبل وتسلا وانفيديا ومايكروسوفت بزيارة سعر تبلغ 10 – 15 في المئة، كما سجل أمس في البورصات.
أكثر من أي جمرك أو من أي رقم، فإن نفس الفوضى التي يخلقها ترامب، سيستمر في الإثقال على الأسواق والاقتصاد الواقعي والقدرة على اتخاذ القرارات من قبل مديري الشركات في أرجاء العالم. ربما تعود الأسواق إلى الارتفاع، لكنه ضرر لن يستطيع ترامب إصلاحه.

إيتان افريئيل/ “هآرتس”
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى