الإفلات من العقاب..!
“المدارنت”..
لم يكن باستطاعة “إسرائيل” ممارسة هذا التوحّش في قطاع غزة ولبنان والضفة الغربية المحتلة، وممارسة حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، والآن ضد الشعب اللبناني، لولا أنها خارج المساءلة والعقاب.
ولم يكن بمقدور إسرائيل أن تمارس القتل وعمليات الاغتيال واستهداف المدنيين لولا أنها تشعر بأنها طليقة اليدين وقادرة على أن تفعل ما تشاء، وقتما تشاء.
ولم يكن بمقدور إسرائيل أن تنتهك القوانين الدولية والإنسانية وقرارات الشرعية الدولية، وقرارات محكمة العدل الدولية القاضية بوقف العدوان والانسحاب من الأراضي العربية المحتلة لولا أنها ترى نفسها فوق القوانين، وقادرة على تحدي العالم والمجتمع الدولي.
ولم يكن بمقدور إسرائيل أن تتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه، وحقه في العودة وإقامة دولته المستقلة بموجب القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، لولا أنها تستطيع أن تقول للعالم إن قراراته لا تساوي الحبر الذي كتبت به.
ولم يكن بمقدور إسرائيل أن تعمل على توسيع رقعة الحرب وتهديد أمن المنطقة والعالم لولا أنها ترى أن لديها القدرة على تجاوز كل الخطوط الحمر من أجل تحقيق أهدافها في التوسع والتهويد والاستيطان وفرض الأمر الواقع على المنطقة بما يلبي إيديولوجيا التطرف الذي يتملك الفكر الصهيوني لدى حكومة بنيامين نتنياهو.
لم يكن بمقدور إسرائيل أن تفعل كل ذلك لولا أن الدول الغربية توفر لها الغطاء السياسي والدعم العسكري والمالي، وتغض الطرف عن جرائمها كي تفلت من أي عقاب، ولولا أن هذه الدول ترى أن ما ترتكبه إسرائيل من حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني هو «دفاع عن النفس»، ولولا أن هذه الدول تمارس سياسة تضليل وازدواجية في المعايير بين ما تمارسه إسرائيل من جرائم بحق الإنسانية وبين ما تدعيه من دفاع عن حقوق الإنسان وتمسك بالشرعية الدولية.
إن الإفلات من العقاب، في القانون الدولي الإنساني، يعني عدم تقديم مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان إلى العدالة، وهذا بحد ذاته يشكل نكراناً لحق الضحايا في العدالة والإنصاف، وهو ما ينطبق على أعضاء الحكومة الإسرائيلية اليمينية التي تمارس عمليات إبادة وارتكاب جرائم ضد الإنسانية، حيث يمارسون مع بعض الدول الغربية ضغوطاً على المحكمة الجنائية الدولية، لمنعها من إصدار قرارات تدعو لملاحقة قادة إسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
إضافة إلى ذلك، فإن هناك تجاهلاً دولياً لتطبيق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يسمح لمجلس الأمن أن يقرر «ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به أو كان ما وقع يعتبر عملاً من أعمال العدوان»، وأن يقدّم توصيات «أو يلجأ إلى القيام بعمل عسكري أو غير عسكري لحفظ الأمن والسلم الدوليين».
إن إفلات إسرائيل من العقاب يُفضي إلى ارتكابها المزيد من جرائم القتل والإبادة وتهديد السلم العالمي، ما يدل على أن نظام العدالة الدولية يخضع لمعايير سياسية تتحكم بها الدول الكبرى لمصلحة “إسرائيل”.