التطهير العرقي في فلسطين.. الإبادة في الفكر السياسي الصهيوني.. الجزء (1-3)
“المدارنت”..
نفذت الحركة الصهيونية أكبر عملية تطهير عرقي عرفها التاريخ من أجل تحقيق كيان يهودي مزعوم في فلسطين، ومارست إرهابها المتواصل ضد الشعب العربي في فلسطين لإكراهه على ترك بلاده وهجر أراضيه، حتى تبقى لهم الأرض خالية من السكان.
فكرة الإبادة متجذرة في الفكر السياسي الصهيوني، إذ أكد المفكر الصهيوني البريطاني إسرائيل زانجويل، في كتاباته الأولى (1917) على ضرورة طرد العرب وترحيلهم، فيقول: “يجب ألا يُسمح للعرب أن يحولوا دون تحقيق المشروع الصهيوني؛ لذا لا بد من إقناعهم بالهجرة الجماعية وإما طردهم بحد السيف”.
وكانت فكرة نفي الوجود الفلسطيني بتشتيته قد عبَّر عنها مناحيم أوسيشكين أحد قادة الاستيطان عام 1930 بقوله: “من المحتم بالدرجة الأولى، أن تكون جميع أراضي فلسطين أو معظمها ملكًا لشعب إسرائيل.. وبدون حق ملكية الأراضي لا تكون فلسطين يهودية أبدًا”.
في الملصق الشهير لعصابة أرجون
“الحل الوحيد” هو إقامة “إسرائيل”
بالقوة على ضفتَي نهر الأردن
أما الزعيم الصهيوني فلاديمير جابوتنسكي (1940) فأكد على وجوب ترحيل العرب بالقوة، لأن ترحيلهم شرط أساسي لقيام الدولة؛ فقال في رسالة بعث بها إلى السناتور الأمريكي جراسنبيرغ عام 1930 إنّ “تأسيس أكثرية يهودية في فلسطين يجب أن يتم عنوة عن إرادة الأكثرية العربية الموجودة في البلاد.. وسيرعى عملية إنجاز هذه الأكثرية جدار حديدي من القوة اليهودية المسلحة لتحرير فلسطيـن بحـد السيـف”.
ونادى جابوتنسكي بأمرين جوهريين ضروريين وهما تعلّم اللغة العبرية والتحدث بها، والضرب بقوة وبقسوة وقطع رقاب الفلسطينيين.
واعتبر يوسف فايتس (1972) المدير الأسبق لدائرة الاستيطان في الصندوق القومي اليهودي أنّ الإنسان العربي الفلسطيني حجر عثرة أمام تحقيق المشروع الصهيوني، وأنّ عمليات وصفقات شراء الأراضي قد اصطدمت عشرات المرات بمعارضة الفلسطينيين الذين تم ترحيلهم عن بيوتهم.
وقال فايتس في البند المؤرخ بيوم 20 ديسمبر/كانون الأول عام 1940 من يومياته: “لا بد أن يكون واضحًا لنا عدم وجود متسع لشعبين يعيشان معًا في هذه البلاد، وليس ثمة من وسيلة سوى نقل العرب من هنا إلى البلدان المجاورة.. نقلهم جميعًا، ويجب ألا تبقى قرية واحدة أو قبيلة واحدة”.
وفي الملصق الشهير لعصابة أرجون ومكتوب عليه بالعبرية “الحل الوحيد” يُقصد بالحل الوحيد كما توضحه الخريطة والبندقية المرسومة فوقها هو إقامة إسرائيل بالقوة على ضفتَي نهر الأردن – أي فلسطين وشرق الأردن – ويرجع تاريخ هذا الملصق إلى سنة 1946.
وكان الزعيم الصهيوني ديفيد بن غوريون قد أدرك مع نهاية سنة 1946 أنّ البريطانيين كانوا في طريقهم إلى المغادرة، وأخذ يعمل مع مساعديه على وضع استراتيجيه عامة يمكن تطبيقها ضد السكان الفلسطينيين في اللحظة التي يغادر البريطانيون البلد، وتمثلت هذه الاستراتيجية في الخطة (ج).