مقالات

الحجّ إلى غزّة.. الفلسطينيّون أضحية العالم!

“المدارنت”
كان فلسطينيّو غزة، رغم وقوعهم تحت الاحتلال الإسرائيلي الذي لم يتوقف عن شن الحروب عليهم، يحاولون، ما استطاعوا، أن يتغلّبوا على ظروفهم الصعبة، وأن يوازوا أشقاءهم في الضفة الغربية والشتات العربي، والمسلمين في العالم: السعي للحج إلى بيت الله الحرام، ومعايدة الأهل والأقارب، وإبهاج أطفالهم بالثياب والأحذية الجديدة والألعاب، وزيارة الأسواق والمطاعم والملاهي (وقبور أمواتهم) وتقديم الأضاحي.
هذا هو العيد الرابع الذي يمرّ على الفلسطينيين في ظل المقتلة المفتوحة ضدهم التي يقترب عدد ضحاياها بسرعة من 200 ألف بين قتيل وجريح ومفقود، ويقترب الباقون، الذين يطاردهم العدوان الإسرائيلي من مكان نزوح لآخر بأشكال من القصف والرعب، من وضعية مجاعة فرضها حصار الاحتلال الإسرائيلي للمعابر ومنع دخول الأغذية منذ شهر آذار/ مارس الماضي.
قوبلت محاولات الفلسطينيين الطبيعية لتثبيت وجودهم في أرضهم، وكيانهم في ثقافة العالم، بسعي إسرائيلي حثيث وممنهج لإخراجهم من عالم البشر والهوية الإنسانية، وصولا إلى رفع مطالب الانتقام الإسرائيلية، بعد عملية 7 تشرين أول/أكتوبر إلى خطط صريحة للتطهير العرقي، وانفلات لغرائز الإبادة التي وصلت حد تطبيق المجاعة على أكثر من مليونيّ غزّي.
تحوّلت غزة أيضا إلى مكان لحجّ الساعين لكسر الحصار من ناشطي العالم وتقترب سفينة «مادلين» إحدى سفن «أسطول الحرية» التي يبحر على متنها 12 شخصا لا يحملون سلاحا ولا حماية من شاطئ غزة لتقديم أنموذج شجاع لمحاولة كسر حصار الجوع والقتل الإسرائيلي على القطاع.
تحمل السفينة مساعدات إنسانية عاجلة لأهالي غزة، من حليب الأطفال والطحين والأرز والمستلزمات الصحية النسائية ومعدات تحلية المياه واللوازم الطبية والأطراف الصناعية للأطفال.
كان الحجاج، على اختلاف أديانهم، في العصور السابقة، يعانون أشكال المخاطر للوصول إلى مرادهم، وهي مخاطر انحسرت بشكل كبير، أما «حج» ناشطي العالم إلى غزة، وبعد أصناف من الحرب البيروقراطية ضدهم مع تصاريح الإبحار وشركات التأمين الدولية، فيواجه بشكل مباشر آلة الحرب الإسرائيلية التي تدرس حاليا كيفية منعهم من الوصول إلى غزة.
تأسست المأساة الفلسطينية كنتيجة لحربين عالميتين: الحرب الأولى التي شهدت الاحتلال البريطاني لفلسطين، والحرب الثانية التي شهدت تأسيس دولة إسرائيل ونكبة 1948، ونتيجة هذا الاشتباك المعقد بين إسرائيل وفلسطين تحوّلت هذه القضية إلى أمثولة للعالم تلتقي فيها المتناقضات والمظلوميات.
تابع جيش العدوان الإسرائيلي قتل أهلها بغارات جوية وقصف مدفعي منذ فجر أول أيام عيد الأضحى، وأعلن رئيس أركان جيش الاحتلال المصادقة على «خطط عملياتية جديدة» وأقام الفلسطينيون صلاة العيد على أنقاض بيوتهم ومساجدهم.
في عيد الأضحى، بين «حج» الناشطين العالميين إلى غزة، واستمرار المقتلة الإسرائيلية، أصبح الفلسطينيون أمثولة عالمية، وتحوّلت غزة نفسها، إلى أضحية للعالم.

المصدر: “القدس العربي”
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى