مقالات

الحركات الشعبية وآفاق فعالياتها النضالية!

د. عبد الناصر سكرية/ لبنان

“المدارنت”..
يتميز الواقع العربي بظروف استثنائية معقدة تجعل من الواقع الشعبي مكبلا بكثير من القيود التي تعرقل أو تقلل من فعالية النضال الشعبي..
1 – اول تلك القيود الاستثنائية انقسام المجتمع العربي الواحد الى أقاليم منفصلة مستقلة عن بعضها بقرار من المستعمر المحتل وليس بفعل الواقع المجتمعي ذاته أو بفعل تطوره التاريخي..
ان تقسيم الوطن العربي الى دول إقليمية  يعمل كل منها  في تمييز ذاته  ومصالحه عن بقية الاقطار العربية أدى الى نشوء قضايا خاصة بكل بلد عربي منفصلة او مستقلة عن قضايا البلاد الأخرى إن لم يكن متناقضة معها في كثير من الاحيان.. وهذا أدى بدوره إلى تفتيت الحركة الشعبية العربية وجعل منها أجزاء متفرقة تجد نفسها في كثير من القضايا والإهتمامات الملحة والأساسية؛ في معزل عن الأجزاء الأخرى أو في موقف يحمل أوجه تناقض مصلحي ظاهري وعابر مع تلك الأجزاء..
وكان هذا كافيا ليضعف من فعالية النضال الشعبي العربي في مجاله القومي وبالتالي، في نطاقه الوطني الضيق..
2 – غياب اي مشروع عربي يحمل في رؤيته تصورا متكاملا للوضع العربي ويرى المصير العربي كوحدة متكاملة يأتي الأمن العربي العام كجزء أساسي فيه يحمي الامن الوطني ويدعمه ويصونه..يتفرع عن هذا الغياب؛ الإفتقار إلى قيادة عربية ذات كفاءة ومميزات تؤهلها لدور نضالي طليعي يعمل في إطار مفهوم موحد للمصير والأمن  العربيين..
وهذا ما سمح ببروز قيادات محلية ذات طابع وطني – اقليمي في المستوى الشعبي وقيادات ذات طابع إقليمي – فئوي بعيد حتى عن مستوى الالتزام بالقضايا الوطنية نظرا لارتباط وجوده بالسلطة الإقليمية وإرتباط مصالحه بما هو خارج الوطن أو الأمة.. وهذه القيادات جميعا أسهمت في إفقاد الحركات الشعبية الكثير من فعاليتها النضالية حينما توجهت إليها بخطاب فئوي جزئي محدود لا أفق له قوميا..
3 – فشل أغلب الحركات الحزبية العربية في رؤية الأفق القومي القابع خلف او في أساس أية قضية وطنية رئيسية أو فرعية..فإستغرقت جميعها في إطارها الإقليمي فحبست جماهيرها في نطاقها المحلي الضيق بما أبعدها عن التكامل والتفاعل مع الحركات الشعبية الأخرى؛ ما أدى إلى إفقادها زخم البعد القومي وبالتالي، خسارتها للكثير من فعالياتها النضالية..
ففي حين أن البعد القومي يوفر لكل قضية وطنية محلية مجالا شعبيا ونضاليا أرحب بكثير وافعل؛ فإن تعميق النظر في تلك المسائل الوطنية يصل بالتأكيد الى رؤية جذرها القومي وإرتباطها بشكل أو آخر بالوجود القومي ووحدة المصير القومي..فكل غياب لسيادة القانون في أي جزء؛ يتصل مباشرة بالمسالة القومية من حيث هي إطار نضالي جامع لتأسيس دولة العرب الواحدة التي يسود فيها القانون والعدل وتكافؤ الفرص.. كذلك في مواجهة القهر المفروض والتبعية الشرطية الملازمة للوجود الإقليمي ذاته؛ فإن العمق القومي هو المقصود بالقهر وبالتبعية للحيلولة بينه وبين اقامة مجتمع التحرر والإستقلال..
4 – الإحتلال العسكري المباشر لكثير من الأرض العربية من قبل أطراف النظام العالمي الرأسمالي الذي إستطاع إغتصاب فلسطين ليقيم دولة الصهاينة لتكون أداته العسكرية والأمنية لقمع ومنع كل محاولة عربية للتحرر والتوحد والتقدم.. والتي سرعات ما صهينت معها كثيرا من أبناء وأعضاء الجسد العربي، ما أدى ويؤدى إلى إعاقة تطور الحركات الشعبية وحجب عنها الكثير من الفعالية النضالية..
5 – إدخال مشاريع إقليمية في نسيج المجتمع العربي تحت شعارات دينية بمضمون مذهبي تقسيمي شعوبي معاد لهوية الشعب.. فكانت بالبعد الديني – المذهبي عائقا مهما أفقد الحركات الشعبية عمقها الديني – التوحيدي وبالتالي أفقدها فعاليات نضالية هامة وراح يستنزفها في معارك جانبية أخذت من طاقاتها وجهدها الكثير..
6 – أما العولمة الرأسمالية ذات المضمون المادي الفردي الإستهلاكي؛  فقد شكلت ذراعا متقدما للمشروع الإستعماري فكان أخطر ما فيها إستحواذها على إهتمامات الأجيال الشبابية وإلهاؤها بكل ما هو شكلي وسطحي وتافه بعيدا عن أية قيم أخلاقية وإهتمامات عامة وطنية كانت أم قومية أم حتى إجتماعية.. الأمر الذي افقد الحركات الشعبية عنصرها البشري وعمادها النضالي الذي هو شباب الوطن والأمة.. وأفقدها بالتالي، جوهر إندفاعاتها النضالية وقدرتها على التأثير والفعل..
7 – وتأتي ظروف القهر الذي يصنع الخوف والقلق على المصير ثم ظروف الحياة المتقهقرة التي تصنع هواجس الخوف من المستقبل وتعمق القلق على المصير ليس الوطني أو القومي وإنما الشخصي والأسري أيضا.. مما أخرج أعدادا كبيرة جدا من الطاقات الشعبية من ساحات العمل النضالي حينما صادر منها المقدرة على النضال أو حتى التفكير فيه أو النزول إلى ميادينه.. الأمر الذي زاد في إنحسار وتراجع الحركات الشعبية وتقلص فعالياتها النضالية..
8 – إنصراف أعداد متزايدة من النخب العربية إلى إهتمامات فرعية وهامشية أدت وتؤدي – بقصد أو غير قصد – إلى إصطناع معارك جانبية تثير حساسيات كثيرة من شأنها خلق فتن وشرذمة في الطاقات  والجهود بدلا من تركيز الإهتمام والبحث والتفكير في مشكلات الواقع الراهن الملحة والتي تؤدي إلى تجميع الطاقات بدل بعثرتها وتوحيد الصفوف بدل تشتيتها.. وهو أيضا ما يضعف الفعالية النضالية لأية حركة شعبية بما يصرفه عنها من طاقات بشرية وبحثية ثقافية وفكرية وحركية..
9 – وعلى الرغم من كل تلك المعوقات والثغرات؛ لا تزال الحركات الشعبية العربية تستقطب أعدادا غفيرة جدا من الطاقات النضالية تتوزع إمكانياتها وإهتماماتها في شتى مجالات الحياة والنضال.. طاقات تضحي وتفكر وتبحث عن أفضل الطرق للتحرر من القهر والظلم ومن التبعية والإحتلال.. تفكر وتسعى وتعمل في كل ميدان ولا تزال تبذل وتجاهد وتبني وتدافع عن حق امتها وأوطانها في الحرية والعدالة وسيادة القانون.. وهي طاقات نضالية واسعة الإنتشار؛ عظيمة الهمة وكثيرة البحث والتفكير والتضحية.. ولكن فعالياتها النضالية لا تنتج ما تضعه من أهداف لحركتها وعملها.. وتبقى مشكلتها الأساسية التي تضعف فعالياتها الثورية النضالية هي إفتقارها إلى تجربة تنظيمية متطورة حديثة مناسبة.. مما يمنعها حتى الآن من إقامة مؤسساتها التنظيمية التي توفر لها فعالية نضالية أرقى وأكبر..
 10 – وتأتي قضية فلسطين لتكون قضية العرب الأولى والمركزية.. ليس بسبب أماكنها الدينية ولكن بسبب تاريخيتها الحضارية وجغرافيتها الإستراتيجية وهويتها العربية.. فكيان العدو ليس إلا ذراعا عسكرية مسلطة على رقاب العرب.. كل العرب وكل عربي حتى لو لم يكن مهتما بفلسطين وقضيتها ومستقبلها..
وقضية فلسطين بقدر ما هي متفجرة ملحة نازفة؛ بقدر ما هي قضية وطنية – قومية..يندرج فيها الوطني بالقومي لينتج إهتماما عربيا شاملا يجعل منها قضية العرب المركزية..وهذا يبين بالفعل والممارسة أن العمق القومي لايّ قضية وطنية هو الذي يعطيها أهميتها ويرفع درجات الإهتمام الشعبي بها..
وهو ما ينبغي ان ترتكز عليه وتنطلق منه وعلى اساسه كل الحركات الشعبية العربية لتزيد من فعالياتها النضالية حتى تستطيع تحقيق ما تصبو إليه من أهداف وطنية وقومية..
إزاء هذا الواقع ما العمل؟ كيف يمكن تفعيل دور الحركات الشعبية وزيادة قدراتها النضالية العملية والتنظيمية؟
بالمقارنة مع شعوب الأمم الأخرى؛ لا سيما الغربية حيث تتمتع الحركات الشعبية بفعاليات أكبر؛ فإن هذه الشعوب لا تعاني مما تعانيه أمتنا العربية.. من تقسيم الكل الموحد إلى أجزاء منفصلة.. فهي تعيش مرحلة إكتمال شخصيتها القومية وهويتها الخاصة فلا تعاني من مشكلات إثبات وجودها كامة موحدة.. ولا تعاني شعوبها من قهر السلطان ولا تخاف على مصيرها إن هي إعترضت على موقف  أو رفضت سياسة ما او حتى تظاهرت ضد مجمل سياسة نظمها الحاكمة.. كما لا تحمل هما معيشيا لها ولأبنائها وبالتالي فهي في منأى عن اية أخطار فيما لو إعترضت وتظاهرت.. وجميع هذا غير متاح للانسان العربي وبالتالي، للحركات الشعبية العربية..
وعلى الرغم من كل ذلك تبقى الحاجة ملحة جدا لتأخذ الحركات الشعبية العربية دورا أكثر فعالية واكثر قدرة على الإنجاز والتحقيق.. فما تعيشه أمتنا ليس أقل من حرب عالمية إستعمارية شاملة على وجودها القومي والوطني معا.. حرب تحمل عدوانا شاملا ساحقا على كل مقوماتها وقيمها ومضمون شخصيتها الحضارية المتمثلة في هويتها العربية وبنائها التاريخي القائم على قيم الإسلام الحضارية..
إن العدوان الصهيوني – الإستعماري على شعب فلسطين ليس إلا حرب إبادة شاملة وإقتلاع شعب بكامله من أرضه ووطنه.. فهو عدوان على كل عربي وعلى الامة ذاتها. ومصير العرب يتقرر الآن في فلسطين سلبا أو إيجابا تبعا لنتائج المعارك العسكرية وقدرة الطرف الشعبي العربي على الصمود والمقاومة وعلى استثمار تضحيات شعب فلسطين الاسطورية وتوظيفها لتحقيق مكاسب سياسية تقرب من يوم النصر العظيم باندحار دولة الصهاينة ومشروعها الاستعماري..
كيف يمكن ذلك إذن؟!
إن تصدي القوى الشعبية بكل أشكالها التنظيمية لمشكلات الراقع الراهن الذي تعاني منه جماهير الأمة إنما يشكل المدخل الاساس لاستعادة فعاليتها النضالية، وبالتالي، قدرتها على الصمود والإنجاز وحماية مصالح الناس وحقوقهم..
إن إلتحام القوى السياسية الشعبية بالجماهير والتعبير عنها بصدق؛ هو طريقها إلى تفعيل دورها وصولا إلى المرحلة التي تقود فيها التحركات الشعبية، توجهها وتحقق لها الإنجازات..
إن أخطر إنجاز يمكن ان تحققه الحركات الشعبية حاليا يتمثل في  الحفاظ على إستقلاليتها ووضوح رؤيتها للمستقبل وإلتزامها بالقضايا الشعبية دون تفريط أو متاجرة..
وحتى تستعيد الحركات الشعبية فعاليتها النضالية عليها أن تخوض معاركها النضالية في الميادين التالية:
1 – المقاومة الشاملة للعدوان الصهيوني – الإستعماري الذي يشكل خطرا وجوديا على الامة.. إنطلاقا من الإلتزام بأولوية قضية فلسطين، باعتبارها ساحة الحرب المتفجرة التي تفجر الساحات الأخرى وتمدها بأسباب الضعف والإنهيار..
2 – التصدي لسلطان القهر والظلم والطغيان كقضية وطنية ملحة تستمد فعاليتها من قدرتها على تحرير الإرادة الشعبية من التكبيل وتحرير النفوس من الخوف ورهاب القتل والتجويع والإعتقال..
3 –  التصدي لكل أشكال الفتنة والإنقسام ببيان الخفيات المريضة والممرضة لكل دعوة إنقسامية أو فتنوية تشرذم جهود المخلصين وتبعثر ساحاتهم فيما يستنزف طاقاتهم النضالية في معارك هامشية أو وهمية مصطنعة فيتقدمون على طريق مسدود يصل بالجميع إلى الهاوية..
4 – مواجهة آفات العولمة وغزوها الثقافي والأخلاقي الذي يدفع مجتمعاتنا إلى التفكك والتردي وفقدان الفاعلية بمجرد فقدان التماسك.. وفقدان التوجه السليم لمجرد ضعضعة القيم الأخلاقية وإنتشار السلوك المعولم المنحرف..
إن غلبة الذاتية والمادية والتفكير الإستهلاكي على سلوكيات وعقول الأجيال الشبابية ، بفعل غزو العولمة الرأسمالية؛ وحدها تكفي لمصادرة فعالية الحركات الشعبية وقدرتها على الإستمرار والفعل..
آن أخطر انواع الفتنة التقسيمية يتمثل راهنا بالعصبيات المذهبية والإنقسام المجتمعي على أساسها.. وتحديدا الإزقسام السني – الشيعي الذي تعمل قوى آقليمية بأدوات محلية ورعاية دولية؛ على تفجيره وتغذيته وتأسيس أدواته الحركية وفعالياته التنظيمية..
 – وسائل عملية للمواجهة:
أما حركيا فإن الحركات الشعبية العربية تعاني من أمرين يكمل أحدهما الآخر، وصولا إلى إضعاف  فعاليتها  النضالية.
– الاول يتمثل في تواطؤ كل أصحاب النفوذ والسلطان محليين وخارجيين للقضاء على أية حركة شعبية مخلصة ما لم تكن ذات توجهات شعوبية – تقسيمية معادية للعروبة ومرتهنة للنفوذ الأجنبي..
– الثاني يتمثل في غياب أيّ قاعدة محورية تتبنى النضال الشعبي وتدعم الحركات الشعبية. فلا دولة قاعدية ولا قائد يخاطب الجماهير فيحركها ويفعل دورها ويصوب توجهاتها..
وإذا أضفنا إلى هذين العاملين العامل الثالث المكمل وهو غياب الإطارات التنظيمية التي تقود الحركات الشعبية وتفعلها  لقصور ذاتي في تجاربها التنظيمية وهيكلياتها الإدارية؛ ندرك إلى أي مدى تفتقد الحركات الشعبية فعاليتها النضالية..
إن المهمة النضالية الأولى والأكثر إلحاحا على عاتق الحركات الشعبية العربية الراهنة تتمثل في:
أولًا: تنظيم صفوفها وإستكمال بنيتها التنظيمية الملائمة للظروف الراهنة والقادرة على تعبئة طاقاتها والإنخراط في العمل الشعبي بكافة ميادينه ومتطلباته..
وما لم تتمم هذه المسؤولية فإن فعاليتها العملية سوف تبقى ضعيفة محدودة الأثر ..
ومنها تتفرع المسؤوليات المتممة:
ثانيا: الإنضباط في رؤية نضالية متكاملة تدرك اهمية إختيار ميادين العمل وموضوعاته دونما ألإلتهاء بالمواضيع الجانبية والمعارك الهامشية مهما يكن إغراء الخوض فيها ملفتا.. كما هو الحال في معارك كثيرة يثيرها مثقفون نخبويون منفصلون عن الواقع الشعبي ؛ مرتهنون للنفوذ الأجنبي أو  مغفلون أو متعالون متبرئون من هويتهم وإنتمائهم الوطني والقومي ..كمعارك الحداثة والتنوير وتفكيك التراث والغاء دور الدين وما شابهها من معارك…
ثالثا: الرؤية الإستراتيجية لكل قضايا النضال الوطني بمعرفة خلفياتها وإمتداداتها المحلية والخارجية.. وآفاقها القومية بما يجعل منها مجالا واسعا لتنسيق حركي – إداري بين الحركات الشعبية وتكامل أنشطتها النضالية وفق برامج عمل مرحلية محددة تستقطب أكبر عدد من الطاقات الشعبية والشبابية خصوصا..
رابعا: التوفيق بين القضية القومية المركزية في فلسطين وبين القضايا الوطنية لكل بلد أو ساحة.. وحل مشكلة ما يبدو من تناقض مصلحي بين هذه وتلك.. وهو ليس إلأ تناقض آني عابر ناتج عن عدم وضوح الرؤية بما يكفي لإدراك الصلات العميقة بين كل قضية وطنية وقضية التحرر القومي المركزية والمتمثلة في تبني قضية فلسطين وتبني الدعوة التوحيدية في آن واحد.
خامسا: تطهير الصفوف من المرتهنين لأي شكل من أشكال النفوذ المحلي أو الإقليمي أو الدولي وتقديم القيادات الشبابية المنبثقة من صفوف النضال الشعبي ومعاركه الحياتية اليومية ضد القهر والظلم والفساد..
سادسا: المشاركة في صناعة وعي حقيقي يدرك أبعاد وخلفيات الحرب العالمية الشاملة على الوجود العربي ومقوماته.. هذه الحرب التي صنعت الطغاة وتحميهم في عدوانهم المستمر على الفئات الشعبية وقواها العاملة الحية..وعي يتولى إيضاح الترابط والتكامل بين ما هو قومي وما هو وطني وحياتي.. وعي يرتقي بالفهم القومي للحرب الدائرة إلى الإرتباط التام بقضايا المواطن الحياتية اليومية وقضايا الوطن وإنقاذه من الطغاة والغزاة والعصاة..
سابعا: إخراج المقاومة للمشروع الصهيوني – الإستعماري – بإعتبارها حلقة رئيسية تربط كل قضايا النضال الوطني والحياتي-  من إطاراتها المكبلة لها:
الاول إطارها الإقليمي فلا تبقى محصورة في الأداء  الفلسطيني أيا تكن توجهاته..
الثاني: إطارها المذهبي – الديني لترجع مجالا فسيحا لمشاركة شعبية حقيبة شاملة وفاعلة..
الثالث: إطارها العسكري حيث الحاجة متجددة إلى تصويب فهمها لتعود مقاومة مدنية وحضارية شاملة تشارك فيها كل الفئات والحركات الشعبية..
ثامنا: العمل في كل إتجاه وبكل إمكانية متاحة وينبغي توفيرها من أجل دفع العمل الوطني الفلسطيني إلى الإتحاد والتكامل في المؤسسات المناسبة والتي تلبي طموحاته وتعبر عنه بصدق وإخلاص..
إن وحدة العمل الوطني الفلسطيني ضرورة ملحة لفلسطين ولكل النضال العربي في المرحلة الراهنة وفيه ومعه لكل نضال وطني في كل ميدان وساحة.. وتلك مهمة وطنية فلسطينية كما أنها مهمة أمام كل عربي حر شريف يبذل فيها ما يستطيع من قول وفعل وحض وتحريض وتقريب وإصلاح..
وطالما أنه ليس في الإمكان راهنا الإعتماد على أيّ قاعدة عربية  تتبنى النضال الشعبي؛
وطالما أن قيادة شعبية من وزن تاريخي لا تبدو متحققة في الأفق المنظور؛
فلا بديل عن الحركات الشعبية لتستعيد أدوارها النضالية وتفعل إمكانياتها ومشاركاتها والتزاماتها حيال الشعب والوطن والأمة.. ولن تستقيم لها وفيها أمورها ما لم تولي المسالة التنظيمية – التوحيدية أولوية ملحة..
وعلى كل حركة شعبية في أي موقع نضالي العمل على إستقطاب أكبر قدر من الطاقات الشبابية وكل فعالية إيجابية ناشطة مؤثرة..
على كل الحركات الشعبية إبعاد أية خلفيات حزبية أو شخصانية أو فئوية حينما تتصدي لإقامة عمل جبهوي بات مطلوبا بإلحاح شديد جدا في المستوى الوطني ومن ثم في المستوى القومي ؛ قبل أن يتفاقم نفوذ وهيمنة أصحاب المشاريع المعادية من محليين وأجانب..
وحيث أن معارك “طوفان الأقصى”، قد أعادت إحياء دور الحركات الشعبية على مستوى العالم ؛ فإنها لفرصة تاريخية للحركات الشعبية العربية لتنظيم صفوفها وإستعادة دورها وفعاليتها متمحورة أولا حول فلسطين ومن ثم حول قضاياها الوطنية والحياتية..
إن الزمن الذي كانت الحركة الشعبية تمثل مركز الثقل الأساسي في المواجهة والمقاومة والبناء والتقدم يوم أن كانت مصر العربية قاعدتها وجمال عبدالناصر قائدها؛ قد انقضى لتبقى دروسه حية صالحة لكل دعوة شعبية.. فلا بديل عن حرية الإرادة وإستقلالية القرار ونظافة الكف وسلامة القصد وقومية الرؤية.. فيما يضاف إليها بعد تنظيمي أكثر دقة وفاعلية ومشاركة شعبية مؤطرة في مؤسسات ديموقراطية حرة ملتزمة..
لقد بات ملحا جدا أن يضطلع كل عربي حر مخلص شريف بدور ما في سياق نضالات الحركات الشعبية..
وعلى القوى المنظمة تأطير الشباب وترسيم مهمات عملية بمقدور كل مواطن عربي أن يتممها؛ أينما كان وأيا تكن ظروفه وأوضاعه..
ولنبدا معا في ترسيم معالم معركة المقاطعة الاقتصادية وتوسيع المشاركة الشعبية فيها وتوضيح أبعادها ومراميها..
إن حماية ظهر المقاومة في فلسطين مهمة واجبة على كل عربي حر مخلص شريف  أيا تكن الخلفيات السياسية والفكرية لأي طرف.. أما المحاسبة والنقد والتقييم فبعد توقف المعارك وليس أثناءها وإلا تصبح دعما للعدوان ومعاركه المتممة في الحرب النفسية  والتلاعب الإعلامي والتشهير والكذب والتزوير.
أما الانتظار والإكتفاء بمتابعة الأحداث ومراقبتها دونما أية مشاركة في أي شكل من أشكال المقاومة والعمل الوطني؛ فليس من سمات المناضلين العارفين الأوفياء..
فلنكن فلسطينيين الآن جميعا.. ولتكن فلسطين في عقل كل منا وقلبه وبين يديه عملا ووعيا ومشاركة.. فالمصير العربي برمته يتقرر اليوم في فلسطين.

المصدر: “ملتقى العروبيّين”
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى