“الدعم السريع” يخطط لميثاق سوداني جديد وحكومة انفصالية!
“المدارنت”..
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا أعده مراسلها للشؤون الأفريقية ديكلان وولش قال فيه إن الحرب الأهلية في السودان تتجه نحو تقسيم البلاد.
وجاء ذلك وسط تقارير عن إمكانية إعلان ميليشيا الدعم السريع عن خطة لحكومة منشقة، حيث تم استقبال قادة الدعم السريع والترحيب بهم في مناسبة خطط لها بعناية في كينيا.
وقال وولش إن الجماعات الانفصالية في السودان اقتربت يوم الثلاثاء خطوة من الإعلان عن حكومة انفصالية في مناسبة باذخة بالعاصمة الكينية نيروبي.
وقد تم الترحيب بنائب مجموعة الدعم السريع والذي فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات، عبد الرحمن دقلو بحفاوة عندما وصل إلى مركز حكومي وسط العاصمة نيروبي. ولم يتحدث دقلو في المناسبة لكن الحديث عن ميثاق يعني الإعلان عن حكومة موازية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الدعم السريع. ولم يتم التوقيع على الميثاق، حيث قال منظمو المناسبة إنهم بحاجة لثلاثة أيام أخرى للتفاوض على شروط الميثاق مع أحد قادة الميليشيا الآخرين وهو عبد العزيز الحلو الذي جلس بجانب دقلو.
وعلق وولش بأن الاجتماع جاء بمثابة لحظة رمزية مذهلة لقوات الدعم السريع التي اتهمتها الولايات المتحدة رسميا بالإبادة الجماعية الشهر الماضي فقط، وتأتي على خلفية تحول في ساحات المعارك بالسودان، التي تتزامن مع التغييرات في السياسة الخارجية الأمريكية والتحالفات المتطورة في المنطقة.
وقد حقق الجيش السوداني سلسلة من الانتصارات في ساحات المعارك في الأشهر الأخيرة، مما دفع قوات الدعم السريع إلى الخروج من مناطق رئيسية في العاصمة الخرطوم وفي وسط السودان.
وعليه، تأمل قوات الدعم السريع إنهاء سلسلة الهزائم هذه، وتعزيز مطالبها بالحكم، من خلال تشكيل حكومة للجزء الكبير من البلاد الذي تسيطر عليه.
وفي مدرج مزين بالأعلام السودانية، حيث امتلأت صفوف كاملة بالرجال الذين يهتفون ويرتدون العمائم البيضاء، انتقد المتحدثون الجيش وتحدثوا عن رغبتهم في صياغة “سودان جديد”. وقال الحلو، الذي يقود فصيلا من حركة تحرير شعب السودان-شمال وقاتل الحكومات السودانية المتعاقبة لعقود من الزمن من قاعدته في جبال النوبة- جنوب السودان: “نحن بحاجة إلى دستور جديد وصياغة عقد اجتماعي جديد من شأنه أن يحل السؤال الأبدي حول كيفية حكم السودان”. وقدم متحدثون آخرون ميليشيا الدعم السريع بأنها حركة مؤيدة للديمقراطية وبُثت صور عدة لزعيم المجموعة محمد حمدان دقلو من شاشة ضخمة وسط هتافات صاخبة.
كل هذا مع أن التقارير القادمة من السودان تحدثت عن مجازر جديدة. وقال ناشطون ومسؤولون سودانيون إن متمردي الدعم السريع قتلوا أكثر من 200 شخص بمن فيهم رضع خلال هجوم وحشي على قريتين في النيل الأبيض، جنوبي البلاد، حسب “محامو الطوارئ” وهي مجموعة تقوم برصد النزاع. وحدد بيان صادر عن وزارة الخارجية عدد القتلى بـ433.
وفي الأسبوع الماضي، قتل الدعم السريع عشرات في مخيم يواجه مجاعة في غرب دار فور وعاصمته المحاصرة، الفاشر. وقالت المسؤولة في الأمم المتحدة كلمنتاين نكويتا- سلامي إنها “صدمت”من العنف. كما اتهم محامو الطوارئ جيش السودان بشن هجمات “بربرية” على المدنيين، بما في ذلك القتل والاختفاء القسري، عندما كان يطارد المقاتلين المتحالفين مع قوات الدعم السريع في الخرطوم.
وقد اندلعت الحرب في نيسان/ أبريل 2023 عندما بدأ الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، التي استولى قادتها على السلطة في انقلاب، القتال في الخرطوم.
ومزقت الحرب واحدة من أكبر دول إفريقيا وأدت إلى معاناة على نطاق واسع. تسبب القتال في مقتل عشرات الآلاف، وأجبر أكثر من 12 مليون شخص على ترك منازلهم وأدى إلى مجاعة انتشرت في مناطق واسعة، ومن المرجح أن تكون الأسوأ التي يشهدها العالم منذ عقود.
وتضيف الصحيفة أن تجميد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المساعدات الخارجية زاد من المعاناة. وفي الأسابيع الماضية، أغلقت مئات من “مطابخ الحساء” التي يديرها متطوعون وتطعم أكثر 800,000 شخص أبوابها في الخرطوم، بسبب توقف التمويل. وناشدت الأمم المتحدة يوم الإثنين الدول للإسهام في جمع 6 مليارات دولار من أجل الرد على الأزمة.
وتضيف الصحيفة أنه من غير المؤكد نجاح خطة الدعم السريع للإعلان عن حكومة انفصالية. وقد أقر بذلك حتى المتحدثون في مناسبة يوم الثلاثاء. وقال الحلو للحشد إن السودان لديه تاريخ طويل من اتفاقيات السلام الهشة التي “انهارت بسرعة، ثم عادت إلى الحرب”. ومع ذلك، تحتفظ قوات الدعم السريع بدعم مالي وعسكري قوي من داعمها الرئيسي، الإمارات العربية المتحدة، التي تبدو عازمة على منع خسارة وكيلها السوداني للحرب، كما قال العديد من المسؤولين الأجانب الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة التقييمات الحساسة.
وفي 8 شباط/فبراير تحدث قائد الجيش السوداني، الجنرال عبد الفتاح البرهان للساسة السودانيين في اجتماع عقد في مقر الحكومة السودانية المؤقت ببورتسودان بأنه ينوي تشكيل حكومة جديدة يشارك فيها مستقلون ويقودها رئيس وزراء مدني. وتقول “نيويورك تايمز” إنه حتى لو مررت خطة الدعم السريع بإنشاء حكومة انفصالية، فإنها ستكون بمثابة نقطة تحول في الحرب وتعبر عن تعزز في الانقسامات وتقسيم البلاد إلى مناطق متحاربة، تماما مثل ليبيا التي انقسمت بعد نهاية حكم معمر القذافي في عام 2011.
وظهرت صورة الرئيس الكيني ويليام روتو في مركز الاجتماع، وهو ما أثار شكوك المسؤولين السودانيين بدعم كينيا طرفا في الحرب، وبخاصة أن المناسبة عقدت في مقر تابع للحكومة الكينية بالعاصمة نيروبي.
ومن جانب آخر أشارت صحيفة “التايمز” البريطانية في تقرير أعدته مراسلة الشؤون الأفريقية جين فلانغان إلى أن الطرفين المتحاربين في السودان أعلنا عن خطط لمستقبل السودان وعلى خطوط الحرب الأهلية. فقد أعلن الطرفان المتحاربان في السودان عن خطط متوازية لمستقبل البلاد، بشكل يدفعه إلى الانقسام بحكم الأمر الواقع، بعد ما يقرب من عامين من الحرب الأهلية.
وشككت الصحيفة من إمكانية نجاح فكرة الانفصال، نظرا لاستمرار الحرب في مناطق عدة من السودان، كما حدث في ليبيا، حيث نشأت حكومتان تديران جزءا من البلاد ومنذ ما يزيد عن عقد. ونقلت الصحيفة عن كاميرون هدسون، وهو زميل بارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، قوله إن توقيت إعلان حكومة الوحدة الوطنية من جانب قوات الدعم السريع، في الوقت الذي تخسر فيه أراضي رئيسية لصالح الجيش، يجب أن ينظر إليه “بقدر كبير من الشك”. وأضاف: “إنها تحاول أن تحقق على طاولة المفاوضات ما فشلت في تحقيقه على أرض المعركة”.