الرئيس جوزف عون أمام أعضاء “المجلس الدستوري”: مُصمّم على إقرار قانون استقلالية القضاء..
“المدارنت”..
أكد رئيس الجمهورية اللبنانية جوزف عون، خلال اللقاءات التي عقدها في قصر بعبدا قبل ظهر اليوم، “ضرورة الترفع عن كل الصغائر كي يتم تأليف الحكومة لتنطلق عجلة العمل”، معتبرا انه “من أهم أهداف الإستعجال بتشكيلها هو الإسراع في إعادة إعمار المناطق التي تضررت في الحرب الإسرائيلية الأخيرة”.
وشدد الرئيس عون على “أهمية دور المجلس الدستوري في صيانة الدستور”، مضيفا “لولا دور القضاء لأصبحنا في شريعة الغاب”، مؤكدا “تصميمه على المضي قدما في إقرار قانون استقلالية القضاء، وضرورة ان يقتنع كل قاض بأهمية هذه الاستقلالية، وان يعمل القضاة وفق قناعاتهم تجاه المصلحة العامة لا وفق المصلحة الشخصية”.
البطريرك افرام الثاني
وكان الرئيس عون استقبل بطريرك انطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس مار اغناطيوس افرام الثاني على رأس وفد، ضم، الكاثوليكوس المنتخب لرئاسة الكنيسة السريانية في الهند المطران مار غريغوريوس جوزف، متروبوليت بيروت المطران مار اقليميس دانيال كورية، مطران زحلة والبقاع مار يوستينوس بولس سفر، مطران جبل لبنان وطرابلس مار كريسوستوموس ميخائيل شمعون، النائب البطريركي للدراسات السريانية المطران مار سويريوس روجيه اخرس، المعاون البطريركي والنائب البطريركي على ابرشية دمشق المطران مار جوزف بالي، النائب البطريركي على المؤسسات البطريركية والاوقاف في لبنان المطران مار كيرلس بابي، النائب البطريركي لشؤون الكنيسة في الهند المطران مار خويستوفوروس ماركوس، مطران حمص وحماه، المطران متى الخوري والنائب البطريركي للشبيبة المطران اندراوس بحي.
في مستهل اللقاء، اعرب البطريرك افرام الثاني عن سعادته “للمجيء الى قصر بعبدا على رأس وفد من مطارنة الطائفة في لبنان وبلاد الإنتشار بعد إنتهاء الشغور الرئاسي”، وقال: “اليوم نحن امام فرصة جديدة للبنان والمنطقة التي تعيش اوقاتا صعبة وتمر بظروف تاريخية”، وشدد على ان “للبنان مكانة خاصة في قلوب السريان، لان إسمه في السريانية يعني “قلب الله”. ونحن نعتبر لبنان وطنا لكل سرياني أينما وجد”.
ولفت الى أن “الظروف التي إنتخبتم فيها كانت إستثنائية، وهناك وضع حساس من سوريا الى العراق مرورا بفلسطين، وكذلك في لبنان، نتيجة الدمار الكبير الذي حصل بسبب الحرب الأخيرة في الجنوب وأجزاء من بيروت، وستكون لكم فخامة الرئيس يد في البناء واعادة الاعمار”.
واذ أشاد بـ”إلتفاف اللبنانيين الذين تهمهم مصلحة البلد حول رئيس الجمهورية”، اعتبر انه “من الضروري ان تكون كل مكونات الشعب اللبناني متوافقة معكم ومتضامنة مع مسيرتكم، إضافة الى مساعدة الدول العربية والاجنبية”، وطالب بأن “تعطى الفرصة لشباب الطائفة من ذوي الكفايات في هذا العهد الجديد ليكونوا جزءا من نجاح لبنان. ونحن قلبنا موجود هنا وإن كانت المحاصصة القائمة تعيق حضورنا، إنما نحن جاهزون لتقديم خبرتنا وتعبنا. ونأمل الكثير من عهدكم ومن فخامتكم، وتشكيل الحكومة بسرعة ليصار الى تحقيق الأهداف المرجوة. ونحن نكرر تهانينا وتمنياتنا لكم بالنجاح في مهمتكم الصعبة، وان شاء الله يقوم لبنان الجديد بسواعد جميع أبنائه ليعود الى مكانته التاريخية كبلد تنوير في العلم والقيم الإنسانية وكملتقى للحوار والحضارات في هذا العهد”.
الرئيس عون
ورد الرئيس عون مؤكدا ان “السريان مكون اساسي من مكونات الشعب اللبناني. ونحن لا نؤمن بأقلية وأكثرية. لديكم حقوق كما عليكم واجبات، وهذا امر طبيعي، وعلى الدولة ان تؤمن لكم حقوقكم. نريد الكفايات ذلك ان في لبنان ثروة بشرية اهم من الثروة الطبيعية وهي مستدامة”.
أضاف: “لقد بدأنا بإعادة الثقة بين الشعب والدولة ونأمل تأليف حكومة بأسرع وقت تكون ملائمة لتطلعات الشعب على ان نقوم تباعا بمد جسورالثقة مع العالمين العربي والغربي. وهذا ليس بالأمر الصعب إذا ما وجدت نوايا صادقة تجاه المصلحة العامة”.
وأشار الرئيس عون الى “اننا امام تحديات كثيرة ووضع المنطقة مترابط، ولكن لدينا فرصا علينا ان نستغلها لمصلحة لبنان ومستقبله من اجل مستقبل ابنائنا لكي لا يهاجروا. وكما أشرتم في كلمتكم، فإن المجتمع اللبناني بكل أطيافه مدعو الى ان يتحمل مسؤولياته، ونحن نحافظ على رجائنا بهذا البلد”.
افرام الثاني
بعد اللقاء، قال البطريرك افرام الثاني بتصريح: “جئنا اليوم الى قصر بعبدا باسم الكنيسة السريانية الارثوذكسية في لبنان والعالم لتقديم التهاني الى فخامة الرئيس عون على انتخابه وعلى خطاب قسمه، وتقديم دعمنا الروحي في هذا الوقت التاريخي الذي تمر به المنطقة من لبنان الى سوريا والعراق وغيرها من البلدان. انه وقت استثنائي جدا يؤسس لمرحلة جديدة من تاريخ المنطقة وبالتأكيد فان لبنان هو في قلب هذه المنطقة ومن المهم جدا ان يكون اللبنانيون ملتفين حول فخامة الرئيس في هذه المهمة الصعبة. يهمنا جدا ان يكون لنا دور مع كل اللبنانيين في إعادة بناء البلد بعد الحرب المدمرة في الجنوب وأجزاء من بيروت. اليوم هو وقت لاعادة البناء التي لن تتم الا بوجود إدارة قوية من خلال موقع رئيس الجمهورية والحكومة التي ستشكل والتي نتمنى ان تمثل كل أطياف المجتمع اللبناني، وهناك حاجة ملحة لتكون هناك علاقات طيبة مع دول الجوار من عربية شقيقة الى الدول الأجنبية التي ستدعم مسيرة إعادة بنائه بشريا وحضاريا وماديا”.
أضاف: “اننا هنا لنؤكد وقوفنا وأبناء الكنيسة السريانية في كل العالم مع فخامة الرئيس، ونتمنى ان يكون لنا دور من خلال بعض الشخصيات التي لديها إمكانات وجهوزية لخدمة لبنان، فنحن، ورغم تصنيفنا كاقلية، الا اننا نشعر بدور لنا للمساعدة في إعادة الاعمار من خلال الاشتراك في الحكومة والإدارة الجديدة”.
وتابع: “نتمنى للرئيس عون كل التوفيق ونأمل بتشكيل حكومة جديدة قريبا كي تنطلق مسيرة الاعمار في لبنان ومسيرة إعادة الحقوق للبنانيين وخصوصا لجهة العمل على اصلاح المنظومة الاقتصادية والمصرفية كي يستعيد الناس حقوقهم وودائعهم في المصارف اللبنانية. اليوم الشعب اللبناني بحاجة ليصرف على نفسه، ان لجهة تكاليف طلاب المدارس او بالنسبة للمرضى في المستشفيات او غير ذلك. هم بحاجة الى تدبير امورهم ونحن نرى ان هناك ضرورة لان يكون الإصلاح الاقتصادي جزءا من عمل الحكومة. ونجدد تهانينا لفخامة الرئيس واستعدادنا للعمل معه وان شاء الله يكون لبنان نحو مستقبل افضل، كما المنطقة، من لبنان مرورا بسوريا والعراق وفلسطين، التي هي بحاجة الى ان تقوم من جديد بعد عقود من الحروب والفتن والدمار. وصار الوقت ليكون هناك سلام واعمار وامل متجدد”.
والتقى الرئيس عون رئيس الحكومة السابق حسان دياب الذي هنأه بـ”انتخابه رئيسًا للجمهورية”، وتمنى له “التوفيق في قيادة البلاد”.
رئيس المجلس الدستوري
كما استقبل رئيس الجمهورية، رئيس “المجلس الدستوري”، القاضي طنوس مشلب، مهنئا على رأس وفد، ضمّ اليه، القضاة: عوني رمضان، اكرم بعاصيري، البرت سرحان، ميشال طرزي، رياض أبو غيدا، فوزات فرحات، الياس مشرقاني وميراي نجم.
في مستهل اللقاء، تحدث القاضي مشلب فتقدم من الرئيس عون بالتهنئة بإنتخابه، وقال: “أتينا لتهنئتكم، متمنين بعد السنوات العجاف التي مررنا بها ان يكون عهدكم خصبا، وان يتعاون الجميع معكم. ونحن نتطلع إليكم، لا سيما وأنكم تكلمتم في خطاب القسم عن إستقلالية القضاء. لقد حافظتم على الأمن في لبنان يوم كنتم قائدا للجيش على أكمل وجه، وبأسوأ الأوضاع. ونحن نتمنى ان تكون الأمور إيجابية فتتحقق الأهداف كلها التي تصبون إليها كرئيس للجمهورية”.
ردّ الرئيس عون
ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد، وشاكرا لأعضائه تهنئتهم، وقال: “عندما كنت في قيادة الجيش كانوا يسألونني عن مشروعي السياسي، فأجيبهم: أولا، انا لست مرشحا، ولكن إن وصلت الى رئاسة الجمهورية، فأول امر يجب الاعتماد عليه هو القضاء. فإذا توفر للبنان الأمن والقضاء، تسير كل الأمور، بمعنى ان الأمن والقضاء يساهمان في جلب الثقة للإستثمار”.
وشدد الرئيس عون على “أهمية دور المجلس الدستوري في صيانة الدستور”، مشيرا الى ان “رئيس الجمهورية يقسم يمين الحفاظ على الدستور ويقسم اليمين كذلك القاضي. من هنا أهمية دور القضاء الذي لولاه لأصبحنا في شريعة الغاب”.
واكد رئيس الجمهورية، تصميمه على “المضي قدما في إقرار قانون استقلالية القضاء”، مشيرا في الوقت عينه الى “أهمية ان يقتنع كل قاض بأهمية هذه الاستقلالية، وهدفي بناء دولة، لا ان اعمل في السياسة، ولبناء الدولة نحن بحاجة الى تضافر جهود كل القوى في المجتمع وفي طليعتها القضاء”.
وقال: “كل موقع هو مسؤولية وليس مجرد منصب فخري. انتم في سدة مسؤولية مهمة وتعرفون كم هناك من مهام ملقاة على عاتقكم، إذ ليس من الامر البسيط النظر في دستورية او لا دستورية قانون. وحتى بالنسبة الى القضاة على مستوى المحاكم، من مدنية او جزائية، فإن إصدار الأحكام يتطلب من القاضي ان يكون دقيقا وصاحب ضمير، والأهم ان يعمل بإستقلالية ووفق قناعته تجاه المصلحة العامة لا وفق المصلحة الشخصية”.
اضاف: “من اولى الإشارات الإيجابية التي يجب ان نُظهرها للعالم هي تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن، لا ان يتم عرقلة التشكيل في زواريب مذهبية وطائفية وسياسية ضيقة. نحن امام فرص لا يجب ان نتركها تضيع منا، بل علينا الترفع عن كل الصغائر كي يتم تأليف الحكومة لتنطلق عجلة العمل”.
وختم الرئيس عون مشددا على ان “من أهم أهداف الإستعجال بتشكيل الحكومة هو الإسراع في إعادة إعمار المناطق التي تضررت في الحرب الأخيرة. وأنا أتٍ لأخدم، فالموقع الذي انا فيه هو لخدمة الشعب لا لكي يخدمني الشعب”.
رسالة من الملك البريطاني
على الصعيد الديبلوماسي، تسلم الرئيس عون رسالة تهنئة خطية من ملك بريطانيا تشارلز، نقلها اليه السفير البريطاني هاميش كويل. جاء فيها:
“السيد الرئيس، أودّ مع زوجتي، ان اتوجه اليكم بأحر التهاني لمناسبة انتخابكم رئيساً للجمهورية اللبنانية. ان انتخابكم سيؤمّن بقاء العلاقات بين بلدينا قوية ودائمة. ان المملكة المتحدة ولبنان لطالما كانا شريكين قريبين، ويعملان معاً على مسائل عالمية مهمة، اكانت تتعلق بالسلام او الامن او الثقافة او البيئة او تغيير المناخ.
لقد قدرت عاليا قيادتكم للجيش اللبناني خلال الفترة التي عملت الحكومة البريطانية فيها مع المؤسسة العسكرية اللبنانية لضمان الامن والاستقرار في لبنان والمنطقة. واقدر بعمق ايضا، العلاقة التي تربط شعبينا، وافخر بالدعم الانساني المهم الذي قدمته المملكة للبنان خلال العام الفائت، كما انني مسرور بوصول التبادل التجاري بين بلدينا الى مستويات قياسية.
اتمنى لكم كل النجاح في قيادة بلدكم خلال هذه المرحلة المهمة، وابعث اليكم والى الشعب اللبناني، بأطيب التمنيات بمستقبل زاهر”.
وخلال اللقاء، اكد السفير البريطاني وقوف بلاده الى جانب لبنان، واستمرارها في تقديم الدعم في المجالات كافة، “لا سيما في تعزيز قدرات الجيش والقوات المسلحة اللبنانية”، ورأى ان “انتخاب الرئيس عون، يشكل فرصة للبنان للنهوض من جديد بعد الازمات التي عصفت به، وان المجتمع الدولي عموما وبريطانيا خصوصا، سوف يواكبان هذا المسار ويقدمان الدعم اللازم في هذا الاطار.
وتناول البحث الوضع في الجنوب وضرورة تطبيق القرار الدولي 1701، وتنفيذ بنود اتفاق وقف اطلاق النار، بما فيها انسحاب اسرائيل من الأراضي التي لا تزال متواجدة فيها.
وشدد السفير كويل على “اهمية الاستقرار في لبنان، كونه يعيد الثقة به ويفتح الباب امام الاستثمارات الاقليمية والدولية، بما يعود بالفائدة على الوضعين المالي والاقتصادي اللبناني”.
وشكر الرئيس عون السفير البريطاني على الرسالة الملكية التي نقلها، وطلب منه نقل تحياته وشكره الى الملك تشارلز، وتقديره “لاستمرار بريطانيا في سياستها الثابتة تجاه لبنان لناحية دعمه والوقوف الى جانبه في مختلف الظروف، والتعاون القائم في كل المجالات، والمساعدات التي تقدمها للجيش والقوى المسلحة اللبنانية”، وابدى الرئيس عون رغبته في “تعزيز هذه العلاقات وتوطيدها لما يعود بالفائدة على البلدين والشعبين الصديقين”.
المدير الاقليمي للبنك الدولي
واستقبل الرئيس عون المدير الاقليمي للبنك الدولي لادارة الشرق الاوسط جان كريستوف كاريه، الذي هنّأه بانتخابه رئيسا للجمهورية، وعرض معه للمشاريع التي يمولها البنك الدولي في لبنان. كما تطرق البحث الى كلفة اعمار ما هدمته الحرب الاسرائيلية، اضافة الى الكلفة الاقتصادية وفقا للاحصاءات التي توافرت لدى البنك الدولي.
واطلع كاريه الرئيس عون على “عزم البنك الدولي على التحضير لمؤتمر لاعادة الاعمار في لبنان، استنادا الى الخسائر التي لحقت بالقطاعات كافة”. وتم ايضا البحث في مشاريع قوانين القروض التي تتطلب اجازة في الابرام والموجودة في مجلس النواب والتي تتناول قطاعات التربية والطاقة وغيرها، وتقدر قيمتها بـ750 مليون دولار.
واشار كاريه الى “ضرورة تحريك القروض التي جمدت في مجالات عدة نتيجة الظروف السابقة، لا سيما تلك المتصلة بالبنى التحتية”، معربا عن “استعداد البنك الدولي لمساعدة الدولة اللبنانية في مجالات اختصاصه، لا سيما في الاصلاحات المالية والاقتصادية المطلوبة”.
وشكر الرئيس عون كاريه على ما ابداه من استعداد لمساعدة لبنان في المرحلة المقبلة، مركزا على “اهمية اطلاق ورش الاصلاحات التي يحتاجها لبنان في هذه المرحلة”.
برقيات تهنئة
على صعيد آخر، تلقى الرئيس عون المزيد من برقيات التهنئة بانتخابه رئيسا للجمهورية ابرزها من الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس الذي تمنى للرئيس عون التوفيق في قيادة البلاد الى بر الأمان، معربا عن ثقته بانه “ومن خلال جهوده وحكمته سيساهم في استعادة السلام والتفاهم في المنطقة”.
كما ابرق مهنئا العاهل المغربي محمد السادس الذي شدد على “تضامن المملكة المغربية ووقوفها الدائم الى جانب الشعب اللبناني”، آملا ان “يشكل انتخاب الرئيس عون مكسبا للرهان على المسار الديموقراطي، وحافزا قويا لترسيخ مسيرة الوفاق والوئام بين كل مكونات الشعب اللبناني العريق وصيانة سيادة لبنان ووحدته الوطنية”.
كذلك، ابرق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مهنئا، مشيرا الى ان “انتخاب الرئيس عون انما يعكس الثقة في قدرتكم على خدمة بلادكم وقيادتها للامام نحو مزيد من الامن والاستقرار”، مؤكدا “دعم مصر الراسخ والثابت للبنان الشقيق من اجل الحفاظ على مقدراته وسلامة اراضيه في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد”.