تربية وثقافة

“الشخصية الالكترونية” تحت المجهر.. وسائل التواصل مرآة الشخصية الازدواجية

سميرة الغالي / خاص “المدارنت”

يَقصد بوسائل التواصل الاجتماعي، بأنها مجموعة التطبيقيات التكنولوجية الحديثة، التي تعتمد على الشكبة الالكترونية من اجل التواصل والتفاعل البشري، عن طريق الرسائل المكتوبة، او الصوتية أو المرئية والمسموعة، وتساهم في تشكيل ظواهر، وتبني مجتمعات قد تتفاعل وتتنافر، تجتمع وتختلف، تتصارع وتحب وتكره  وفق تشعب  الاهتمامات والاحداث، التي نراها أمام الشاشات، حيث المساحة الحرة للرأي المباشر  تجاه اي حدث او ظاهرة، وقد تكون انت الحدث، حيث القدرة على تشكيل رأي عام عكس وسائل تواصل الجيل المنصرم، كالتلفزيون والاذاعة، حيث المشاركة متاحة لوقت محدد، وضمن شروط المؤسسة الاعلامية.

اضطراب سلوكي، وجوه متبدلة، كتلة من الغضب ولا رضى حيال واقعها، تحب الثناء ولفت الانتباه، قلق وشعور بالدونية، يرافقه اكتئاب في معظم الاحيان، مباشرة مع مغادرتها المنصة الافتراضية. من البرود واللامبالاة الى الاندفاع والحماسة ضمن فترة زمنية متقاربة. حزينة فرحة، اجتماعية منزوية، مؤدبة واحيانا جارحة فظة وعدوانية نوعا ما، تلك هي سمات الشخصية الازدواجية.

مراياها التواصلية عبر تطبيقات عدة، اقنِعتها، معاناتها، وتعبها من نفسها، ثم الاجتهاد نحو الشفاء عبر توصيات نهاية المقال.

تضاربت الأفكار والآراء حول موضوع ازدواجية الشخصية الالكترونية، التي تظهر من خلال تعدد وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي. العديد خلف الشاشات يتكلمون بأسلوب حواري جذاب، لباقة في إختيار  الكلماتـ كما ان البعض يتميز بشخصية قوية مؤثرة تجاه مشكلات العصر، ما قد يهددهم فعلا ويضعهم في مأزق وسلسة من التحقيق وتشعبات من دون حلّ الموضوع الاساس.

وسائل التواصل متاحة لجميع البشر بكل تنوعهم، منصة لعرض ما يجول في الخاطر من ابسط الامور الحياتية الى اكثرها جدلا، في الصفحة الواحدة تصادف مواضيع شتى وصور عدة ، احزان و افراح، موت وولادة ، حرب وسلام، فقر وغنى، بريق ونجومية، سهرات واحتفالات، سيارات ويخوت اي كل ما يتعلق بحياة الفئة الثرية، من رفاهية الحياة، بدءاً بمن موائد الطعام، مرورا بكل مظاهر الحياة، لدرجة يمكننا مشاركة تفاصيل حياتهم اليومية، من مرحلة الاستيقاظ حتى النوم نهاية اليوم الحافل.

الازدواجية = الدونية

تقول المرشدة الاجتماعية ليال حاتم إن “ضعف الشخصية، هو السبب في ظهور الشحصية المزدوجة، بالاضافة الى الشعور الباطن بالدونية، نتيجة تجارب مريرة عانوا منها ولم تعالج نفوسهم. راحتهم في تبديل الاقنعة ورغم فرحهم المبالغ فيه سوء علاقتهم الاجتماعية، وحزن مستتر يعكّر صفو حياتهم البراقة شكلا فقط”.

وتؤكد ليال انها “صادفت في مشوارها المهني أصعب من علة الازدواجية، وتم التعافي، فالموضوع بسيط ويعالج، ان تم الاعتراف بوجوده، فالخطوة الاولى للتعافي تكمن بالاعتراف وابداء النية والالتزام التام بعلاج دوائي وسلوكي في آن، ومن  ثم، المثابرة على اكتشاف نقاط قوة الشخصية، فلكل منا مميزات وقدرات ولا عيب في طلب المساعدة، فلا أحد كامل لكن معافى”.

الازدواجية و سقط القناع

تشير ديالا يونس الاختصاصية في العلاقات العامة وشؤون الموارد البشرية، الى أنه “لا ضرر من التواصل الصحي والحفاظ على تتطابق الشخصية حلف الشاشة مع خارجها، أما في حال تعسر الأمر لا بد من استشارة معالج متخصص وعادة ما يرفض المصاب بالازدواجية الاعتراف بما يفعل من تلقاء نفسه الا عند المواجهة على حدة من شخص محبب ومقرب، قد يرشده ان تفاقم الحال في ابراز ما يتمنى ان يكون عليه شكلا وفقده مضمونا وواقعا، سيزيد الازدواجية تعقيدا”.

و تضيف ان “أي منشور يأخذ جهدا تفكيرياً وطقوساً معينة، فما نراه في ثوان معدودات هو حصيلة جهد ساعات. كل ما في الامر صورة  ذهنية، يريد الناشر مزدوج الشحصية تصديقها وتعميمها لغاية في نفسه.

وتشير الى أنه “سببق لها لقاءات عدة ضمن مجال عملها، بأشخاص عرفتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كانوا نقيض ما اظهروه على شاشات التواصل، حيث يسقط القناع، وبانت علة الازدواجية شكلا و فكرا .”

احترم كل البشر وأعي أن كل منا مزدوج في لحظة او أخرى، فهذا امر بشري طبيعي حيث اننا نظهر اجمل ما عندنا، ثم ان هناك ما يريد اظهار الاسوأ فلكل منا ظروفه الحياتية وأسبابه المؤدية الى ازدواجيته .

المثابرة = الشخصية

التي تحب أن نكون عليها

فما هي الخطوات التى تعزز مفهوم الثقة النفسية لتجنب ظهور سمات وسلوكيات الشخصية الازدواجية؟ يشير الاستشاري في العلاقات الانسانية والاجتماعية احمد سعادة الى خطوات علاجية، ويقدم نصائح سهلة التحقيق: أولا و أخيراً  “كن انت شخصية مميزة حقيقية ايجابية، لا تستسلم، منجزة مثابرة لا تتلكأ لا تماطل ولا تؤجل، تسعى الى تطوير ذاتها وتنميتها تماما كالبذرة”.

ووضح أن “التقليد الاعمى والتصنع في القول والفعل يقلل من قيمتك المعنوية، تجاه صورتك اولا، لانك تعلم جيدا في قرارة نفسك انك ترتدي قناعا، وليس وجهك وشخصية ازدواجية مغايرة عن حقيقتك.

لكل منا شخصية مميزة وموهوبة، اكتشف ما تحب، فهو قوتك إن ثابرت، لا عبر انتظار مدح كمجاملة، بل تقديرا حقيقيا على انجازك، وبالتالي نجاحك حقا،رضى وفرح الانجاز هما توأما الصبر، وعدم الاستسلام للازدواجية المقلقة.

أقرأ و شارك في كل ما يجذبك واتقن اسلوب الحوار والانصات، ولا تنسى ان الغرور والمباهاة واسلوب الفرض، لا يعني قوة الشخصية، فالمصالحة مع النفس هي القوة الاساس، عبر علاج ثغرات النفس التي تعرفها والتي تجهلها، فلا عيب اطلاقا في استشارة مختص عند الحاجة.

المبادرة، المثابرة، ادارة الوقت، عوامل تشكل شخصية مميزة لها شعبية حقيقية مصقولة بالمعارف والخبرات، بعيدا من وهم الشخصية الازدواجية، لان العالم الالكتروني سينتهي فور اغلاق الهاتف او الحاسوب، حيث عودتك الى مرآتك الواقعية باسمك الحقيقي وشكلك، من دون محسنات “الفلتر” فاحبب نفسك كما انت، “فالكمال التام لله وحده”، حتى أن أعظم شخصيات العالم الشهيرة، ليست تامة، لكنها عرفت كيف تتقبل سيئاتها، وتنمي حسناتها، ثم اجتهدت فوصلت.

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى