عربي ودولي

“الغارديان”: مقتل أكثر من 400 فلسطيني خلال ساعات.. فصل أخير في الحرب على المدنيين!

“المدارنت”..
نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا لمحرر الشؤون الدفاعية والأمنية، دان صباغ، قال فيه: “إن الغارات الإسرائيلية على غزة صباح الثلاثاء، هي الفصل الأخير في حرب تميزت بضحايا مدنيين خارج التصور”. وحذر قائلا من أن “القوانين الدولية التي تدعو لتجنب غير المقاتلين، وتجنيبهم الحرب قد تم التهاون فيها أو تجاهلها”.
وقال إن معدل القتل الجديد لم يكن متصورا عندما بدأت إسرائيل حربها ضد غزة، فقد قتل أكثر من 400 فلسطيني، بعد 10 ساعات من استئناف إسرائيل الغارات الجوية يوم الثلاثاء، بمن فيهم ستة أفراد من عائلة واحدة في خان يونس. ولكن من الباكر تحديد كيف تعرض الكثير من المدنيين للقتل في الهجمات الإسرائيلية التي تقول إسرائيل إنها استهدفت فيها قادة عسكريين من “حماس” وقيادات سياسية، لكن على الأرجح فإن المدنيين قتلوا بأعداد كبيرة. فقد سجلت منظمة الرصد “إيروورز” أكثر من 7,000 حادث قتل للمدنيين أثناء 15 شهرا من القتال، وهو نزاع تميز بالقصف المكثف وأثار أسئلة على العقيدة القتالية والتناسب الذي يجب أن يخفض من أثر الحرب على غير المقاتلين.

سجلت منظمة الرصد “إيروورز” أكثر من 7,000
حادث قتل للمدنيين أثناء 15 شهرا من القتال

وتقول إيميلي تريب، مديرة “إيروورز”: “يظهر تحليلنا أن عدد الضحايا هو أبعد من أي شيء شاهدناه في الحملات الجوية خلال العقد الماضي”.
ويستند القانون الدولي على معاهدات جنيف التي تهدف لأن تضبط النزاع المسلح ومن المفترض أن يلتزم بها طرفا أو أطراف الحرب، فالهجمات ضد أهداف عسكرية التي قد تؤدي إلى ضحايا مدنيين تتفوق على منفعتها تعتبر جرائم حرب. وأشار الكاتب إلى أن حماس لم تلتزم بهذه القيود في هجومها على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. لكن الرد الإسرائيلي على الهجمات كان شرسا وأدى إلى مقتل أكثر من 49,000 شخص في غزة – مدنيين وعسكريين – حوالي 59% منهم من النساء والأطفال وكبار السن، وفقا للسلطات الصحية الفلسطينية. هذه الأرقام مرتفعة لدرجة أنها تثير تساؤلات في حد ذاتها.
وعلقت آنا غالينا، المحامية المتخصصة في القانون الإنساني الدولي بمنظمة “غلوبال رايتس كومبلايانس”: “حتى دون النظر في حوادث محددة، يصعب فهم كيفية تخفيف الضرر الواقع على المدنيين وكيفية تطبيق مبادئ التمييز والتناسب”. وفي بعض الحوادث، كان عدد الضحايا المدنيين هائلا. فقد قتل ما لا يقل عن 126 فلسطينيا في قصف مخيم جباليا للاجئين المكتظ بالسكان في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وكان الهدف، في هجوم وقع دون سابق إنذار، هو إبراهيم بياري، القائد الشمالي لحماس وقاعدة تحت الأرض، وفقا للجيش الإسرائيلي، وخلف الهجوم حفرا بعمق 40 قدما. وهناك أدلة عديدة عن تخفيف الجيش الإسرائيلي قواعده للاشتباك. فالتقارير التي نشرتها مجلة “+972″ و”الغارديان” واستندت على مصادر في الجيش الإسرائيلي قالت إنه مسموح بقتل ما بين 10-20 مدنيا في غارة تستهدف قياديا صغيرا و100 مدني لاستهداف قيادي بارز.

في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2023 ضرب الطيران “الإسرائيلي” مجمعا سكنيا قال إنه “نفق إرهابي لحماس” عدة مرات.
وكانت النتيجة حسب إحصائيات إيروورز مقتل 101 شخص
منهم 44 طفلا و37 امرأة و26 رجلا

وفي 25 تشرين الأول/أكتوبر 2023 ضرب الطيران الإسرائيلي مجمعا سكنيا قال إنه “نفق إرهابي لحماس” عدة مرات. وكانت النتيجة حسب إحصائيات إيروورز مقتل 101 شخص، منهم 44 طفلا و37 امرأة و26 رجلا. وحدث نفس الأمر عندما صعدت إسرائيل حربها ضد حزب الله في أيلول/سبتمبر 2024 بعد عام من الهجمات المتبادلة. وقد ذكرت التقارير من بيروت أن 492 مدنيا وعسكريا قتلوا في يوم واحد. وبعد أيام قليلة قتل 73 مدنيا عندما تم تدمير بناية من ستة طوابق في بلدة عين الدلب، وتم تحديد ستة من الضحايا بأن لهم روابط مع حزب الله.
 وقال كريغ جونز، مؤلف دراسة للمحامين العسكريين، إنه في حين أصبحت جيوش حلف الناتو، في الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق جو بايدن، وخاصة في أوروبا، حذرة بشكل متزايد من مخاطر سقوط ضحايا مدنيين، فإن “إسرائيل انحرفت 180 درجة في الاتجاه المعاكس” خلال حرب غزة. وعلى النقيض من ذلك، تقول بريطانيا بأنها حذرة بشكل خاص.
ويقول الجيش البريطاني إنه يتبع سياسة عدم وقوع إصابات بين المدنيين. وعلى الرغم من أن ادعاء سلاح الجو الملكي البريطاني بأن غاراته الجوية تسببت بوفاة مدني واحد فقط خلال الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية إلا أنه تم التشكيك في هذا الزعم مرارا وتكرارا. ومع ذلك يقول المطلعون على الأمر وعملوا سابقا في هذا المجال إن الالتزام بتجنب الإضرار بالمدنيين كان حقيقيا. وقال محام سابق في الحكومة البريطانية: “لو كان هناك شك من إصابات بين المدنيين، فسيتم إلغاء الضربة حتى لو كانت الطائرة في الجو بالفعل”، “لطالما كان الإسرائيليون مختلفين تماما عنا، وهذا يناقش علنا”.
ويزعم الجيش الإسرائيلي أنه يخوض حربا مختلفة وأن حماس قامت بمحو التفريق ما بين المدني والعسكري في حرب غزة. واتهمت إسرائيل الجماعات الفلسطينية بأنها بنت مواقع عسكرية تحت منشآت مدنية مثل المستشفيات. وتساءل محام للجيش الإسرائيلي عن الطريقة التي ستتصرف فيها بريطانيا لو تعرضت للغزو “هذه حرب اعتقدنا أننا سنخسرها. وعندما تكون تحت الهجوم فمن الضروري التخلص من قادة حماس”.
ومن هنا فلم تتوصل لا بريطانيا والولايات المتحدة إلى نتيجة تقول إن إسرائيل خرقت قواعد التناسب في الحرب. وهو ما ورد في رسالة لوزير الخارجية ديفيد لامي إلى مجلس العموم في كانون الثاني/يناير قال “لم يكن من الممكن التوصل إلى تقييم بشأن التزام إسرائيل بمبدأ التناسب”، وعزا هذا إلى ما أسماه غموض الوضع في غزة.
وفي أيار/مايو الماضي، خلصت مراجعة مسربة أجرتها وزارة الخارجية الأمريكية، بناء على طلب بايدن، بشأن ما إذا كانت الدول التي تتلقى أسلحة أمريكية تستخدمها “وفقا للقانون الإنساني الدولي”، إلى استحالة تحديد ذلك لأن “إسرائيل لم تشارك معلومات كاملة” حول عمليات صنع القرار لديها.
وقالت ديربلا مينوغ، محامية حقوق الإنسان في “شبكة العمل القانوني العالمي”: “ما رأيناه هو غياب أي مساءلة عن هذا التوسع الصارخ في مفهوم التناسب وبالكامل. ويمكن تخيل أن ذلك يُخفف من معايير الجيوش الأخرى في النزاعات المستقبلية”.
وفي المقابل كانت إدارة دونالد ترامب، التي تقول إنها استشيرت قبل الهجوم الإسرائيلي الذي وقع ليلة أمس واضحة بدعمها لإسرائيل. في الوقت نفسه، تعيد الولايات المتحدة صياغة قواعدها الخاصة. ففي وقت سابق من هذا الشهر، تحرك بيت هيغسيث، وزير الدفاع، لتقليص مناصب أولئك الذين يعملون على تخفيف المخاطر على المدنيين وتقييمها، وبدأ عملية إصلاح شاملة للمحامين العسكريين الأمريكيين بهدف تخفيف قواعد الاشتباك. وفي يوم السبت، قصف الجيش الأمريكي مواقع للحوثيين في اليمن، مما أسفر عن مقتل 53 وإصابة 98 شخصا، حسب وزارة الصحة في صنعاء، بينهم نساء وأطفال. في المقابل، أفادت التقارير بمقتل خمسة أشخاص وإصابة ستة آخرين في غارات جوية مشتركة أمريكية بريطانية على الحوثيين في منتصف كانون الثاني/يناير 2024. وتشير المؤشرات الأولية إلى أن العقيدة الأمريكية تتغير بالفعل وبشكل عملي.

 قتل الأرواح وتدمير الأمل
وعلقت “الغارديان” في افتتاحيتها بأن انتهاك إسرائيل لوقف إطلاق النار هو تدمير للأمل وللأرواح. وقالت إن بقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مرهون بحرب لا نهاية لها وبتكلفة باهظة على الفلسطينيين والأسرى. وأضافت أن إسرائيل بتحطيمها لوقف إطلاق النار الذي جلب سلاما هشا وإغاثة إلى غزة، حطمت أيضا الآمال الخافتة في ما كان بمتناول اليد.
أضافت أن ما حدث يوم الثلاثاء كان أحد أكثر الأيام دموية منذ الأشهر الأولى من الصراع، الذي اندلعت شرارته بالهجوم الذي شنته حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. وتعلق الصحيفة على مزاعم إسرائيل أنها كانت تهاجم “أهدافا إرهابية”، لكن السلطات الصحية في غزة تقول إن 174 طفلا و89 امرأة كانوا من بين أكثر من 400 قتيل.
وتشير أوامر الإخلاء التي أصدرها الجيش إلى أن هجوما بريا متجددا قد يكون في طريقه للفلسطينيين المصابين بصدمات نفسية والنازحين بشكل متكرر. وحذر نتنياهو من أنها “البداية فقط”، كما أن عائلات الأسرى الإسرائيليين المتبقين تشعر بالرعب والخوف وتهاجم الحكومة لاختيارها التخلي عنهم.
وتقول الصحيفة إن الرعب يولد الرعب، فقد قتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين منذ بدء الحرب، وتزايدت الأعداد حتى خلال وقف إطلاق النار، وكثير منها بسبب منع إسرائيل دخول المساعدات. وقد أقر وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، متأخرا يوم الاثنين بأن ذلك يعد انتهاكا للقانون الدولي، إلا أن المتحدث باسم رئيس الوزراء سارع بتوبيخه.
وتقول إن هذا الهجوم المتجدد أدين على نطاق واسع في أوروبا والعالم العربي. لكن إسرائيل، التي لم تلتفت إلى انتقادات جو بايدن الواهية، تواجه الآن رئيسا أمريكيا طلب منها التوقف للحظة، ويمنحها الضوء الأخضر الآن لاستئناف حملتها وحثها على المضي قدما.
وقد روج دونالد ترامب للتهجير القسري للفلسطينيين، وهي جريمة حرب أخرى. وأفادت التقارير أن الولايات المتحدة وإسرائيل تواصلتا مع مسؤولين في السودان والصومال وأرض الصومال بشأن إعادة توطين الفلسطينيين المهجرين. لم تعد هذه الخطط مقبولة لكونها بعيدة المنال، مضيفة أن خطة السلام العربية كانت بمثابة إعلان واضح عن وجود بديل أفضل. لكن بالنسبة لليمين الإسرائيلي، الذي لن يتسامح مع تطلعات الفلسطينيين إلى إقامة دولة، فإن تدمير الأمل ليس مجرد نتيجة لهذه الحرب، بل هو الهدف. ويجب ألا ينجح هدفهم.

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى