المنطقة على فوهة بركان!
“المدارنت”..
تغيّر المشهد العام في المنطقة بشكل “دراماتيكي” خلال الساعات القليلة الماضية، وتحوّل من حالة البحث عن حلول ديبلوماسية من خلال المفاوضات للحرب “الإسرائيلية” (الإرهابية الصهيونية) على قطاع غزة، إلى حالة متفجّرة قد تؤدي إلى صراع واسع لا يمكن التكهّن بنتائجه، وتداعياته، على الأمن والسلام في العالم.
العمليتان “الإسرائيليّتان” اللتان استهدفتا، خلال عشر ساعات، القائد العسكري لـ”حزب الله” فؤاد شكر (أبو محس،)، في الضاحية الجنوبية لبيروت، ثم رئيس المكتب السياسي لـ”حركة حماس”، إسماعيل هنيّة في طهران، قلبت المشهد رأساً على عقب، بما يؤكد أن الحكومة “الإسرائيلية”، بقيادة (الإرهابي الصهيوني) بنيامين نتنياهو، لا تريد تسوية ولا سلاماً، إنما توسيع رقعة الصراع بما يتجاوز حدودها الحالية، وبالتالي جرّ الولايات المتحدة إليها، التي أعلن وزير دفاعها، لويد أوستن، تعليقاً على العملية التي استهدفت هنيّة في طهران، أن بلاده «ستدافع عن “إسرائيل” إذا هوجمت»، ما يعني أن واشنطن لا يعنيها أن دولة أخرى ذات سيادة انتُهكت حرمة أراضيها، بما يتعارض مع كل القوانين الدولية، إنما الأهم بالنسبة إليها هو حماية “إسرائيل”.
وإدراكاً من دولة الإمارات لخطورة الوضع، فقد أعربت عن «قلقها العميق إزاء استمرار التصعيد وتداعياته على الأمن والإستقرار في المنطقة، ودعت إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والحكمة لتجنب المخاطر وتوسيع رقعة الصراع»، كما أكدت على «تعزيز الحوار والإلتزام بالقوانين الدولية، واحترام سيادة الدول باعتبارها الأسس المثلى لحل الأزمات الراهنة».
لم تكن حكومة نتنياهو، تريد في الأساس التوصل إلى «صفقة» تضع حداً للحرب المدمرة على غزة، وتعيد المخطوفين (الأسرى لدى “حماس”) “الإسرائيليين”، وتطلق سراح أسرى فلسطينيين في سجون الاحتلال، إنما كانت تمارس من خلال المفاوضات المتنقلة بين القاهرة، والدوحة، وروما، المماطلة والتسويف، وفرض شروط جديدة كلّما لاح في الأفق احتمال التوصل إلى اتفاق. ولأن نتنياهو يريد «الانتصار المطلق» الذي لن يتحقق، عمد إلى الانتقال إلى مرحلة أخرى هي الاغتيالات، كي يضع كل المنطقة أمام واقع جديد يمكّنه من البقاء في السلطة، ويعطيه مدداً شعبياً بعد تدنّي شعبيته، ومطالبته بالاستقالة، وتحميله مسؤولية ما حدث يوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
إن سياسة التصعيد “الإسرائيلية” خطرة بكل المقاييس، لأنها تؤجّج الصراعات، وتضع المنطقة أمام مخاطر مواجهات قد تؤدي إلى تدخلات، إقليمية ودولية، في حال تدخلت الولايات المتحدة لمصلحة نتنياهو، وحكومته.
لم تدرك حكومة نتنياهو بعد، أن حربها المسعورة على قطاع غزة، وما لحق به من دمار هائل، وسقوط ضحايا بعشرات الآلاف، وأن ما قامت به من ضربات استهدفت أكثر من ساحة عربية خلال الأشهر العشرة الأخيرة، لن يوفر لها الأمن، ولا السلام، ولن يحقق لها النصر، كما لن يحقق لها الهدف الأكبر، وهو تصفية القضية الفلسطينية، والحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني.
خرجت المنطقة من مرحلة التهدئة إلى مرحلة التصعيد، ودفعتها حكومة نتنياهو إلى حافة البركان، بانتظار رد الفعل على عمليتي بيروت وطهران.
ربما تحمل الساعات القليلة المقبلة نذر تجاوز “إسرائيل” كل الخطوط الحمراء بكل ما تحمله من كوارث.