النكبة “2”.. إلغاء فلسطين ونهاية “إسرائيل”!
“المدارنت”
«احتفلت» حكومة الإرهاب الإسرائيلية، بطريقتها المعلومة، بذكرى نكبة الفلسطينيين فقصفت مستشفى في جباليا بتسع قنابل اختراقية، وقتلت 22 طفلا و15 امرأة و23 شخصا خلال 24 ساعة، وتابعت اغتيال الصحافيين / الشهود على مذبحتها ليصل عدد من قتلتهم حتى الآن إلى 217، وقصفت جرافة تشق طريقا لسيارة إسعاف، فيما تابع المستوطنون أشكال ترويعهم لأهالي الضفة الغربية.
رغم أن هذا هو حال حكومة إسرائيل مع أهالي قطاع غزة منذ 7 تشرين أول/ أكتوبر 2023، ولكنّ القصدية في مسعى آلة القتل الإسرائيلية عبر زيادة حصّتها اليومية من أرواح الفلسطينيين تبدو واضحة، وقد أضافت إليها، مع وقف دخول المساعدات منذ 23 نيسان/إبريل الماضي، إخضاع الغزيين للمجاعة.
الأغلب، إلى جانب ترويع الفلسطينيين في ذكرى النكبة، أن المسؤولين عن آلة الإبادة في إسرائيل تقصّدوا إيصال رسالة أخرى أيضا إلى الخارج، أثناء جولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على دول الخليج العربي، ووجوده أمس في قطر، حيث ذكرت أنباء حصول اجتماع مغلق بين مسؤولين أمريكيين وقطريين وتواصل غير مباشر مع حركة «حماس».
تجاه الضغط الأمريكي لإعلان وقف إطلاق للنار في غزة، وتطبيق الخطة العربية بنزع السلاح من «حماس» وإعادة إعمار القطاع، قام نتنياهو بألاعيبه المعتادة، فأرسل وفدا لا يمكنه الموافقة على شيء إلى قطر، ووجّه جيشه للقيام بمذابح أفظع في غزة. خرج محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس الوزراء القطري بنتيجة: إسرائيل غير مهتمة بالتفاوض. الرسالة كانت موجهة من نتنياهو إلى ترامب شخصيا: سيد «البيت الأبيض» لا يستطيع أن يتحكم بـ«ملك إسرائيل». في ذلك أيضا رسالة غطرسة إسرائيلية موجهة للعرب أيضا: سننفذ «النكبة رقم 2»، وسنهجّر أهل غزة (والضفة لاحقا)… وستطبّعون معنا بالطريقة التي تناسبنا وفي الوقت الذي يلائمنا!
تشير وقائع النكبة الفلسطينية الثانية الجارية، في ظل التطوّرات الدولية التي نشهدها، إلى اختلال في معادلات عربية وإقليمية وعالمية.
آخر تصريحات ترامب قبل أن يغادر قطر، كانت من قاعدة العديد الجوية، حيث خاطب قوات بلاده بالقول إن أولويته هي «إنهاء النزاعات لا إشعالها»، وتظهر الزيارة، عموما، إدراكا لدى ترامب وإدارته للمصلحة الأمريكية في وقف الحروب وتعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة، وهو اتجاه سيتعزز مع الوصول لاتفاق جديد مع إيران، وإنهاء حالة الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وهي نتائج ستظهر، بوضوح، أن سياسة الإبادة والغزو وشن الحروب الإسرائيلية تتناقض مع الاتجاه «لإنهاء النزاعات»، وتجعل دعوات التطبيع مع إسرائيل التي رددها ترامب في اجتماعاته مع قادة العرب خارج المنطق ولا يمكن الاعتداد بها.
من الواضح أن ترامب وإدارته الجديدة تعمل على بناء نظام دوليّ جديد يضع أمريكا، لأسباب تتعلق بهيمنتها المتزايدة على حركة المعلومات والأموال والبحار (والمعادن) في موقع أقوى بكثير من منافسيها المحتملين (الصين، ودول البريكس)، وبما أن إسرائيل كانت خلاصة للنظام الدولي السابق، فإن طبيعتها الحالية، التي تعمل حكومة نتنياهو على تكريسها، باعتبارها نظام صهيونية دينية متطرّفة تعمل على إبادة الفلسطينيين، ستدشّن نهاية النظام الدولي السابق الذي تشكّل مع انتهاء الحرب العالمية الثانية، الذي شكّلت الأمم المتحدة، والقوانين والشرع الدولية، منظومتها الفاعلة، وكان تأسيس إسرائيل واحدا من نتائجه.
في إبادتها للفلسطينيين، وتأسيس نكبة جديدة لهم، تعلن إسرائيل خروجها على النظام الذي شكّلها، وعليه فإما أن تكون «إسرائيل الجديدة» طليعة نظام عالمي جديد يقوم على الإبادات، وإما أن ينتصر منطق الاستقرار والازدهار و«إنهاء النزاعات» والحروب.