“النيو- هتلر” و”الصهيوـ نازية”!
خاص “المدارنت”..
لا شكّ في أنّ الصهيونية تشبه النازية إلى حدّ التوأمة؛ فالأولى، ترى في عقيدتها الصهيونية أنّها تتفوّق على البشرية جمعاء في يهوديّتها، والثانية، ترى أنّها تتفوّق عليها في عرقها الآري.
لذا، إذا حاولنا مقارنة ممارسات الصهيونية بممارسات النازية، فلن نرى ثمّة فرقًا إلّا في مسألة واحدة فقط، وهي أنّ هتلر – إن صحّ أمر “الهولوكوست” و”الأبارتهيد” – لم يكره إلّا اليهود، رغم عنصريّته، ولم يسعَ إلا إلى إبادتهم خلال الحرب العالمية الثانية، رغم الحروب التي خاضها ورغم حملاته العسكرية التوسعية، وقد يكون محقًّا في هذا.
لا شكّ في أنّ الإعلام الصهيوني – ومتبنّاه الإعلام الغربي – أجاد في نشر الدعاية الصهيونية، عقودًا متواصلة، بشأن المحرقة والإبادة اللتين ارتكبتهما النازية في حقّ اليهود، الأمر الذي زاد التطرّف اليهودي، وولّد يمينًا أقلّ ما يمكن أن يقال عنه أنّه لا يمتّ للبشريّة بِصِلة. وهذا التطرّف خلق “هتلرات” كثرًا تفوقوا على النسخة الأصلية بأشواط كثيرة من ناحية عدائيّتهم للإنسانية وللإنسان وللحيوان وللهواء… وحتى للأشياء. وليس أوّل هؤلاء بنيامين نتنياهو، ولن يكون آخرهم. فالتاريخ الصهيوني المخضّب بالدم طويل وزاخر بتلكم الشخصيات، ويشهد عليه التاريخ الحديث منذ ما قبل 1948.
هذا الهتلر الجديد “نتنياهو” – وإن كنت أعتقد أنّني أهين الزعيم النازي بتشبيهه به – تجاوز الخطوط الحمراء، وضرب بعرض الحائط العهود والقوانين والمواثيق والاتفاقات الدولية، في ما يخصّ الحرب، وطبعًا لا نستطيع أن نقول تخطى المبادئ والأخلاق والقيم لأنه لا يعرفها وليست في قاموسه.
لقد اقترن اسم أدولف هتلر بالحرب العالمية الثانية، وأصبح عنوانًا لها، لكنّه لم يكتسب كره العالم أجمع له، فثمّة مَن كان يؤيّد فكرَه أو في الأقلّ مَن يحترمه رغم أنّه يختلف معه في مسعاه. أمّا “هتلر- نياهو” – طبعًا لا نقصده كشخص وحسب، بل نقصد فكره ومَن وما يمثل ومَن يدعمونه ومَن هم خلفه – فقد حطّم الرقم القياسي في اكتساب الكراهية والبغض والاحتقار في إبادة الأطفال وقتل النساء وتدمير البيوت والمرافق الطبية والاستشفائية والمؤسّسات الإنسانية الدولية… لا لشيء، إلّا لتحقيق مآربه الشخصية. ورغم انتمائه إلى الفكر “الصهيو-نازي”، إلا أنّ مصلحة الدولة العبرية تأتي في آخر سلّم أولويّاته إن كانت من ضمنها أصلًا.
لقد خدمت الظروف – العربية والمحلية والإقليمية والدولية – “النيو-هتلر” بنسخته المشوَّهة، فاسترسل في الفظائع كلّها من دون حسيب ولا رقيب. ولم يُقِم وزنًا حتى لمجتمعه الذي يطالبه بوضع حدٍّ لجنونه الذي يجرّ المنطقة إلى المجهول.
إنّ الظروف العربية التي ساعدت “هتلر-نياهو”، تتمثّل في تراجع الدور العربي بسبب الحروب والصراعات التي عصفت بدولنا ومنطقتنا وأدّت إلى انشغال كل دولة بأمورها الخاصة، الأمر الذي أسهم في بروز جهات في بعض دول المنطقة، أصبحت صاحبة القرار في شتّى أمور الحياة السياسية والعسكرية… ومفاصلها. أمّا المحلّية فتتلخّص في وجود البيئة اليمينية المتطرّفة التي تتجسّد في شخصيّات تتفنّن في تعذيب الناس، وإذلالهم وتشييئهم والتعامل معهم باعتبارهم كائنات حقيرة، حيث إنّ هذه الشخصيّات – بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير على سبيل المثل لا الحصر – على قدر عالٍ من القسوة، فلا رحمة ولا إنسانية ولا شفقة في قلوبها، وهذا الأمر نابع من كونها شخصيات ضعيفة، فالناقص لا يرحم، وبقدر نقصه تكون قسوته.
أمّا الظروف الدولية فلا يمكننا ذكرها كلها، ولكن نكتفي بالقول أن وقوف العالم الغربي في معظمه وراء هذا “الصهيو-نازي” الجديد ودعمه وتأييده ومدّه بالمال والسلاح… وضعف الإدارة الأميركية الحالية، جعلت الإرهاب يتجسّد في شخصه، وجعلته إرهابيًّا مفترسًا يتحكّم في العالم أجمع ويتلاعب به ويسيّره كماء يشاء ويرغب.
إضافة إلى كلّ ما سبق، أدّى بروز دولة إقليمية تُزبِد وتُرعِد وتهدّد وتتوعّد بأنّها ستُزيل الكيان العبري المستكبر المحتلّ… من الوجود خلال دقائق ولكن في الزمان والمكان المناسبَين، وبأنّها ستحرّر المناطق التي يحتلّها وستخلّص المقدّسات من بين براثنه… وستجعله يدفع غاليًا ثمن ممارساته العدوانية واللاإنسانية… في حق الشعوب المستَضعَفَة والمغلوب على أمرها، إلى عربدة الصعلوك النازي وتجاوزه جميع القرارات الدولية والأممية؛ حيث إنّه يعلم أّن الزمان والمكان الحاليين ليسا مناسبين، بعد أكثر من أربعين ألف شهيد وعشرة آلاف مفقود وتسعين ألف مصاب وأكثر من مليونيّ مهجّر، وانتشار الأوبئة والأمراض والمجاعة وتلوّث الماء – إن وُجِدَ – ودمار منطقة بأكملها بكل ما فيها من وحدات سكنيّة ومستشفيات ومستوصفات ومدارس ومؤسّسات…