الوعي الحقوقي الجزء “4”
//خاص المدارنت//… رابعاً: مظاهر الوعي الحقوقي
إن للوعي الحقوقي الإيجابي لدى الإنسان الفرد والإنسان المجتمع والشعب والأمة، مظاهر عدة وعديدة ومتنوعة، والتي سوف نقوم هنا بالإشارة إلى بعضها وبإيجاز واختصار شديدين.
تلك المظاهر التي تخصّ ذلك الوعي، وتختصّ به، سواء في العلاقة مع الذات عند من يحملونه، أو في علاقاتهم مع بعضهم البعض، أفرادا ومكونات مختلفة داخل المجتمع الواحد، أو مع غيرهم من الأفراد خارج ذلك المجتمع، أفرادا كانوا أم مجتمعات وشعوب وأمم أخرى، فهناك مظاهر مادية ومظاهر معنوية، وهناك مظاهر أسرية واجتماعية وسلطوية، وكذلك شعوبية وأممية، وهناك مظاهر بيئية تخصّ ذلك الوعي، وتختص به في ضرورة وجوب الحفاظ عليها، سليمة وخالية من التلوث، وحتى حيوانية. وهناك مظاهر دنيوية وأخرَوية عند المؤمنيين بالأديان عموماً.
لكننا هنا، سنتحدث باختصار وإيجاز شديدين، عن تلك المظاهر، وعمّا يتصل بتلك العلاقة بين الإنسان الفرد والإنسان المجتمع والشعب، وبين السلطة الحاكمة فيه، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، ما يلي: أولاً: مظاهر سياسية
تتمثل تلك المظاهر بوعي الإنسان الفرد، وعياً حقوقياً إيجابياً لحقوقه السياسية كاملة غير منقوصة، وحقه الطبيعي الحقوقي في المشاركة السياسية في تقرير مصير بلده، مع غيره من أفراد ومكوّنات المجتمع الأخرى المختلفة للبلد، وذلك عبر حقّه في المشاركة في الانتخابات والإنتماء الحزبي وغيرها، بحيث يكون عضواً فاعلا في تلك الحياة السياسية، لا تابعاً ذليلاً أو مجبراً.
ثانياً: مظاهر ثقافية
تتمثل تلك المظاهر، بوعيه وعياً حقوقياً إيجابياً بحقوقه الثقافية، عبر حصوله على المعلومة والكتاب والجريدة… إلخ، وعبر حقه الطبيعي الحقوقي في المشاركة والمساهمة في إنشاء النوادي الثقافية، واصدار النشرات والكتب والمجلات والجرائد الثقافية… إلخ، وعبر حقه في حضور الندوات والمساهمة والمشاركة فيها.
ثالثاً: مظاهر اجتماعية مدنية
تتمثل تلك المظاهر، في حقّه في إنشاء منظمات المجتمع المدني مع غيره، بحرية، من دون أي قيود أو عراقيل تعترض ذلك، وعبر حصوله على الدعم الكامل لها من قبل السلطة، وعبر حرية نشاطاتها وتأمين حرية وحياة منتسبيها، وعبر حصوله على الرعاية الاجتماعية من قبل السلطة، في حالة حاجته واحتياجه لها.
رابعاً: مظاهر اقتصادية
تتمثل تلك المظاهر، في حقه الطبيعي في تأمين المصادر المادية، التي تضمن له حياة آمنة، وذلك عبر حقه في النشاطات الاقتصادية، وحقه في إنشاء المشاريع الاقتصادية الخاصة به، سواء منفرداً، أو بالشراكة والمساهمة مع الآخرين، وعبر تأمين التعويض العادل له، في حالة خسارته، وتأمين مجال نشاطاته الاقتصادية، كل ذلك وفقا للقوانين والأنظمة، التي تحدد ذلك وتنظمه. وقبل كل ذلك، عبر سلامة الحق العام في المال العام وحصوله، بل وحقه الطبيعي فيه.
خامساً: مظاهر دينية
تتمثل تلك المظاهر، في حقه الطبيعي في الحرية الدينية، اعتناقاً واعتقاداً وممارسة، وضمان تلك الحقوق من قبل السلطة، وحرية إنشاء دور العبادة وضمان أمنها، وأمن القائمين عليها والمنتمين إليها، ودعمها دعماً مادياً ومعنوياً من قبل السلطة الحاكمة، ومعاقبة كل من يخلّ بها أو يعتدي عليها، أو على القائمين عليها والمنتمين إليها، أو المساس بها وبهم.
سادساً: مظاهر عرقية إثنية
تتمثل تلك المظاهر، في حقّ كل الاعراق والإثنيات المكوّنة للمجتمع، طبعاً إن وُجدت، في الحصول على كامل الحقوق لها، من دون تمييز بينهم، ومن ودون حرمان البعض تلك الحقوق أو جزءا منها، في الوقت الذي تحصل فيه غيرها عليها، بحيث يكون مبدأ وأسس ومعايير المواطنة الحقة المتساوية لهم ولها جميعاً هي السائدة في البلد.
فالمواطنة الحقة المتساوية، في حال تطبيق مبادئها وأسسها ومعاييرها في أيّ بلد من البلدان، تعتبر بمثابة قدر الصّهر الذي يُصهر فيه كل الإنتماءات العرقية والإثنية وغيرها في ذلك البلد.
سابعاً: مظاهر “جندرية”
تتمثل تلك المظاهر في المساوة الحقيقية بين الجنسين في المجتمع، مساواة حقيقية أمام القانون، ووضع القوانين المنظمة لذلك، والضامنة لها ولحمايتها، وتشجيع المظاهر النسوية المطالبة بذلك، سواء عبر الاتحادات والمنظمات والجمعيات والأندية النسوية، وتأمين نشاطاتها ودعمها دعماً مادياً ومعنوياً، وذلك، عبر تشجيعها وحثّها على المشاركة الفعلية في مختلف الجوانب الحياتية للبلد.
وأخيراً وليس آخراً: تاسعاً: مظاهر قانونية
تتمثل تلك المظاهر، في المعرفة التامة لدى الأفراد والمكوّنات المختلفة للمجتمع، بالقوانين الخاصة التي تنظم أمور حياتهم، سواء في ما بينهم، أو فيما بينهم من جهة، وبين السلطة الحاكمة من جهة أخرى، فمعرفتهم بتلك القوانين، تضمن لهم استمرارية حصولهم على حقوقهم، وكذلك الدفاع عنها في حالة الاعتداء عليها أو التجنّي عليها والمساس بها.
كل تلك المظاهر، وغيرها، لا بد أن تكون تحت رعاية وحماية.. وعلى أساس وفي إطار وتحت كنف ذلك العقد الاجتماعي ـ الدستور، الذي يحدد العلاقة بين أفراد المجتمع ومكوناته المختلفة، وبين السلطة الحاكمة، وفقا للقوانين والأنظمة السائدة في المجتمع، والمنبثقة عن ذلك العقد الاجتماعي ـالدستور.
… يتبع