بأيّ حال قاتمة تعود «أعياد» دولة الاحتلال؟!

“المدارنت”
شرعت دولة الاحتلال “الإسرائيلي” في سلسلة الاحتفالات السنوية بأعياد، تطلق عليها مُسميات مثل: «يوم الذاكرة الحزينة» و«يوم الانتصار» و«يوم الاستقلال»، المشحونة عموماً برموز دينية وسياسية وعسكرية وشعائرية جرى منذ البدء تصميمها كي تتولى تمتين اللحمة «الوطنية» وتسوية الخلافات الداخلية وإعلاء شأن المقاتل ورجل الاستخبارات والمستوطن والمستثمر وبقية مكوّنات الكيان الصهيوني، قبل نكبة 1948 وبعدها وحتى الساعة.
لكن الاحتفال بأي من هذه الأعياد أمر يختلف عن الواقع الفعلي الذي يعيشه المجتمع الإسرائيلي اليوم، في ظل ائتلاف بنيامين نتنياهو والحكومة الأكثر يمينية، وتطرفاً قومياً ودينياً، وتوجهاً فاشياً على امتداد تاريخ دولة الاحتلال. بل يصح القول إن هذه الأعياد تحلّ هذه السنة في سياقات هي الأشد قتامة وتشرذماً، تضاف إلى حرب الإبادة الدموية التي يشنها جيش الاحتلال ضد المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ قطاع غزة، حيث بلغت أحدث حصيلة للضحايا 52,314 شهيداً و117,792 مصاباً.
ففي مشهد أول يمثل نتنياهو أمام المحكمة المركزية في تل أبيب للمرة الـ27 فيخضع مجدداً للاستجواب على خلفية اتهامات بالفساد والرشوة وإساءة الأمانة، ويخصص هذه الجلسة للتهجم على الشاهدة هداس كلاين، زاعماً أن أجزاء من شهادتها مختلقة وملفقة وأن دوافعها ضده سياسية. المحققون من جانبهم يحاولون الكشف عن ملابسات هدايا تلقاها نتنياهو وأفراد من عائلته تتجاوز قيمتها 700 ألف شيكل، قدمها أثرياء من أمثال المنتج الإسرائيلي الهوليودي أرنون ميلشان والملياردير الأسترالي جيمس باكر، لقاء توفير امتيازات شخصية.
وفي مشهد ثانٍ مرتبط بالأول، نفى الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ وجود «دولة عميقة»، مناقضاً بذلك تصريحات نتنياهو حول استهدافه من عناصر تلك الدولة، ولكنه في الآن ذاته كان قد انضم إلى جوقة العناصر «العميقة» التي بذلت كل جهد ممكن لتخليص نتنياهو من ضغوطات القضاء والمحاكمة، إذ تدخل هرتسوغ شخصياً لإقناع الشاهدة كلاين بالعدول عن شهادتها. هذا ما كشفته صحيفة «هآرتس» مؤخراً، فكتبت: «سعى هرتسوغ لإلغاء محاكمة نتنياهو بدلاً من حماية القانون والدفاع عن حق المساواة أمام القانون».
وفي مشهد ثالث غير منفصل بدوره، امتدح هرتسوغ إعلان رونين بار رئيس استخبارات الشاباك بأنه يعتزم الاستقالة من منصبه في حزيران/ يونيو المقبل، فكتب على منصة X يعتبر القرار خطوة صحيحة، مطالباً في الآن ذاته بالامتناع عن جرّ الوكالة الاستخبارية إلى السياسة، وعدم السماح للسياسة بالتغلغل فيها. كأن «رئيس» الكيان لا يتغافل عن حقائق الحرب الضارية التي تدور منذ أسابيع بين نتنياهو وبار فحسب، بل يستغفل العقول حين يتعامى عن حضور السياسة بقوّة وعنف في الصراع بينهما.
ويبقى مشهد رابع يواصل تتويج مواسم الأعياد في دولة الاحتلال، عنوانه تسويف نتنياهو ومماطلته في قبول صفقة تبادل حول وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن، وهدفه الأول هو إطالة حرب الإبادة لتعطيل استحقاقات قضائية وانتخابية قد تتكفل بإنهاء تاريخه السياسي، وردّه إلى المكان الوحيد اللائق به في سلال مهملات التاريخ.