خاص “المدارنت”..
تسقط عن الوجوه
أقنِعةُ الظِّلالُ
وتظهر بيروتُ صبيَّة
فاتحة ذراعيها كجناحي فراشة
توزع أزهار الياسمين
في شارع الحمراء
والدُّب الذي اختفى
*يعود من الجُرْن
يدخِّن النّرْجيلة
ويقرأ صحفَ المساء
في مقهى التاء المربوطة
ويُبَصْبِصُ للصبية الجميلة
آه يا بلدَ القمر المُعلَّق
بتاء المشنقة
على الشبابيك الخشبية
ماذا يعْنِي أن يُراود
الدُّب صبيةً حلوة؟
وماذا يعني قَتْل
طيورِ اللَّقْلق العَابرة
فوق الصوامع وأبراج الكنائس؟
هل يتطَهَّر الشيطان* الأخرس
مرة أخرى للصلاة
قبل أنْ يرقص الدَّبْكة
في باحة الجحيم ؟
لا شيءَ يُغري
في شارع الحمراء
وقصر التلَّة الخضراء
غير ظِلال الماضي
بيروتُ في نهاية اللَّيل
تستنشِقُ رَمادَ القَرابين
وتتابع في أسى
أشباحََا بلا أقنعة
ترتعش فوق الجُدران
تقطر منها
بقعُ دم بلا هوِيَّة
على بياضِ أكفان
أُعدَّتْ من زمن لدفْن ما تبقَّى
من أشْلاءِ المدينة
خُذِي ياسمينَك أيتها الصبية
وازرعيه في كل البِقاع
اِصرخي مِلْءَ فِيك
فباب الله مُوصد في النَّبَطِيَّة
واركبي شِراعَ الحلم
إلى الجزر النَّائيَّة
فأبناؤك من سلالة البحر
لن يهابوا ركوبَ الأعاصير
سيَجْترِحُون المستحيل
مَرْجاً
ونهْرًا
وبيْتًا
وورداً
لكُلِّ الصَّبايا المحرومين
وكُلِّ الوطن
=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=
جُرن الدب: الاسم القديم لمنطقة الحمراء في بيروت.
*مقهى “ة – مربوطة” : من مقاهي الجيل الجديد بشارع الحمراء.
* الشيطان الأخرس : متسوِّلٌ أخرس اشتهر في شارع الحمراء قبل الاجتياح الإسرائيلي للبنان سنة 1982، واسْتَدَرَّ عطف الناس لحالته وطيبوبته، حتى تفاجأ الجميع عند دخول القوات الإسرائيلية إلى بيروت، بأنه جاسوس إسرائيلي برتبة عقيد.
