تربية وثقافة

بين الواقع البسيط والأسطورة الشعبية قراءة في كتاب “حكي تنور” للروائي عمر سعيد

 محسن يوسف*
خاص “المدارنت”..
حين بدأت بقراءة كتابكم الموسوم حكي تنور… قلت في داخلي لن أكتب عنه إلى أن انتهي من قراءته، وقبل وصولي الى النهايات، بدأت ملامح ما اودُّ قوله، تعبيراً عن الشغف والإنشداد لما يحتويه…
حكايا، أحاديث، وتجليات أتت متكاملة نصَّا ومضموناً، يبرهن عن عمق صاحبها، الذي أدخلنا في تفاصيل وجزئيات، بحرفية البارع في نقل الصور على مسرح تنور الضيعة… حيث شكل كل عنوان فيه قصة قصيرة متكاملة العناصر…
يمتّعك عمر سعيد، في نقل ما يدور على خشبة التنور، يسرد الواقعة بحوارية متقدمة بين أشخاصها، لتنتهي بوصلةٍ حكمية، تضفي معلومة إضافية، تشكل رافداً ودافعاً لقراءة ما يليها…
تتداخل في الحيثيات بعض الأساطير والخواطر، يظهر فيها مكامن الجهل والتخلف مع مناهل الوعي والإدراك.
يبيّن بساطة الأمّي، وعمق المتعلم في رصد الظواهر، فانتقل من مجتمع الطرّة والنقشة الى فضح حقيقة الجان في تنور الضيعة، ليوصلنا إلى قناعة بأن التنور واسع المجال، ورحب القضايا… وأسرار الكبار على لسان صغارهم، ويتحدث في الإقتصاد عن إقتصاد القرية وإقتصاد المدينة.
وفي حكي تنور، يتناول عمر سعيد المسائل الوجودية والعنتريات الفارغة، عند بعض المتحدثين بإسلوب مدهش، فالروائي المتألق يتشارك الحديث مع الأشخاص، من دون الإحتكاك والمعرفة بهم.
بصورة، يشعرك بمدى سعة إطلاعه على شؤون وشجون القرية، منتقلاً من مرحلة إلى أخرى بدقة متناهية يملك ادلةً حسية، وكأنه يحملُ كاميرا خفية من جيلٍ إلى جيل… لا يخلو حكي تنور من المماحكات، والنقاشات السياسية التي تتظلل بنظرية المؤامرة، وبالعدو الوهمي كشماعة، نعلق عليها العجز عن قراءة الحق ومنطلقاته.
وصورة الجد في الحائط، محراب صلاة بشاربين عريضين، تشكل فزاعة للاولاد والأحفاد، واقعية عمر انعكست صدقاً بالوصف والتوصيف، ومنهجاً بالوعي والتثقيف، وينتقل في سياق كتابه ليظهر مكانة أمِّه في حياته ككعبةٍ لغيرها لا يطوف.
وبتواضع الكبار، يتحدث عن الفشل الذي يشعر به في تجربة الحياة، مع انه خبر حلو الحياة ومرَّها، وجال الإبداعُ فيه على بقاعٍ كثيرة، نسجت منه ملهماً الكثيرين الذين يذكرونه بالخير.
دام ألق إبداعك، ونسيج إلهامك، وعمق سريرتك، وحيوية ذاكرتك المتقدة التي تثلجُ الصدور، بنتاجات تعمق الوعي والإدراك.. عندي الكثير لأقوله، وبهذا القدر اكتفيت.. الف مبروك.
* لبنان/ البقاع الغربي/ لبّايا.
========================
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى