مقالات

بين رائدين.. إيلون ماسك ونجيب بوكيلي

عبد الناصر طه/ فنزويلا

خاص “المدارنت”..

العالم صراع إرادات وأفكار، ومن شُغل بلقمة العيش لا مكان له في ذلك الصراع؛ نحن أمام شخصيتين يعيشان اللحظة، ويساهمان في صنعها.

“ايلون ماسك” 1971، رجل أعمال كندي، مولود في جنوب إفريقيا، وحاصل على الجنسية الأميركية، رجل أعمال، مهندس ومخترع، مؤسس شركة (سبيس إكس)، ومؤسس شركة التداول النقدي الشهيرة (باي بال)، ورائد صناعة السيارات الكهربائية. أصبح هذا العام أغنى رجل في العالم بثروة 320 مليار دولار أمريكي، وتشير التقديرات أنه سيكون أول تريليونير في العالم؛ علما أنه يملك الحصص الأكبر في أهم العملات الرقمية مثل البيتكوين والأثيريوم والدوجي.

استطاع ماسك لفت نظر العالم في تاريخ 27 تشرين الأول الفائت، حين أثار تصريح مدير برنامج الغذاء العالمي ” ديفيد بيسلي” جدلا واسعا عقب اقتراحه صراحة، تخصيص نسبة من أموال الأثرياء لحل مشاكل الجوع حول العالم؛ ما دفع ماسك أن يتحداه معلنا استعداده لبيع جزء من أسهم شركته ” تيسلا” والتبرع بعائداتها، مقابل أن تنفذ الأمم المتحدة شروطه قائلا: (لكن يجب أن تكون محاسبة مفتوحة الصدر ، حتى يرى الجمهور على وجه التحديد كيف يتم إنفاق الأموال). علما أنه قريب من دوائر الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية المتمثلة بالحزبين، الجمهوري والديموقراطي.

إيلون ماسك

أمّا “نجيب بو كيلي”، الرئيس الحالي لجمهورية السلفادور في أميركا الوسطى، فهو رجل أعمال وسياسي، ويعتبر أول رئيس سلفادوري مستقل يمثل تيار يمين الوسط، ومؤسس حزب (أفكار جديدة). ورث عن والده ثروة طائلة، وسمعة طيبة على مستوى لاتيني، فهو ابن “أرماندو بو كيلي قطان”، رجل أعمال من أصل فلسطيني، اعتنق الإسلام وصار إماما لمسلمي السلفادور، وداعية إسلاميا شهيرا في أميركا اللاتينية.

شرّع نجيب بو كيلي العملة الرقمية الأولى عالميا (بتكوين)، وجعلها عملة السلفادور الثانية، رغم معارضة البنك الدولي، ورغم خروج آلاف المتظاهرين السلفادوريين إلى الشوارع احتجاجا، بدعم داخلي من أحزاب المعارضة ودعم خارجي بعد الغضب الأميركي على خطواته المالية.

وكان بو كيلي قد أشار سابقا، بعد ارتفاع عملة البيتكوين إلى سقف 66 ألف دولار، إلى أرباح جمة حصلت عليها السلفادور من امتلاكها جزءا من تلك العملة الرقمية.

وبالرغم من تحذير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومصرف التنمية للبلدان الأميركية للسلفادور من المخاطر، فقد توّج الرئيس بو كيلي مشروعه بإعلان السلفادور (مدينة البيتكوين)، في خطوة أدهشت خبراء الإقتصاد العالميين لأن العملات الرقمية لم تنل حظها من التشريع عالميا، بل تتصدى لمحاربتها دول كبرى مثل الصين والولايات المتحدة الأمريكية وكثير من دول الإتحاد الأوروبي.

يقول بو كيلي حول هذا الموضوع: مدينة “البيتكوين” بالتأكيد، مشروع عملاق، سيخلق عشرات الآلاف من فرص العمل، وسيجلب استثمارات أجنبية بمليارات الدولارات، وسينتقل بنا من آخر مكان في العالم إلى أوائل التصنيف العالمي، وستنشط المنطقة الشرقية من البلاد، التي تخلت عنها جميع الحكومات السابقة، وذلك سيجعل اقتصادنا ينمو بسرعة، وبلادنا ستتقدم نحو المستقبل.

أعلم أن الكثيرين يقولون ان هذا المشروع كبير على بلدنا الصغير، لكنني أحلم بالسلفادور مزدهرة متطورة وقادرة على توفير الرفاهية لمواطنيها، بلد نفخر به جميعا. نعم، نحن نسعى إلى تحقيق أهداف سامية، لكنني أسأل: لم لا؟).

نجيب بو كيلي

والجدير بالذكر أن الرئيس بوكيلي، شارك عام 2019 م. في منتدى الدوحة تحت شعار “الحوكمة في عالم متعدد الأقطاب”، وألقى كلمة الدول المشاركة في المؤتمر، في دلالة واضحة على أهمية دور هذا الرئيس الخارج من عباءة الأحزاب التقليدية.

هنا، يُجمع خبراء السياسة والإقتصاد على وجود قواسم مشتركة بين “ايلون ماسك” و”نجيب بو كيلي”، ما جعلهما في قائمة أهم مائة شخصية مؤثرة عالميا خلال العام الحالي؛ وثمة من يطرح سؤالا مفاده: هل من علاقة تجارية مالية تجمع بين الرجلين؟ وهل استطاع “بوكيلي” اجتذاب “ماسك” ليستثمر بعضا من ملياراته في جمهورية السلفادور في مشاريع مستقبلية؟

أليس من المفارقات أن أهل الحكم في لبنان وتابعيهم من أزلامٍ وحواشٍ، نهبوا الوطن والمواطنين في أبشع عملية لصوصية في التاريخ المعاصر، ولا يزالون يترقبون المزيد من النهب عبر مشاريع الغاز والبترول، ونهب أموال الأمم المتحدة المخصصة للنازحين السوريين؛ بينما يقود شاب طموح دولة السلفادور في أميركا الوسطى، ليضعها في مصاف الدول المتقدمة، بعدما كانت منذ سنوات قليلة، في طليعة دول الجريمة المنظمة؟

هناك طموح وخطط لإعلاء شأن الوطن، وهنا نهب وتدمير ما تبقى من وطن!

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى