مقالات

تعليقا على تصريحات منسوبة للرئيس السوري في صحيفة صهيونية/ أميركية!

د. مخلص الصيادي/ سوريا

خاص “المدارنت”
“الشفافية في الموقف والسلوك هي الطريق لصد هجمات القوى المضادة”.
نحن السعداء بسقوط النظام الأسدي، المؤيدين لقوى الثورة، والمستبشرين بالأيام القادمة، لا نأخذ التصريحات المنسوبة للرئيس أحمد الشرع، فيما يخص الكيان الصهيوني والواردة في لقاء صحافي مزعوم نشر صحيفة يهودية، مصدرا موثوقا نعلق عليه، فمثل هذا المصدر: الكاتب ورجل الأعمال “جوناثان باس”، والصحيفة: “جويش جورنال” الصادرة في لوس انجلوس، ليس مما يؤتمن على موقف، خصوصا وأن لهما مصلحة في تسميم العلاقة بين القيادة السياسية الجديد في سوريا الممثلة بالرئيس أحمد الشرع، وبين جمهوره الذي رحب به لأنه وهو يعلن الخلاص من النظام الأسدي، كان يعلن استعادة سوريا “المعبرة عن بلاد الشام” عن دورها ومكانتها التاريخية، وفي مقدمة هذا الدور يبرز الجولان السوري المحتل، وتبرز فلسطين المحتلة. ويبرز الكيان الصهيوني المحتل للجولان. والمحتل لفلسطين.
واستنادا إلى هذه الحقيقة، فليس هناك أعداءً مشتركين، يمكن أن يولد تعاونا أمنيا بين سوريا. والكيان. فالكيان هو العدو الأول. لا يطاوله ولا ينافسه في موقع العداء أي طرف آخر.
ولعل ما يرجح عندنا هذا الفهم والالتزام توكيد القيادة السورية الثابت على التزامها بقرار فصل القوات الصادر عام ١٩٧٤، وهو قرار قائم على قاعدة الصراع والعداء. وتحيطه وتنظمه قرارات الأمم المتحدة.
نحن وكل عاقل لا نطالب بفتح باب الصراع راهنا مع هذا العدو، لكن بالمقابل لا نقبل بأي مساومة في هذا السبيل، وكل مساومة قد يروج لها البعض إنما هي “تقدمة وعطاء” يقدم مجانا لقوى النظام البائد ولفلوله، ولتيار ولاية الفقيه الطائفي الفارسي. وكذلك للحركة الانفصالية الكردية وغير الكردية..
كذلك هي تقدمة ومنحة مجانية تقدم ل “داعش، والخلايا النائمة”، التي تمثل خطرا حقيقيا على الثورة وقيادتها قد تواجهه في أي لحظة.
وبالتالي فإنه يفت في عضد الثورة والقوى الشعبية الملتفة حولها.
وقد بدأ سيل من المقالات والتعليقات على مضمون هذا الذي نشرته الصحيفة اليهودية الصهيونية، وكلها صادرة من “أنصار النظام البائد” ومنصاته الاعلامية.
وككل متابع عاقل إذ لا نطالب القيادة السياسية بفتح باب الصراع العسكري، مع الكيان الصهيوني، فهذا غير ممكنا من الناحية الموضوعية، ولا من وجهة النظر الظرفية، لكننا نرى أهمية الشفافية السياسية في التعامل مع الجمهور السوري والعربي، وتحقيقا لهذه الشفافية يصبح توكيد الموقف المبدئي من الموقف من العدو الصهيوني وكيانه ضروري، لأن التعمية والابتعاد عن إظهار هذا الموقف ليس له أي أبعاد إيجابية على جانب تجنب إثارة العدو أو الأعداء فهؤلاء يعرفون ما يريدون. ولا تنطلي عليهم المواقف “التكتيكية”، في المقابل، فإن تجنب الشفافية له آثار جد خطيرة على جبهة “الأصدقاء”.
وتصبح لهذه الشفافية أهمية إضافية حين ندرك حجم دور وتأثير القوى العربية والإقليمية التي تحاول أن تجر القيادة السورية إلى ميدان العلاقات مع العدو الصهيوني. بصيغ “التطبيع”، وصيغ “الاتفاقات الابراهيمية”، وهؤلاء يعتبرون نجاحهم في استدراج القيادة السورية الى هذا المستنقع يمثل توكيدا لتطلعهم لدور الريادة في جر المنطقة الى “العصر الاسرائيلي الجديد”.
ونحن ندرك أن القيادة السياسية الواعية لا بد لها من استخدام حيز من “البراغماتية” يسمح لها من الاستفادة من الفرص المتاحة، ومن البحث عن مصلحة الوطن والمواطن في كل خطوة تخطوها. وفي مثل الوضع السوري الذي تسلمته فإنها تصبح وبحكم الضرورة مدفوعة للتعامل البراغماتي مع الظروف والمتغيرات،
لكن التعامل البراغماتي يكون شديد الخطورة إن لم تكن الخطوط الاستراتيجية في السياسية والاقتصاد واضحة، والمصالح الاستراتيجي للوطن والمواطن واضحة، وتمثل هذه وتلك خطوطا حمراء لا يصح تجاوزها.
إن الايغال في البراغماتية تحت إغراء المكاسب السريعة والمباشرة يمكن أن يودي بأي ثورة مهما عظمت، ويمكن أن يسقط أي قائد مهما بدا قوي الفكر واضح الرؤية.
البراغماتية بدون ضوابط بمثابة “حبل الشيطان” الذي يحسن ويجمل كل مكسب جزئي، ويحيطه بكل عوامل الإغراء، ليجعله هو المعيار للنجاح.
وهذا التوصيف للبراغماتية، والخطر الناجم عنه، صحيح على مستوى السلوك السياسي، والجماعة السياسية، وكذلك صحيح على مستوى السلوك الأخلاقي للأفراد والجماعات، لنكتشف في لحظة ما أن صاحب هذا السلوك صار في مكان آخر بعيد عن نقطة الانطلاق، بل وفي اتجاه معاكس لها.
نحن الذين تطلعنا بسعادة وتفاؤل إلى النصر الذي تحقق، وإلى القيادة التي أنجزت أهم مراحله، من حقنا أن نطالب بالشفافية التامة في المواقف والتصريحات، وفي متابعة ما ينشر عبر مختلف وسائل الإعلام منسوبا إلى الرئيس أو إلى أي من رفاقه ومساعديه الذين يعبرون عن موقف الجمهورية العربية السورية الوليدة،
ويجب أن يكون واضحا ومستقرا لدى الجميع، أن تأييد الناس للقيادة الجديد، ولما أنجزته تأييد لا ينطلق من قطيعة تامة وناجزة مع النظام البائد بكل ما مثله فحسب، وإنما هو في الوقت نفسه تأييد لما أعلن من التزام بسوريا المستقبل المعبرة عن “بلاد الشام” بهويتها الحضارية، ووحدتها الجغرافية، ودورها الإقليمي والقومي،
وإن وعي القيادة في سوريا لمعاني هذا التأييد يفرض عليها الشفافية في كل قول أو عمل، ويفرض عليها البحث عن كل السبل التي تجعل قنوات التواصل مفتوحة دائما بينها وبين “المواطن” السوري والعربي. وتجعل أعينها في كل ما تقوم به مشدودة على الداخل السوري، وعلى ما يشغل السوريين بحق في شؤون حاضرهم ومستقبلهم.
في مقالات سابقة أشرنا إلى أهمية الديموقراطية، والتعددية السياسية، ومنظمات المجتمع المدني في تحصين المجتمع، وفي جعل العلاقة بين مختلف الأطراف داخل المجتمع صحية، ومنتجة، وهي بالطبيعة تقدم الحماية والقوة لمختلف الأطراف.

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى