مقالات

تفجيرات لبنان والخطر الداهم..!

“المدارنت”..
التفجيرات المتزامنة التي استهدفت أجهزة الاتصال «بيجر» في عدد من المناطق اللبنانية على مدى يومين، وأسفرت عن عدد من الوفيات وآلاف الإصابات، ليست حدثاً هيناً في حجمه وتداعياته، إذ جاء في ظرف دقيق تمر به المنطقة، واستمراراً لسياسة العدوان الإسرائيلية في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة ولبنان، ومناورة خطيرة إضافية تهدد باتساع الحرب المندلعة منذ نحو عام.
لليوم الثاني على التوالي تكررت أصوات انفجارات أجهزة الاتصال من نوعي «البيجر» وال «ووكي توكي أيكوم» وبعض أنظمة الطاقة الشمسية في أنحاء لبنان، وبعضها جرى خلال تشييع ضحايا الموجة الأولى من التفجيرات، ليكون بذلك أدمى هجوم سيبراني تعرفه المنطقة ويشهده العالم، وهو تصعيد متعمد ينسجم مع التهديدات الإسرائيلية المتوالية بتوسيع رقعة الحرب باتجاه لبنان، وربما تصل إلى ساحات أخرى.
الأمر برمته يهدد بأن تكون المخاوف من دوامة العنف التي تجنبها الشرق الأوسط منذ السابع من أكتوبر الماضي، باتت اليوم أقرب إلى الوقوع، والوصول إلى هذا الوضع جاء بسبب رعونة الحكومة الإسرائيلية واستمرائها سياسة القتل والتدمير وإشاعة عدم الاستقرار، يشجعها في ذلك عجز المجتمع الدولي عن الردع، وازدواجية الموقف الأمريكي حيال الأزمة الكبيرة، فهي من جهة تؤيد النهج الإسرائيلي وتحميه من الملاحقة القضائية والدولية وتدعمه بالمال والسلاح، ومن جهة أخرى تلعب دور الوسيط للتهدئة وخفض التصعيد، وفي هذه الحالة لا تستمع إليها حكومة التطرف في تل أبيب، وسمع العالم مرات عدة الرئيس جو بايدن ونابئته كامالا هاريس يحذران من تبعات السياسات المتطرفة والمعادية للسلام في حكومة بنيامين نتنياهو.
بعد التطورات الأخيرة، التي يبدو أنها فارقة، لم تعد أوضاع المنطقة تحتمل مزيداً من التجاهل والتخاذل، وإذا كانت هناك جدية دولية لمنع الأسوأ فيجب التحرك الآن وفوراً، لأن سياسة حافة الهاوية التي تنتهجها إسرائيل لن تكون مأمونة إلى ما لا نهاية، ويمكن أن تنزلق في لحظة ما إلى الهاوية نفسها.

إثر تفجيرات «البيجر» اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن تفجير أجهزة الاتصال الذي يستهدف «حزب الله»، يشير إلى «خطر جدي لتصعيد كبير»، بينما طالب المفوض الأممي لحقوق الإنسان فولكر تورك بمحاسبة المسؤولين، مؤكداً أن «الاستهداف المتزامن لآلاف الأشخاص، سواء كانوا مدنيين أو أعضاء في جماعات مسلّحة، يشكّل انتهاكاً للقانون الدولي».
ورغم النوايا الصادقة التي يتحلي بها مسؤولو الأمم المتحدة، إلا أنه ثبت أن مواقفهم لا تقدم ولا تؤخر، وقد سمع العالم تصريحات أكثر قوة وإدانات تقشعر لها الأبدان لجرائم إسرائيلية حدثت في قطاع غزة المنكوب، لكن ذلك لم يمنع آلة العدوان من الاستمرار في سفك الدماء واستهداف كل مقومات الحياة على مدار الشهور الأحد عشر الماضية.
وفي العرف الإسرائيلي لا يختلف استخدام أجهزة مدنية كأسلحة في لبنان عن قصف المدارس والمستشفيات ومراكز الإيواء في غزة بحجة وجود «مطلوبين».
كل المؤشرات تؤكد أن الوضع أصبح على صفيح ساخن، وأن العبث الإسرائيلي بالاستقرار وسيادة الدول تمادى وتجاوز كثيراً ويجب وقفه إذا كان بالفعل هناك حرص دولي مخلص على الأمن والسلام في المنطقة والعالم.

المصدر: إفتتاحية “الخليج” الإماراتية اليوم
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى