تواطؤ دولي ودعم واضح لـ”جماعة الحوثي”!
“المدارنت”..
بات التواطؤ الذي تحظى به “جماعة الحوثي” من قبل القوى النافذة في المنطقة، وتحديدًا أمريكا وبريطانيا. واضحاً وضوح الشمس في رابعة النهار، كما يقولون، ولم يعد من مجال لإنكار ذلك أو التشكيك بوجوده..
بل تجاوز الأمر كونه تواطؤاً إلى دعم بيٍّن، وبدا وكأن “الجماعة الانقلابية” أصبحت يداً أو جندياً مأموراً ينفذ مهمةً محدودة ضمن مشروع كبير تتبناه تلك القوتان المهيمنتان في المنطقة..
مشروع تجاوزت مرحلته الشغل على أنظمة دول المنطقة من داخلها، وإحداث الشروخ السياسية والاقتصادية في بناها وهياكلها، ووصولاً إلى التفتيت الاجتماعي والفكري، وخلق بيئات مشحونة بالتناهض والاختلاف والتناحر أيضا..
والمثير للانتباه أن هذه القوى المهيمنة هي من تتولى الترويج للجماعة، وصنع هالة من التضخيم والتهويل وتخويف الأنظمة والشعوب من قوة وأثر هذه الجماعة، التي هي في حقيقتها قوة كرتونية غير فعلية، وغير قادرة حتى على حماية نفسها، لو أفسح المجال لمحاربتها والقيام بمواجهتها مواجهة فعلية، من قبل قوة مماثلة لها، فما بالنا لو أن نظاما كالنظام السعودي أو حتى الشرعية اليمنية على سبيل المثال، هي من تتولى التصدي لهذه الجماعة الإرهابية ومواجهتها.. من المؤكد لو أن هذه الجماعة تركت منفردة ومعزولة منذ ظهورها، لما كانت شيئاً يكاد يذكر.. ولو لم يكن لها ظهر متين تستند إليه، لكانت الآن في سلة المهملات..
اليوم، تفيد التقارير، سواء الصادرة من الجماعة أو من قبل المطابخ الإعلامية والمخابراتية الأمريكية في المنطقة، أن عدد السفن التجارية التي استهدفتها “جماعة الحوثيين” الإرهابية في خطوط الملاخة والمياه الدولية، يصل إلى مائتيّ سفينة متعددة الجنسيات..! ورقم مثل هذا يكفي منفرداً ومن دون إضافات أو تفاصيل، لأن يستحضر السخرية في منتهى صورها وأشكالها.. ويبعث الارتياب والشكوك أولاً في صحتها، وثانياً في حجم الموقف منها والتفاعل الدولي معها، ثم في التركيز غير المنطقي على الترويج لها، حد أنك لا تشعر وحسب بل تدرك تماماً بأنه متعمد ومشتغل عليه بعناية فائقة تفوق الصورات الطبيعية..!
نعم.. لقد أصبح من الغباء المفرط اليوم، أن يصدق شخص عاقل أن هذه الجماعة الإرهابية، تعمل منفردة، وأن قوتها وحضورها أمر طبيعي أفرزته الأوضاع السياسية في المنطقة، كما يراد لنا أن نفهم..! وإنما تتجلى الحقيقة كل يوم وآخر بأن هذه الجماعة، ليست أكثر من يد مستخدمة من قوى نافذة في المنطقة، وأن تغيير استراتيجيات خطوط التجارة العالمية بين الشرق والغرب، هي أحد الأهداف التي وجدت ودعمت هذه الجماعة من أجل تحقيقها، خصوصاً إبان الحرب شبه الباردة بين طرفيّ المعمورة، ومحاولة إحكام السيطرة على المنافذ البحرية.. فوجود مثل هذه الجماعة، وعملياتها الإرهابية، سيكون سببا وجيها للغرب لأن يتواجد بقوة للسيطرة على المنافذ، بذريعة محاربة الإرهاب، وهذا أمر بات وشيكا للغاية..