مقالات

توقّع نشوب تسونامي «ترامبَوي»!

جميل مطر/ مصر

“المدارنت”..
توفق المحلل الذي استخدم تعبير تسونامي في وصف توقعاته لحال السياسة في الغرب خلال قادم الأيام، أيام ما بعد فوز الرئيس (الأميركي المُنتخب) دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية. وجدت نفسي أتفق معه في اختيار التعبير وإن اختلفنا حول كثير من اختياراتنا لدوافع هذا الإعصار أو لمحركاته.

أولاً: نحن، أقصد كل مواطني هذا العالم، في حضرة رجل سوف يتولى بعد أيام معدودة قيادة هذا العالم ويقرر أين يفرض السلم وأين يفرض الحرب وفق حسابات كما أدركها هو بشخصه وتجربته ومصلحته. ترامب غاضب ليس فقط على الحزب الديموقراطي وحكومة الرئيس (الأميركي) جو بايدن، لكن أيضاً على من تخلى عنه ولم ينتفض مع المنتفضين في يناير/كانون الثاني، قبل أربع سنوات عندما أعلنت خسارته في انتخابات تجديد رئاسته.
ثانياً: نحن أيضاً في حضرة أعداد من أمريكيين وأوروبيين غاضبين على ترامب غضباً شديداً إلى حد دفع ببعضهم إلى تخطيط ومحاولة تنفيذ عمليتين لاغتياله خلال حملته الانتخابية.
ثالثاً: كثيرون حمّلوا الرئيس المتنحي جو بايدن جانباً من المسؤولية عن تحريك الإعصار القادم. يقولون إن خروج أمريكا من أفغانستان في عهد بايدن لم يكن، بعبارات مهذبة، لائقاً بسمعة الدولة الأعظم ولا بسمعة أكبر جيوش العالم حجماً وأغناها عدة وقوة. هذا الجرح ظل دامياً ومؤثراً بأعمق الآثار. أضف إلى هذا الدافع أو المحرك لإعصار متخيل قادم اختيارات الرئيس بايدن غير الموفقة لأعضاء جهاز الحكم المسؤول عن السياسة الخارجية والأمن. يضربون مثلاً، هو بالفعل صارخ، باختيار ضابط في الجيش الإسرائيلي ليدير مفاوضات مع المسؤولين اللبنانيين ونظرائهم الإسرائيليين حول الوضع في الجنوب اللبناني الواقع تحت عملية إبادة أخرى تجريـها قـوات “إسرائيـل” خارج حدودهـا «الدولية».
رابعاً: لا دليل أقوى على أن النية مبيتة ضد الجانب العربي في صراع الشرق الأوسط لحمله على القبول بأوضاع تحمل الكثير من إصرار غير مبرر أخلاقياً من رئيس دولة عظمى على توصيف ذاته بالصهيوني العتيد، أي المؤمن بحق “إسرائيل” في التوسع على حساب شعب عربي أو آخر متجاوزاً كل ادعاء ثبت زيفه خلال مراحل حكم الحزب الديموقراطي يزعم أن «الديمقراطيين» الأمريكيين دعاة حقوق إنسان وقوانين دولية وعقيدة ديمقراطية.
خامسًا: نتساءل مع غيرنا إن كانت هذه الشيخوخة السياسية لبايدن وراء اتخاذ قرار إشعال حرب بين أوكرانيا والاتحاد الروسي، وهي الحرب التي أثارت انقسامات خطِرة داخل الحلف الأطلسي، لكنها، وهو الأهم، هي والحرب الإسرائيلية في غزة، اللتان كلفتا الميزانية الأمريكية فوق ما تحتمل.
سادساً: أظن، وأكثر الظن في رأيي حق، أننا من موقعنا بصفتنا محللين صرنا شهوداً متضامنين مع شهود في أنحاء أخرى من العالم وإن كنت أخص بالذكر أوروبا بدرجة أقل والعالمين العربي والإسلامي بدرجة وفيرة للغاية. كلنا نشترك في تكوين دافع من دوافع إعصار القادم من الأيام أو نشكل مجتمعين محركاً من محركاته. أما ما استعد من هذه الدوافع والمحركات وصارت له معالم لا تخفى فبعضه كالآتي:
(أ) معالم غضب شباب لا تروق لهم ما يلاحظون ويرقبون من تحولات اجتماعية وسياسية وما يهيمن على ساحاتهم الأكاديمية والرياضية من قوى صهيونية أو متحالفة معها تستخدم كافة أساليب العنف بما فيها الإبادة الجسدية والطرد من الوظائف والجامعات واستبعادهم من المناصب السياسية ومن الترشيحات لمناصب القضاء والمواقع التشريعية.

(ب) الولوج الفعلي من بوابات الإبادة والتهجير والاغتيال والتدمير إلى وضع اللبنات النهائية في بناء إسرائيل الكبرى.
(ج) الخروج إلى العلن والجهر في الاستيطان القسري للضفة الغربية، قلب مشروع الدولة الصهيونية الأوسع. لاحظ هنا التكرار الإسرائيلي المتعمد لإذاعة تصريحات وزير المالية الإسرائيلية في الساعات نفسها التي كانت شعوب العالمين العربي والإسلامي تنصت بكل الاهتمام الممكن في انتظار إعلان رد زعمائهم على هذا التحدي المعلن من جانب حكومة إسرائيل.
(د) أجمع الزعماء العرب والمسلمون، على أن المجتمع الدولي أخفق في التعامل مع الغزو الإسرائيلي لغزة ثم للبنان. مرة أخرى نكتم بخار الغضب غير مكترثين بالقدور وهي تغلي في ربوع فلسطين وفي نجوع العرب في كل مكان.
سابعاً: الزوابع تتجمع في سكون بمواقع متفرقة في انتظار شخص وسياسات وتصرفات يجمعها في تسونامي، والشخص باعتراف أقرب وأكفأ الخبراء هو الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الزعيم الصعب التنبؤ بتصرفاته وتوقيتاتها.

المصدر: “الخليج” الإماراتية
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى