عربي ودولي

جورج حبش: قالها وديع حداد «نحن لسنا هنوداً حمرا»!

المناضلان الراحلان وديع حداد وجورج حبش

“المدارنت”..
بمناسبة الذكرى السابعة والأربعين لرحيل القائد الفلسطيني وديع حداد، أحد مؤسسي حركة القوميين العرب و»الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، تنشر «القدس العربي» مقتطفات من رسالة غير منشورة كتبها القائد الفلسطيني الراحل، الدكتور جورج حبش، في العام 1995، تعكس نظرة الحكيم إلى رفيق دربه.

ووديع حداد، الذي ارتبط اسمه بمرحلة من تاريخ الشعب الفلسطيني، أثارت حولها جدلا ونقاشا كبيرين، حتى في تنظيمه الأم، «الجبهة الشعبية»، لا يزال اليوم يثير جدلا ونقاشا يرتبط بمسار القضية الفلسطينية ووسائل النضال الفلسطيني.
وفي هذه الرسالة التي حصلت عليها “القدس العربي” من أسرة الزعيم الراحل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، يستعيد حبش مواقف عرف فيها خلال مسيرته السياسية والنضالية، ويطرح فيها سؤالًا ما هو الإرهاب، وينتقد اتفاق أوسلو والقيادة الفلسطينية.
وأبرز ما جاء في الرسالة التي خطّها جورج حبش في الثالث من نيسان / أبريل عام 1995:
«هو هو وديع حداد لم يبرح يوما جلد الأرض، لم يفترش يوماً إلا زمن الإصرار العنيد بالحق وللحق. كان خير شاهد وشهيد. كان من الشعب وللشعب، من جرح الشعب، نما وكبر بحجم اتساع الجرح، فكان البلسم في ابتسامته العذبة وهدوئه الشامخ».
ويتابع «حين اختار الطب مهنةً، وهب علمه لفقراء شعبه، كان بسماعة الطبيب يجس نبض الشعب الفلسطيني الذي بدا لكل العالم بأنه شعب يحتضر. وحده وديع كان يسمع دوي الشعب العظيم وصراخه المجلجل في أرجاء الكون. نحن شعب ينبض بالحرية، شعب يحب الحياة. نحن شعب فلسطين قالها وديع «نحن لسنا هنوداً حمرا»، فليرحل كل الغزاة المغتصبين».
ويمضي الدكتور حبش: «فصارت فلسطين عنوان الأمة ورمزها ومفتاح قلبها، فلا عروبة دون فلسطين، ولا فلسطين بدون عروبة. إنه زواج الخيول الأصيلة المنحدرة من عدنان وقحطان. من بيروت وبغداد ودمشق وعمان وقاهرة المعز إلى المغرب العربي واليمن».
وفي تجسيد لمرحلة ميزت منتصف القرن السابق، يكتب حبش عن وديع حداد «كان ظلم القارة السوداء يهز كيانه، وأحذية جنرالات أمريكا اللاتينية تغص قلبه، وبؤس الهند يمزق ضميره، فتوحدت خنادق الأعداء واتحدت شبكة الأخطبوط الإمبريالي البغيض وذراعه الغليظة التي دكت أعناق الشعب الفلسطيني فقتلت أطفاله وصادرت أحلام شبابه. إنها أيدي الصهاينة القتلة التي أخرجت وديع حداد من ديار أجداده، وشرّدته في أصقاع الأرض حاملا منفاه على كف الريح ووطنه على أكتاف الرجال وإرادتهم».
وفي مكان ما من هذه الرسالة، يتساءل الحكيم «أوليس من حق الضحية الصراخ؟ إنهم يستكثرون علينا ذلك، ومن قال إن وديع حداد وكل رفاق وديع حداد من أبناء فلسطين أنهم إرهابيون! من قال هذا؟ هم فقط أعداء الحرية والتحرر والحق والسلام، هم صناع الموت الأسود الذين أرادوا تسويق هذه المعايير. إن من شرد شعب وديع حداد من ربوع وطنه هم الإرهابيون».
ثم يتساءل الحكيم «ما هو الإرهاب؟ وما السبيل إلى معيار «الغرب الحضاري» في ميزان العدالة، والحق، والحرية والمساواة. لقد تأملت طويلاً في معايير الغرب فلم أجد لديهم غير معيار واحد ووحيد، إنه معيار مصالحهم العليا. إنهم يعملون دوما على إنتاج القيّم والقيّم المضادة لخدمة هذه المصالح والحفاظ عليها وعلى كل من يخدمها. فالأنظمة الفاسدة والقمعية المترامية في كل بقاع العالم الثالث، برأي الغرب هي أنظمة عدالة واعتدال يدعمها الـــــغرب بكل قوة لكي تبقى مطبقة على أنفاس شعوبها، ما دامت هذه الأنظمة تخدم مصالح الغرب، لا بل يجب الدفاع عن هذه الأنظمة وإخراجها من قوائم الإرهاب والقمع وخرق قوانين حقوق الإنسان. فجنرالات أمريكا اللاتينية لا بأس بهم وإن حولوا بلادهم إلى جمهوريات فقر وحروب أهلية. والنظام العنصري البغيض في جنوب إفريقيا يبقى ما دامت حفارات الماس تعمل لخدمة شركات الإمبراطورية، وسوموزا تصنع منه كل نموذج وتعيد إنتاج ماركوس والشاه على جماجم الفقراء. إنه الغرب الذي زرع الكيان الصهيوني الغاصب في قلب الأمة ليمزق أوصالها، ويفتت شعوبها ويقتل أطفالها».
وفي رسالته التي كتبها بعد عام من توقيع اتفاق مبادئ الحكم الذاتي (أوسلو) يقول الحكيم «إن خطورة اتفاقيات أوسلو والتي لا تلبي الحد الأدنى من طموحات شعبنا الفلسطيني ليس التفريط بالأرض والتمدد الاستيطاني فحسب، بل إن الخطورة الأكبر تكمن في تدمير الروح النضالية لدى الأجيال القادمة، وضرب منظومة القيّم الكفاحية والأخلاقية والروحية التي جسدها عز الدين القسام وعبد القادر الحـــسيني وغسان كنفاني وكمال عدوان ووديع حداد وأبو جهاد وكل الشهداء والمناضلين الذين جسدوا قوة المثل.
وليس من قاموا بتوقيع اتفاقيات أوســــلو المشؤومة التي تغسل أيدي بني صهيون من دماء أطفالنا الذين لا يزال رابين و بيرس يقتلونهم مع طالع كل صباح . تلك الاتفاقيات التي ارتضت أن تصبح القيادة الفلســـــطينية وسلطة أوسلو شرطياً بهراوة غليظة تُسلط على رقاب شعبها وأبناء جلدتها والتي تعمل على شطب ذاكرتنا ومحوها من كل القيّم التي رسخها وديع حداد وغيره من الشهداء.

لذلك لن نقول وداعاً لقيّم وديع حداد، بل لنزرع هذه القيّم ونرسخها في أعماق قلوبنا وضمائرنا لتزهر حرية وكرامة وسلام».

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى