جولة استطلاع فرنسية في بيروت… لا مبادرة والحلّ من الداخل
“المدارنت”..
كلام كثير سمعه واسئلة اكثر طرحها المبعوث الرئاسي الفرنسي الى بيروت جان ايف لودريان، لكن من دون حصاد. الدبلوماسي العريق الذي أنّب المسؤولين اللبنانيين ممن يلتقيهم اليوم منذ سنوات، وحذرهم من زوال لبنان، يعود اليهم انفسهم ليسمع منهم الموانع الحائلة دون الالتقاء على تسوية تتيح انتخاب رئيس، علّه يجترح معجزة تخرجهم من شرنقة خلافهم العمودي، ولئن كان مدركا ان القطبة المخفية وكلمة السر في جعبة الايراني وحينما تفرج اقليميا ونوويا قد يصبح للبنان رئيس.
فعلى عكس الدينامية الملحوظة التي طبعت اجتماعاته مع القادة والمسؤولين، لم يطرأ أي جديد بارز على المشهد السياسي المتصل بأزمة الشغور الرئاسي، وعلى وجه الخصوص لا مبادرة فرنسية او دولية تنقذ لبنان حتى الساعة. جولة استطلاعية نقلته بين المقار اكد خلالها انه لا يحمل طرحا محددا للخروج من المأزق، انما بدا ان للبحث الفرنسي في بيروت، تتمة، حيث أعلن انه سيعود الى لبنان قريبا، مشيرا الى ان اي حل يجب ان ينطلق من الجانب اللبناني.
ميقاتي: لودريان استهل جولته اليوم من السراي، حيث استقبله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في حضور سفيرة فرنسا آن غريو. وفي خلال الاجتماع جرى عرض مفصل للوضع في لبنان وللمساعي التي تقوم بها فرنسا لحل الازمة السياسية، حيث شدد رئيس الحكومة على ” أن المدخل الى الحل يكمن في انتخاب رئيس جديد”. واشار الى” ان الحكومة انجزت المشاريع الاصلاحية المطلوبة ووقعت الاتفاق الاولي مع صندوق النقد الدولي، وان اقرار هذه المشاريع في مجلس النواب يعطي دفعا للحلول الاقتصادية والاجتماعية المرجوة”. أما الموفد الفرنسي لودريان فاكد “أن الهدف من زيارته الاولى للبنان استطلاع الوضع سعيا للمساعدة في إيجاد الحلول للأزمة التي يمر بها لبنان والبحث مع مختلف الاطراف في كيفية انجاز الحل المنشود”.
لا طرح: ومن السراي، انتقل لودريان الى الصرح البطريركي في بكركي حيث التقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ترافقه السفيرة الفرنسية، وكان الصرح المحطة الوحيدة التي تحدث فيها لودريان للاعلام. فقال بعد اللقاء: سأتواصل مع كل الفرقاء اللبنانيين للخروج من الأزمة وسأسعى إلى وضع أجندة إصلاحات توفّر الأمل لإخراج لبنان من أزمته ولا أحمل أي طرح لكنني سأستمع الى الجميع والحل في الدرجة الأولى يأتي من اللبنانيين. اضاف: هي زيارة اولى ستلحقها زيارة اخرى الى لبنان للخروج من المأزق والحل يأتي من اللبنانيين وفرنسا ستبقى حاضرة دائما.
للاحتكام للدستور: وشددت مصادر مطلعة على أجواء بكركي، بعد اللقاء على رفضها تكريس المرجعيات الطائفية. وقالت “اذا كان لا بد من حوار فليحصل في المجلس النيابي وليتم الاحتكام الى الدستور”.
القصة “لبنانية”: بعد بكركي، توجه الوفد الفرنسي الى معراب، هناك استقبله رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع. عقب الاجتماع الذي استغرق ساعة من الوقت، اشار جعجع إلى أن “الجلسة مع الموفد الفرنسيّ كانت استطلاعية 100/100 فالضيف الفرنسي طرح العديد من الأسئلة حول الملف الرئاسي وكانت لنا أجوبة في هذا السياق”. وإذ شدّد على أن لودريان “لا يحمل في جعبته اقتراحاً للاستحقاق الرئاسي، أكد جعجع أن “الحوار تطرق الى الاقتراحات المتاحة في هذا الاتجاه كما وجّه الموفد الفرنسي بعض الأسئلة حول جلسة 14 حزيران بالإضافة إلى أين نحن ذاهبون في ظل الفراغ الرئاسيّ”.
بعد أن رحّب رئيس القوات بزيارة لودريان الى لبنان، رأى أن “قصة الرئاسة تتعلق بـ128 نائباً، ففي المرة الماضية “لو شدوا حالن شوي كان صار عنا رئيس وكنا خلصنا” باعتبار أن أحد المرشحين كان سينال 65 صوتاً، وبالتالي كان على الكتل النيابية أن تصوت مع هذا المرشح أو ذاك، من دون تعطيل النصاب كما فعلوا، ولولا الخطوة التعطيليّة لما كنا بحاجة لأميركا وفرنسا والسعودية وإيران…”. تابع “في ما خص طرح الحوار فهو ” بالمظهر” جيد، ولكن الانتخابات الرئاسية لا تكون عبر الحوار، مع العلم أننا طرحنا على بعض الأفرقاء عدّة أسماء وبعض الطروحات رهن أجوبتهم، ولكن منذ اللحظة الأولى، هم مصرون على اسم سليمان فرنجيّة، فعلى ماذا يطلبون منا الحوار؟ وهم يريدون إقناعنا بمرشحهم من خلال الحوار”. جعجع الذي استبعد إبرام اتفاق دولي جديد كإتفاق الطائف، شدّد على ضرورة أن ينصب الجهد من قبل مختلف القوى اللبنانية وليس من الفرنسيين، آملاً من كل الكتل النيابيّة إعادة النظر بمواقفها الأخيرة والذهاب الى جلسة انتخابية جديدة، وليربح من يربح”. وعن إمكانية إحياء المبادرة الفرنسية التي رشحت سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، لفت جعجع إلى أن “هذه المرحلة باتت من الماضي، وأنها صفحة وانطوت، كما أن الموفد الفرنسي لم يأتِ أبداً لإقناعنا بفرنجية أو بمرشح آخر”.
لا افضليات: ولفتت اوساط شاركت في اجتماع معراب الى ان ” لا افضليات لفرنسا في الملف الرئاسي وهي مستعدة للقيام بوساطة بين الافرقاء اللبنانيين لكن الحل يجب ان يكون لبنانيا والموفد الفرنسي مدرك لصعوبة المهمة”.
لقاء الحزب: واذ استقبل لودريان فرنجية في قصر الصنوبر على مائدة غداء، اجتمع الى رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عند الرابعة في البياضة، كما يستقبل الوزير السابق زياد بارود مساء في السفارة الفرنسية، ويلتقي ايضا وفدا من حزب الله برئاسة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد.
الاجتماعات مستمرة: واذ يواصل لودريان اجتماعاته غدا حيث قد تشمل سفراء “الخماسي الدولي” في لبنان، بقيت المواقف السياسية من الاستحقاق على حالها. فقد اعتبر عضو كتلة “الكتائب” النائب الياس حنكش أن زيارة لودريان للإستماع الى وجهات النظر المختلفة ولأخذ الوقت لاستنتاج الآراء من اجل تكوين خرق للمشهد الحالي. وعمّا يحصل حاليًا بالملف الرئاسي، قال حنكش في حديث اذاعي “هناك خطّان، الأول متمثّل بمزيد من المشاورات بين الكتل من أجل استقطاب المترددين الى جهة معينة ونحن كمعارضة ثابتون على ترشيح جهاد ازعور، والخط الثاني يتمثل بمبادرة فرنسية ولكن نأسف لأننا لا نزال نشرّع ابوابنا أمام تدخلات خارجية”. وردًا على سؤال حول لقاء قريب بين أفرقاء المعارضة، قال “نحن على تواصل دائم مع أفرقاء المعارضة ونعقد اجتماعات دورية مع الافرقاء وهذا ما أدى الى الوصول الى تقاطع او التقاء على مرشح كأزعور مع “التيار الوطني الحر” وهذه ثمرة اجتماعات مكثفة لتكبير الارضية المشتركة بين الكتل المختلفة”.
نظرة ايجابية: في المقابل اكدت كتلة “الوفاء للمقاومة” في بيان اثر اجتماعها الدوري”على وجوب تداعي اللبنانيين للحوار فيما بينهم وتفترض أنهم المعنيون أساساً بمباشرة ذلك بغية التوصل إلى جوامع مشتركة تضع حدّاً لأزمة الشغور الرئاسي في البلاد. وإنّ الدور الذي يمكن أن يؤديه بعض الأصدقاء للبنانيين، سواء كانوا إقليميين أم دوليين، هو في الحقيقة دورٌ مساعدٌ ننظر إليه بإيجابيّة، خصوصاً حين يعبّر عن حرصٍ واضحٍ على المصالح المشتركة مع لبنان والتي لا بدّ من تفاهم اللبنانيين وتشاركهم لتحقيقها وتطويرها”.
“المركزية”