“حراك السويداء” يتوسّع في عامه الثاني!
“المدارنت”..
دعا المحتجون من ساحة الكرامة في مدينة السويداء جنوبي سوريا، لتوسيع دائرة المشاركة في حراك السويداء لتشمل كافة أطياف المجتمع في المحافظة، بما في ذلك القاعدة الشعبية الممتدة بين الجمهور المراقب والحيادي، والآخر التابع للحزب الحاكم أو الزعامات العشائرية والدينية، محاولاً كسر الحواجز التي صنعها النظام بين محتجي الساحة والمجتمع المحلي، بهدف الوصول إلى رؤية وطنية جامعة.
وبيّن حراك السويداء الشعبي عبر مكوناته الكبرى، التي تتمثل بالهيئة العامة للحراك والتجمع المهني والهيئة الاجتماعية للعمل الوطني، توجهاً واضحاً لتجاوز حدود الخلافات والتناحر مع المكونات الاجتماعية الموالية للسلطة أو الرافضة الحراكَ الشعبي، من أجل الوصول إلى الحد الأدنى من المبادئ العامة التي تضمن حرية الرأي والتعبير للجميع، وتلزم الطرفين بحماية العمل السلمي كما كان، وعدم اللجوء إلى أي أشكال من القوة أو الاستناد إليها لمواجهة أي تعبير سلمي.
وفي هذا السياق، يقول الناشط المدني وليد الحناوي لـ”العربي الجديد”، إنه “بعد عام من التناحر والاختلاف بين مكونات الحراك من جهة، والمكونات التي تسعى للحفاظ على الوضع الراهن، وبعد تجاوز العديد من العقبات التي وضعها النظام تباعاً خلال العام الفائت من عمر الحراك، نسعى اليوم، وبعد تثبيت ساحتنا ومبادئنا الوطنية في الحرية والعدالة الاجتماعية، إلى التوسع أفقياً وكسر الحواجز التي وضعها النظام الحاكم والمنتفعون منه، ونحاول أن نوصل رسالة إلى الجمهور المتفرج أننا نسعى لأجلنا جميعاً، ودونهم لن نحقق النتائج المرجوة. وفي نفس الوقت، نحاول أن نصل إلى قاعدة شعبية أوسع على مستوى المحافظة لننطلق من خلالها إلى المحيط السوري، فنحن ننشد التحرر من العبودية للجميع”.
في هذا الوقت، تسعى السلطات، وعبر محافظ السويداء، للوصول إلى قاعدة شعبية من خلال الإسراع في توفير الخدمات الرئيسية وفي مقدمتها المياه، حيث لاحظ الأهالي سعي المحافظ الدؤوب لإصلاح العديد من آبار المياه، وإصلاح شبكات الكهرباء، وحتى الاتصالات المنقطعة عن بعض البلدات منذ أشهر.
وفي هذا الشأن، يقول حسام الصالح، أحد المشاركين في التظاهرة، لـ”العربي الجديد”؛ إن السويداء ونتيجة لحراكها الشعبي تتميز عن باقي المحافظات بمعظم الخدمات، وفي مقدمتها التيار الكهربائي الذي يصل إلى ساعتي تغذية مقابل ثلاث قطع، على خلاف باقي المحافظات التي لا ترى الكهرباء أكثر من ساعة كل خمس ساعات. أما المياه، ورغم الفساد الطويل الذي حلّ بالمؤسسة والموارد المالية خلال السنوات الماضية، ما تزال تحافظ على الحد الأدنى من حاجة المواطن، بل بدأت بتحسن ملحوظ، وكذلك الأمر في التعامل مع الحريات العامة للمواطنين، فلا شرطي أو دورية أمن تدخل منزلاً أو تعتقل مطلوباً سياسياً أو للخدمة العسكرية أو غيره”.
وبالنتيجة؛ يقول الصالح إن “هناك تراكمات لممارسة الحرية في المحافظة ثبتها الحراك الشعبي وزاد عليها، ووقف حاجزاً في وجه التسلط والقمع السلطوي ودفع الجهات الحاكمة للمنافسة على القاعدة الشعبية في تقديم الخدمات وتسهيل التواصل والتعبير في طلب الحقوق حتى في ظل السلطة الممثلة بالمحافظ”.
كما يرى الناشط الإعلامي ساري الحمد أن “هذا التحول الاستراتيجي في الحراك الشعبي يهدف إلى تعزيز موقعه على الساحة السورية، وزيادة الضغط على النظام لتلبية المطالب الشعبية، ويشكل تحدياً جديداً للنظام الذي يسعى لعزل الحراك وإضعافه”. ويعتبر الحمد أن “توسيع قاعدة المشاركة في الحراك قد يساهم في تحقيق زخم أكبر للحركة الاحتجاجية، ويزيد الضغط على النظام لإجراء إصلاحات سياسية جوهرية”. ولكنه يعتبر أيضاً أن هذا التوسع سيواجه تحديات كبيرة، كصعوبة توحيد الرؤى والمطالب بين مختلف الأطراف، وقد يلجأ النظام إلى أساليب قمع باردة جديدة لمواجهة هذا التوسع، وربما ستسعى القوى الإقليمية والدولية المستفيدة من وجود النظام السوري للتأثير على مسار حراك السويداء بهدف الحفاظ على مصالحها.
وختم الحمد حديثه لـ”العربي الجديد” بأنه يعتقد أن أي توسع للحراك الشعبي في السويداء سيكون بمثابة تحول مهم في مسار الأحداث في سورية، متسائلاً: “هل ستنجح الاستراتيجية الجديدة في تحقيق الهدف المنشود؟”.