حظر خدمات “الأونروا” أحدث جرائم الحرب “الإسرائيلية”..
“المدارنت”..
صوّت “الكنيست الإسرائيلي” (الإرهابي الصهيوني) على مشروع قانون، يحظر أعمال وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في أراضي دولة الاحتلال، وعلى مشروع قانون ثانِ يمنع السلطات “الإسرائيلية” من أي اتصال مع الوكالة.
وبذلك فإن دولة الاحتلال تسجل فصلاً جديداً حاسماً في مسلسل طويل شهد التنكيل بالأونروا، وإعاقة مهامها الحيوية وتعطيل خدماتها الإغاثية والصحية والتعليمية في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، المحمية جميعها بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة.
والعنصر اللافت الأول هو أن المشروعين تمّ إقرارهما بأغلبية ساحقة بلغت 92 مقابل 10 للأول و87 مقابل 9 للثاني، الأمر الذي يعني أن ما يُسمى بـ”المعارضة” في الكنيست صوتت بما يشبه الإجماع رغم التحذيرات التي صدرت عن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إزاء مخاطر تمرير القانونين، وردود الأفعال الرافضة له في المجتمع الدولي عموماً وأصدقاء دولة الاحتلال خصوصاً.
وليس خافياً أن الأحقاد على الأونروا مترسخة بقوة في عمق المجتمع الإسرائيلي على اختلاف تياراته، الأمر الذي لا تستطيع تجاهله أحزاب وقوى تعلن هذه الدرجة أو تلك من الاختلاف مع سياسات حكومة بنيامين نتنياهو، ولكنها تلتقي معه في إنزال شتى اشكال العقاب الجماعي بالفلسطينيين.
العنصر اللافت الثاني هو الموقف الرسمي الأمريكي الذي جمع في آن معاً بين المأساة والمهزلة والنفاق الفاضح والمهانة، فلم يُضِف بذلك إلا صفحة أخرى في تاريخ طويل بدوره، شهد ويشهد التواطؤ مع جرائم الحرب الإسرائيلية في مختلف أشكالها.
ومن جهة أولى، أبدى الناطق باسم الخارجية الأمريكية “القلق العميق” إزاء تشريعات الكنيست ضد الأونروا، مؤكداً على الدور “الحاسم” الذي تتولاه الوكالة في توزيع المساعدات الإنسانية على امتداد قطاع غزة. ومن جهة ثانية واصل البيت الأبيض تعليق المساعدات الأمريكية للوكالة وإرجاء استئنافها حتى آذار/ مارس المقبل، متماهياً في ذلك مع التشريعات العدائية التي اتخذها الكونغرس ضد الأونروا.
وأما من جهة ثالثة فإن المهانة لحقت بوزير الخارجية الأمريكي شخصياً، حين تمنّى على (رئيس حكومة العدوّ الإرهابي الصهيوني بنيامين) نتنياهو أن يؤجّل تمرير القانونين في الكنيست فكذب عليه الأخير متذرعاً بأن المعارضة هي صاحبة المبادرة وليست الحكومة، فاتضح العكس واكتفى مكتب نتنياهو بإصدار بيان باللغة الإنكليزية يذر الرماد في العيون، ويزعم استعداد دولة الاحتلال للعمل مع شركاء دوليين لإيصال المساعدات، وهذا بالطبع غير ممكن مع حظر خدمات الأونروا.
ويبقى أن الأصل في استهداف الوكالة يرتبط بخيار صهيوني قديم ومتأصل فحواه رفض مبدأ حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وهذا كان ويظل ركيزة كبرى في أساس إنشاء الأونروا. وإلى جانب ارتكاب جريمة حرب صريحة في العقاب الجماعي وتجويع المدنيين والأطفال بخاصة، ثم انتهاك القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة التي تكفل شرعية أعمال الأونروا، وإرباك حلفاء الاحتلال وخاصة الديمقراطيات الغربية التي تتشدق بحقوق الإنسان… فإن إجراءات الكنيست تضع الولايات المتحدة في حرج مخالفة قوانين أمريكية سارية المفعول، تحظر شحن الأسلحة إلى دول تمنع إيصال المساعدات الإنسانية.
ولكن متى كانت دولة الاحتلال تعبأ أصلاً بهذه الاعتبارات وسواها؟