خدعة «المفاوضات»
“المدارنت”..
انتهجت حكومة (الإرهابي الصهيوني بنيامين) نتنياهو منذ بدء حربها على غزة ولبنان سياستين متناقضتين، فهي من جانب اتبعت تجاه الجبهتين سياسة التدمير الممنهج الذي خلّف عشرات الآلاف من الضحايا، وأتى على البنية التحتية فأحالها أثراً بعد عين، ومن جانب آخر أرادت الظهور أمام الرأي العام العالمي بأنها تسعى إلى إيقاف الحرب بشرط تحقيق أهدافها عبر انخراطها في مفاوضات لا تنتهي، وهي بذلك كانت تهدف إلى شراء الوقت، رغبة في تدمير ما يمكنها تدميره.
ما انتهجته الحكومة “الإسرائيلية” (الإرهابية الصهيونية) في غزة من خداع للعالم بخوضها هذه المفاوضات، من دون نيّة لحلّ، تنتهجه اليوم في جنوب لبنان، ولعل الناظر للوهلة الأولى للدمار الذي خلّفته آلتها الحربية في لبنان يظن أنه في غزة، إذ إن سياسة الأرض المحروقة في الجبهتين هي العنوان الرئيسي لما تقوم به.
وإن ضُغِط عليها دولياً أو خرجت دعوات من هنا وهناك لإيقاف ما تقوم به من دمار، لجأت إلى المكر والالتفاف على القوانين الدولية، فإسرائيل تصم أذنيها عن أي حل سياسي، وتماطل في تنفيذ أي هدنة، لأنها عزمت أمرها على أنها لن تترك الجبهتين من دون أن تمحوهما، بل ستزيل من أمامها كل من يعارض الاستمرار في الحرب.
وهذا ما يفسر سبب إقالة نتنياهو لوزير دفاعه يوآف غالانت -الذي لم يشفع له ما أسهم فيه من دمار في الجبهتين- وأُقيل بعد أن كشف حقيقة ما تنوي حكومته القيام به، وهو التعايش مع الحرب لسنوات طويلة، ولأن -هذا من منظوره العسكري- يستنزف قدرات الجيش دعا إلى تنفيذ صفقة تنهي الحرب، وتعيد الأسرى الإسرائيليين، لكن ذلك لم يوافق أهواء نتنياهو الذي يسعى لتنفيذ مآربه بقتل كل «أعدائه».
ما قاله نتنياهو أمام المبعوث الأمريكي آموس هوكستين بأنه يريد إيقاف الحرب شريطة تنفيذ شروطه، يعني استسلاماً كاملاً للبنان، وصفة مثلى لاستمرار الحرب، على الرغم من أنه في لحظة ما كان ثمة أمل في انفراجة عبّر عنها رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قبل أيام، بالقول: إنه يأمل الإعلان -في غضون ساعات- عن هدنة تؤدي إلى وقف الأعمال القتالية، لكنه عاد لاحقاً ليؤكد أن المؤشرات الديبلوماسية التي تلقتها بيروت تؤكد «عناد» تل أبيب، ورفضها الحلول المقترحة.
لا أفق لحل سياسي راهناً، والقرار للميدان، ولن يكون هناك أفق إلا في ظل تفاعلات مستجدة، منها إدراك الإدارة الأمريكية الجديدة أن مصالحها في مهب الريح في ظل توسع الصراع، أو الضغط الداخلي في إسرائيل لوقف نزيف الحرب.
وثمة خيار أفضل، وهو تكثيف الضغط العربي والإسلامي في المحافل الدولية، بغية إرغام إسرائيل على الخضوع، قبل أن تفلت الأمور من الزمام، وتنجرّ المنطقة بأسرها إلى ما هي في غنى عنه.