مقالات

خيار النظام الايراني وخيار الشعب!

حسين عابديني/ بريطانيا

“المدارنت”..
لم يشهد النظام الايراني، منذ قيامه أوضاعا آمنة ومستقرة، إذ واجه عددا کبيرا من المشكلات والازمات الحادة، حيث عصفت البعض منها به وحتى کادت أن تسقطه، ولکنه ولأسباب وظروف وعوامل ذاتية وموضوعية، تمکن من الخلاص، خصوصا من حيث لعبه على الحبال وإستفادته من التناقض الموجود بين العوامل الداخلية والعامل الخارجي، ووجود مجالات له لکي يناور ويلعب ويساوم من خلالها.
غير إننا لو لاحظنا الازمة الحالية الخانقة التي يمر بها هذا النظام، فإننا نجد إنها ”أي هذه الازمة”، تختلف إختلافا جذريا عن بقية الازمات الاخرى التي مرت بالنظام بل إنها أزمة غير مسبوقة من کل النواحي، إذ يجد النظام نفسه ولأول مرة في مفترق معظم طرقاتها منغلقة بوجهه، وأن الازمة هذه هي أزمة عامة وتضع النظام کله أمام تحد وتهديد غير مسبوق الى الحد الذي صار مسؤولوا النظام، يطلقون تصريحات فيها الکثير من التناقض والتخبط، وهو مانشهده بشکل خاص خلال عهد بزشکيان ولاسيما بعد فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية.
الحديث الآن في طهران يتركز على البحث عن مخرج للأزمة الحالية بصورة عامة وبشکل خاص في جانبيها الاقتصادي والسياسي وهو الامر الذي يٶکد عليه بزشکيان بصورة ملفتة للنظر وبالاخص في تصريحه الاخير الذي قال فيه”نحن على حافة الهاوية”، وهو ما يدل على إن الأوضاع قد وصلت إلى درجة حرجة جدا، تنذر بالانفجار في أيّ لحظة.
إن وخامة الأوضاع الاقتصادية تجاوزت الحدود المألوفة بكثير وباتت تخيم بظلالها على الحرس الثوري والأجهزة الأمنية للنظام، خصوصا بعد أن بات هناك ترکيز دولي على دور ونشاط الحرس الثوري والاجهزة الامنية الايرانية، خصوصا بعد إفتضاح النشاطات الارهابية للنظام والتي کانت بمشارکة وتنسيق بين وزارة المخابرات والحرس الثوري، وهذا يشكل تهديدا كبيرا جدا لأمن واستقرار النظام ويكسر واحدة من أهم صمامات الأمان للنظام، خصوصا وإن عزلة النظام الدولية، قد وصلت الى حد ومستوى يمکن وصفه بالخطير والحرج جدا بالنسبة للنظام.
من هنا، وفي ظل تصاعد الاحتجاجات الشعبية وتزايد نشاطات وحدات الانتفاضة التي صارت ترکز ضرباتها على المٶسسات والمراکز الامنية للنظام، فإن هناك تحديات غير عادية بوجه النظام وتتطلب عملا جادا وإلا فإن هناك مفاجات أمر وأدهى، بل وحتى أن صدور قرار الوکالة الدولية للطاقة الذرية الاخير قد جاء ليضع النظام في موقف ووضع حرج جدا، إذ تم صدوره في وقت حساس بالنسبة للنظام، وهو ما يقلص مساحة اللعب والمناورة للنظام ولا سيما من حيث إستخدامه لأسلوب اللعبة المزدوجة للتفاوض والمواجهة.
إن هذا الاسلوب قد لاينفع بالمرة مع ترامب الذي سبق وإن رفض الاتفاق النووي للعام 2015، ولا يقبل بأي إتفاق لايضمن فيه نهاية الحلم النووي الايراني، وهو الامر الذي من شأنه أن يکلف النظام کثيرا وحتى يهدد مستقبله.
الحديث الدائر الان في إيران والذي يترکز عما يمکن القيام به من قبل النظام الايراني بعد الإنتخابات الرئاسية الأمريكية بما يمکن أن يضمن المحافظة على النظام وعدم التعرض للمزيد من العقوبات والضغوطات الجديدة والتي من الواضح بأن قدرة النظام على تحملها باتت أشبه بالمعدومة.
وهذه الحقيقة معروفة للشعب الايراني، ومعروف أيضا بأن النظام مستعد للتضحية بکل مافي مقدوره من أجل ضمان بقائه، وضمان بقائه يعني إستمرار الاوضاع السلبية بصورة أسوأ من السابق، ولذلك فإن الشعب الايراني يدرك جيدا بأن خياره الوحيد هو الاستمرار في مواجهة النظام وهو ما يجري حاليا مع الإشارة الى أن هذا الموضوع تحديدا هو الذي يقلق النظام أکثر من أي موضوع آخر.

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى