دخلها أسدًا وخرج أرنبًا!
خاص “المدارنت”..
فرّ الأسد من “دمشق”، أقدم مدينة في التاريخ، وعاصمة الخلافة الأموية، ومعقل العروبة الأشم، خائفًا لا يلوي على شيء، الأمر الذي فاجأ الناس وأذهلهم! وقد كثرت في ذلك التحليلات والقراءات السياسية والمواقف المندّدة والآراء المرحّبة، فضلًا عن “التكويعات المبَرَّرَة والمبَرهَنة والمعلّلة والمسوَّغَة…”. وكانت جميع التحليلات والقراءات تقريبًا تصبّ في اتّجاه واحد، وهو أن فرار بشّار الأسد حصل على عجلٍ.
لقد فات المحلّلين وأصحاب المواقف والمطبّلين المكوِّعين… أن فرارًا كهذا لا يحصل بين ليلة وضحاها – وإن كانت جميع المؤشرات والأدلة تظهر ذلك – ولا بدَّ له من ترتيبات وتحضيرات مدّة طويلة، قد تكون شهورًا. لذا، نستطيع القول أنّه كان يخطّط له منذ زمن، بعد أن وصلته كلمة السرّ الروسية والإيرانية بالتخلّي عنه، مقابل صفقة تضمن لروسيا تسوية القضية الأوكرانية، وأخرى لإيران في شأن ملفّها النووي. وهو كان قد طالب برحيل القوات الإيرانية وجميع الميليشيات المدعومة منها.
“أسد العروبة والمقاومة والممانعة” لم يرحل، بل انسلّ أرنبًا لحظةَ الحقيقة المرّة تحت جنح الظلام! وعادت سوريا إلى موقعها العروبي الطبيعي وإلى أبنائها الذين دخلوها آمنين!
لقد بدأ بشار التحضير للهرب وكسب نفسه منذ بداية العام الجاري بنقل أموال إلى روسيا من طريق أكثر من تابع له، أهمهم مستشاره رجل الأعمال يسار إبراهيم الذي حاول الأسد التخلّص منه وتصفيته كي يمحو أيّ دليل يدينه، ويتخلّص من أي شخص عارف خسَّته ووضاعته أو مطّلع على التحويلات المالية الفلكية باسمه وباسم زوجته أسماء إلى العاصمة الروسية.
وبعد ذلك، تحديدًا في الشهر السابع، تخلّص – بحادث سير مدبّر – من مستشارته الخاصة لونة الشبل التي كانت على علم بعمليات تحويل المال المشبوهة، وذلك بعد اكتشافه أنّها سحبت ملايين الدولارات من المبالغ التي كُلِّفَت تحويلها باسمه. فكان “قَتْلُ الشبلِ من ذاك الأسد”! ثمّ بعد ذلك، قُتِل محمد براء القاطرجي عند الحدود اللبنانية-السورية – قيل بمسيرة إسرائيلية – وقد كان المسؤول عن تجارة النفط والعمليات المشبوهة من تلك التجارة بين النظام والأطراف والميليشيات المتقاتلة في الحرب التي شنّها الأسد على أصحاب البلد وأهل الحق فيها. فهل ما قيل عن مقتله حقيقة، أم كان لبشار اليد الطولى فيه؟!
إضافة إلى كل ما ذكرناه، أصدر الأسد يوم الفرار الكبير، أمرًا بإلقاء السلاح وعدم القتال… واستعدّ للهروب من دون إخبار أحد من الدائرة المقرّبة له برحيله حتى أخيه بالدم والإجرام والوحشية والسادية – ماهر – الذي فرّ أيضًا – وفق ما قيل – إلى العراق ومن ثمّ إلى موسكو، وهذا ما دفع زوجة الأخير إلى اتهام بشار بأنه خائن العائلة والوطن.
هذه الأحداث كلها إن دلّت فهي تدلّ على أن الأسد عقد صفقة منفردة تضمن أمنَه وحده ولا تضمن أمنَ سوريا والسوريين، مع الأميركيين و”الإسرائيليّين” الذين كان حامي حماهم ومانع أي مواجهة معهم إلا في الزمان والمكان المناسبين! أمّا الأخطر من هذا كلّه – بعد اندحار رأس النظام السوري – فهو تدمير “إسرائيل” ترسانة الأسلحة السورية التي صدأت واهترأت في مخازنها من دون إطلاق قذيفة واحدة على المحتلّ، وما استُخدم منها كان لقتل المدنيين الأبرياء. وتدمير هذه الترسانة كان بناء على معلومات استلمها “الإسرائيليون” من بشار الذي دخل أرض الأحرار أسدًا وخرج منها أرنبًا.