عربي ودولي

دولة نقض العهود.. وسطاء الصفقة “وراء الباب” وبوتين “صدر البيت” و”دروز” سوريا في صندوق “الليكود”!

نتنياهو

“المدارنت”..
الروح الداعمة التي يوفرها (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب لـ”رئيس حكومة العدة الإرهابي الصهيوني بنيامين) لنتنياهو، تسمح لحكومة: إسرائيل”، بالقيام بخطوات بعيدة المدى. في بعض الساحات هذه مقامرة خطيرة قد تشعل حروباً أو تخلق مواجهات جديدة. قال شخص يعرف نتنياهو جيداً، إنه (نتنياهو) كبح نشاطه بسبب مخاوفه من ثلاثة اتجاهات: حدوث تعقيد في محاكمته المتواصلة، وتحفظ الجيش من خطواته، وانتقاد أمريكي. لكن هذه القيود ضعفت في الأشهر الأخيرة.

المثال الأبرز والأهم يتعلق بالمفاوضات حول صفقة المخطوفين. عنوان مواقع الأخبار عن خبر وضع المفاوضات أمس، كان كما اقتبس من مكتب رئيس الحكومة: المبعوث الأمريكي ويتكوف طرح خطة لتمديد وقف النار، وافقت عليها إسرائيل ورفضتها حماس. يبدو أن العنوان الأدق هو “إسرائيل تخرق اتفاق التبادل” – لم تنسحب من محور فيلادلفيا وتراجعت عن تعهدها بوقف القتال، وغير مستعدة للدخول إلى المرحلة الثانية في الصفقة.
بعد فترة قصيرة على نشر بيان مكتب رئيس الحكومة، أعلنت إسرائيل عن وقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة. حماس في الحقيقة راكمت احتياطات كثيرة في الفترة الأخيرة، ولكن ثمة شك بأن يؤثر ذلك على وضع السكان في القطاع فوراً. خطوة إسرائيل هذه ستثير انتقاداً دولياً كبيراً، خصوصاً في بداية شهر رمضان. سيكون الادعاء أن إسرائيل تتعمد تجويع سكان القطاع (لا يصدق العالم ادعاء إسرائيل القائل بعدم وجود أبرياء من الجريمة في غزة)، بالتحديد في فترة عيد.
السؤال هو فيما إذا كان يمكن استخدام تجميد المساعدات الإنسانية لوقف استكمال صفقة التبادل كما يدعي رئيس الحكومة، أم أن الفكرة كلها هي إعادة إشعال الحرب. في الخلفية تحفظ متزايد لدول الوساطة العربية من خطوات إسرائيل؛ فمصر غاضبة من خرق التعهدات بشأن محور فيلادلفيا، التي تعطيه أهمية من أجل مصالحها. ويبدو أن القطريين يئسوا من الوساطة.
ويتكوف يدعم خطوات نتنياهو باقتراح وساطة جديد يريح إسرائيل. حسب الاقتراح، سيتم تمديد وقف النار طوال شهر رمضان وعيد الفصح، وينتهي ذلك في 19 نيسان. جميع المخطوفين، الأحياء والأموات، سيحررون على دفعتين: الأولى في بداية تنفيذ الاتفاق الجديد، والأخرى في نهايته.
وسيتم هذا الأمر مقابل إطلاق سراح سجناء فلسطينيين، حيث لم يحدد مفتاح التحرير بعد. هذا هو الاقتراح الذي رفضته حماس، وإذا بقي رفض حماس قائماً واستمر الدعم الأمريكي لنتنياهو، فسيؤدي هذا الأمر إلى استئناف الحرب، وسيحدث على حساب المخطوفين، الذين سيحكم على بعضهم بمكوث طويل في الأنفاق، وستتم التضحية ببعضهم، فضلاً عن جنود الجيش الإسرائيلي الذين سيقتلون في العملية الهجومية الجديدة، حيث من الواضح أن حماس استغلت الفترة جيداً من أجل الانتظام للدفاع.

في المقابل، هناك تأثير لنضال عائلات المخطوفين من أجل صفقة فورية وبدون تأثير. أمس، تبين أن ترامب شاهد مقابلة المخطوف المطلق سراحه إيلي شرعابي في برنامج “عوفدا” في شبكة “كيشت”، وتأثر مما شاهده، ودعاه للالتقاء معه في البيت الأبيض غداً. ولأن جزءاً كبيراً من السياسة الأمريكية ينبع من العاطفة ومن حدس الرئيس، فربما تفتح احتمالية أخرى هنا.
الطريقة التي يفسر بها رئيس الحكومة خطة ويتكوف واضحة، وهي سياسية في أساسها؛ نتنياهو يريد تمرير ميزانية الدولة في موعدها، وينهي دورة الكنيست الشتوية بسلام، حيث لم تنهر حكومته ولا يضغط وزير المالية سموتريتش عليه. حزب “الصهيونية الدينية” الذي يجد صعوبة في اجتياز نسبة الحسم، يبتز نتنياهو ويملي سلوك الحرب ويعرض حياة المخطوفين للخطر. هذا لن يزعج رئيسه في نشر تغريدة تهنئة أخرى بسعادة مزيفة في المرة القادمة التي سيتحرر فيها مخطوفون، هذا إذا حدث ذلك.
ثمل القوة
تتصرف حكومة نتنياهو بمغامرة في كل الجبهات، لأن من يترأسها يشعر باستطاعته السماح بذلك لنفسه. القاعدة اليمينية تسوق ذلك كفترة جديدة واعدة في تاريخ إسرائيل، أخيراً هي لا تخشى من عمليات هجومية، وعند الضرورة تحتل مناطق جديدة (حالياً لفترة غير محدودة) لحماية مصالحها الأمنية. الخطوات يتم عرضها كدرس مباشر تم استخلاصه من مذبحة 7 أكتوبر: لن نتراجع أكثر.
مع ذلك، يطرح سؤال حول بقاء الجيش الإسرائيلي في غزة وفي خمسة مواقع جنوبي لبنان بمصادقة من أمريكا وخلافاً للجدول الزمني الذي تقرر في اتفاق وقف إطلاق النار. ما الذي يعنيه خرق التعهدات بشأن المصداقية التي توليها دول لوعود إسرائيل؟ حزب الله الآن في موقف ضعيف في لبنان، ولا يسمح لنفسه بالرد. حماس منظمة إرهابية قاتلة، شنت هجوم 7 أكتوبر، لكنها وفت بمعظم شروط الاتفاق معها.
خلال فيض الأحداث، يجدر الانتباه إلى تطورات ذات خطر كامن في سوريا. في بداية كانون الأول، سيطرت إسرائيل على المنطقة العازلة، أي على قطاع في الأراضي السورية شرقي الحدود في هضبة الجولان وعلى الجزء السوري في جبل الشيخ، رداً على سقوط سريع لنظام الأسد، الذي انهار أمام المتمردين.
كان المبرر الفوري أمنياً: الخوف من استغلال جهات متطرفة مرتبطة بالنظام الجديد، المتماهية أيديولوجياً مع “القاعدة”، الفوضى للقيام بهجوم إرهابي سريع في الجولان. ولكن يتبين أن ترامب، في محادثة مع نتنياهو، عبر عن مفاجأته بأن إسرائيل لم تستغل الوضع للسيطرة على أراض أكثر في الجولان.
هنا تولد لدى المستوى السياسي أفكار جديدة كثيرة، من إرسال قوات عسكرية لمساعدة الأكراد في سوريا (فكرة تم الاحتفاظ بها، لحسن الحظ)، وحتى التعهد بالدفاع عن السكان الدروز. في نهاية الأسبوع، نشرت إسرائيل تهديداً للنظام الجديد بأن لا يمس بالبلدة الدرزية قرب دمشق، وهددت بالتدخل بالقوة. هنا، الاعتبارات ليست سياسية وعسكرية فقط، بل هذا غمز للطائفة الدرزية في إسرائيل التي فقد نتنياهو تأييدها بعد تمرير قانون القومية، وأصبح الليكود بحاجة إلى أصواتها في الانتخابات القادمة.

تقف في الخلفية أيضاً تهديدات واستعدادات إسرائيل قبيل احتمالية مهاجمة المنشآت النووية في إيران والعلاقات المعقدة في المثلث الإسرائيلي والأمريكي والروسي. سيفضل ترامب صفقة لكبح المشروع النووي الإيراني على الحرب، لكنه لن يعارض استخدام تهديد حقيقي لإسرائيل كأداة ضغط على النظام في طهران.
في هذه الأثناء، تتحدث حاشية نتنياهو بانفعال عن إمكانية تحسين العلاقات مع موسكو على خلفية التحالف الجديد بين ترامب والرئيس الروسي. إسرائيل تحسست لدى الروس في محاولة للتوصل إلى ترتيبات محلية معهم في سوريا، والآن تساوقت معهم في التصويت المناوئ لأوكرانيا في الأمم المتحدة بالتنسيق مع واشنطن. على خلفية الابتهاج الذي أحاط بالدعم الذي وعد به ترامب، ينبغي الانتباه إلى العرض المخيف الذي قدمه الرئيس الجديد مساء الجمعة، عندما استضاف الرئيس الأوكراني زيلينسكي في البيت الأبيض. لقد تغير موقف ترامب من إسرائيل على مر السنين، لكن من الأفضل عدم تطوير توقعات مبالغ فيها.
الطموحات الإمبريالية التي أشعلها ترامب لدى نتنياهو وشخصيات إسرائيلية رفيعة أخرى، لا تتساوق مع موضوع آخر – الجيش الإسرائيلي ببساطة أصغر من عبء المهمات والجبهات التي يتم فحصها الآن. من يتسلى بالأفكار حول احتلال المزيد من الأراضي واستئناف القتال في جبهات أخرى، يجدر به التفكير أيضاً بقيود حجم قوات الجيش الإسرائيلي، بعد قتلى وجرحى ومصابين بأمراض نفسية، تكبدها الجيش في الـ 16 شهراً من الحرب، وتنقصه قوة بشرية بحجم لواءين. وهذا حتى قبل الحديث عن الأزمة الكبيرة في وحدات الاحتياط التي واجه رجالها في هذه الفترة عبئاً غير مسبوق. من يفضل الذهاب إلى معارك جديدة ليفحص إذا كان الجيش والجمهور يقفان وراءه.

المصدر: عاموس هرئيل/ “هآرتس” العبرية
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى