رحيل المخرج السينمائي اللبناني برهان علوية (80 عامًا)
نعت وزارة الثقافة، المخرج اللبناني برهان علوية، الذي توفي في بلجيكا.
وأشارت في بيان، الى أنه “غادرنا المخرج المبدع برهان علوية، ابن بلدة أرنون الجنوبية، الذي وثق في أفلامه الروائية شكلا ومضمونا صورة المجتمع الانساني في لبنان والعالم العربي بكل تجلياته الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فأغنى السينما بتجربة مميزة وفريدة، طرح من خلالها إشكاليات الحرب الأهلية اللبنانية والذاكرة والصراع العربي الإسرائيلي والهوية والمنفى.
لا ريب ان رحيله يشكل خسارة للبنان وللثقافة، الا أن بصمته الابداعية وانتاجاته من “كفر قاسم” الى “بيروت اللقاء”، “خلص” وغيرها، ستبقى شاهدا على ابداعه وفكره وشخصيته وستخلد ذكراه في أذهان اللبنانيين فنانا ومثقفا ومبدعا”.
يذكر أن علوية، توفي الليلة الماضية في بروكسل، جراء نوبة قلبية مفاجئة، عن عمر يناهز ثمانين عاما، كان معظمها حافلا بالنشاط السينمائي والتلفزيوني المميز.
ولد برهان علوية في بلدة أرنون/ قضاء النبطية في جنوب لبنان، في العام 1941، لكن وظيفة والده الدركي فرضت على العائلة تجوالا داخل لبنان، وانتقالا من بلدة إلى أخرى قبل استقراراهم في بيروت عام 1956، حيث درس في مدرسة عين الرمانة، وعمل كمساعد مصور، ثم كنترول فيديو في “تلفزيون لبنان”.
درس برهان علوية، بعد ذلك العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية، ثم بدأ رحلة خارج البلد أتاحت له زيارة دول إفريقية مختلفة منها مصر والسودان والكونغو، وعندما عاد إلى بيروت عام 1967، وقعت حرب الأيام الستة التي دفعته لمغادرة لبنان إلى باريس.
التحق بالمعهد الوطني العالي لفنون العرض وتقنيات البث “إنساس” في بروكسل ببلجيكا، وتخرج منه عام 1973 بفيلم تخرج قصير بعنوان “ملصق ضد ملصق”، وبعدها قدم فيلما آخر بعنوان “فوريار”.
بعد ذلك عاد علوية إلى بيروت مرة أخرى، وقدم أفلاما روائية ووثائقية عدة منها “كفر قاسم” عام 1975، وهو الفيلم الذي تسبب في شهرته عربيا، ثم “بيروت اللقاء” عام 1981، وفيلم “خلص” عام 2006، والفيلم الوثائقي “لا يكفي أن يكون الله مع الفقراء” عام 1978، و”رسالة من زمن الحرب” عام 1984، و”رسالة من زمن المنفى” عام 1987، و”أسوان والسد العالي” عام 1990.
عمل أستاذا محاضرا في الجامعة اليسوعية في بيروت، واختير عضوا في لجنة مهرجانات قرطاج وكزبلانكا وبروكسل وغيرها.
وقال في حديث صحافي عام 2011، عن أفلامه: في كل أفلامي، سعيتُ إلى أن أقول ذاتي وأفكاري الشخصية”.
أضاف: “أنا صنعت أفلاما اخترتها، لا هي التي اختارتني. أنجزت أفلاما أحببتها، ولدي قناعة بأهميتها كموضوع وفن وخيال. أنا مخرج هذه الأفلام، ولست مخرجا بالمطلق. جيلنا قدم سينما بديلة، وأدخلها إلى الحياة الثقافية اليومية. حدث هذا في أماكن أخرى مثل دمشق والقاهرة وتونس. اليوم باتت السينما العربية كلها بديلة تقريبا”.
أجواء هزيمة حزيران 1967، والثورة الطلابية في باريس 1968 كانت خاتمة تسكعه، ومدخلا إلى دراسة الإخراج السينمائي في بلجيكا. في المرحلة الأخيرة من دراسته، أنجز فيلما قصيرا بعنوان “ملصق ضد ملصق” (1971)، ثم وجد فيلمه الروائي الأول “كفر قاسم” في انتظاره بعد تخرجه مباشرة. يكاد هذا الفيلم يعادل حضور برهان علوية في ذاكرة الجمهور والنقاد. أنجز علوية أفلاما أخرى، مهمة، لكن “كفر قاسم” هو أول ما يذكر بعد اسمه. هل هو الفيلم الذي سيحفظه من النسيان؟ يستسيغ ذلك، ويقول: “العروبة وعبد الناصر صنعا وعينا، وفلسطين هي التي أدخلتني إلى السينما. كان يمكن أن أدرس شيئا آخر”.