مقالات

روبيو في الشرق الأوسط. ديبلوماسية تجريب المجرَّب!

روبيو

“المدارنت”..
يواصل وزير الخارجية الأمريكية، ماركو روبيو، جولة في الشرق الأوسط، هي الأولى له منذ تسلم المنصب في 21 كانون الثاني/ يناير الماضي، بدأت من دولة الاحتلال الإسرائيلي كما يتوجب عليها أن تبدأ، وتمرّ بالمملكة العربية السعودية والإمارات.

وكي يعطي مؤشراً مبكراً وصريحاً حول توجهات الديبلوماسية الأمريكية في المنطقة خلال رئاسة دونالد ترامب الثانية، خالف روبيو عرفاً غير مدوّن دأب عليه غالبية وزراء خارجية الولايات المتحدة، فلم يخصص بضع ساعات لزيارة رام الله والاجتماع مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس. المغزى الأول يمكن أن يقود إلى عزوف واشنطن عن التعامل مع السلطة الوطنية الفلسطينية عموماً، والامتناع خصوصاً عن منحها أي دور ضمن ترتيبات ما يُسمى بـ«اليوم التالي» في قطاع غزة.
وأما المغزى الثاني فيمكن أن يذهب في اتجاه تشكيل خطوة إضافية أوضح وأكثر صراحة في التراجع عن حلّ الدولتين، بما ينتهي عملياً إلى اعتناق السياسة الرسمية المعلنة لحكومة بنيامين نتنياهو التي ترفض ذلك الحل الكلاسيكي أولاً، كما تناهض أي مسعى لإقامة دولة فلسطينية تالياً.
في الرياض، وبعد الاجتماع مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، سمع روبيو خلاصة موقف المملكة من مسألة أولى عزيزة على قلب ترامب هي آفاق التطبيع مع دولة الاحتلال، وأنه غير وارد إلا في ظل سلام عادل وشامل ينطوي أيضاً على إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. ولم يكن الموقف جديداً إذ سبق أن شدد عليه بن سلمان شخصياً في افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى أواسط أيلول/ سبتمبر الماضي.
من المشروع بالتالي اختصار جولة روبيو في أنها لا تقوم بما هو أكثر من تجريب المجرَّب، أي السير على خطى سلفه أنتوني بلينكن الذي ضرب رقماً قياسياً في القيام بـ11 جولة إلى المنطقة، وغادر المنصب صحبة سيده بايدن من دون أي إنجاز ملموس أو فارق. وكان روبيو قد دشن هذا النهج في تجريب ما جُرّب سابقاً وأثبت فشله ابتداء من المحطة الأولى في دولة الاحتلال، حين أسمعه نتنياهو ما اعتاد على إسماعه إلى رجال الإدارة السابقة.
وفي الجانب العملي من تحجيم جولة روبيو لجأ نتنياهو إلى تكتيك قديم مألوف لديه، هو اعتماد مزيج من المناورة والمماطلة والتفخيخ في التعامل مع حرص المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف على استئناف التفاوض مع «حماس» حول المرحلة الثانية من اتفاقية وقف إطلاق النار والتبادل، فأرسل إلى القاهرة وفداً منخفض المستوى ومحدود الصلاحيات. وبالتالي لم يترك لأمثال ويتكوف وروبيو سوى ميدان التصريحات الجوفاء، التي تنسفها الوقائع الفعلية على الأرض.
والأرجح أن اجتماع روبيو مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في الرياض أيضاً، لم يخرج بدوره عن إعادة تجريب ما سبق أن تناوله الأخير مع نظيره الأمريكي مايك بومبيو في واشنطن أواخر العام 2019، بصرف النظر عن ثمار هذه التجارب المعادة وسواها.

المصدر: رأي “القدس العربي” اليوم
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى