رياح الحرب الكورية..!
“المدارنت”..
تهبّ على شبه الجزيرة الكورية، رياح حرب ساخنة، قد تتحول إلى إعصار في أي وقت، وتعيد إلى الأذهان ذكريات الحرب الكورية بين العامين 1950 و1953، التي أدت إلى مقتل 5 ملايين إنسان، نصفهم من المدنيين، أي ما يعادل 10 في المئة من سكان كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية آنذاك، وهي نسبة أعلى من تلك الخسائر بين المدنيين التي وقعت في الحرب العالمية الثانية، وحرب فيتنام.
ارتفع في الأيام الأخيرة منسوب التهديدات المتبادلة، وتبادل القصف المدفعي على الحدود، وحرب المسيّرات، وبالونات القمامة، ونسف الطرق الواصلة بين البلدين، ما يدل على أن العلاقات بين البلدين، وصلت إلى حافة الهاوية، بما ينذر بخروج الوضع عن السيطرة.
آخر فصول المواجهة كانت قيام بيونغ يانغ، بقطع الطرقات والسكك الحديدية الواصلة بين البلدين، من خلال تفجير بعضها، وقيام جيش كوريا الجنوبية، بإطلاق النار على مناطق تقع إلى الجنوب من خط ترسيم الحدود العسكرية، كما عززت قواتها على الحدود، مع العلم أن هذه الطرق مغلقة منذ فترة طويلة، لكن تدميرها يبعث برسالة واضحة، مفادها بأن بيونغ يانغ غير مستعدة للتفاوض مع سيؤول.
قبل ذلك اتهمت كوريا الشمالية جارتها الجنوبية، بإرسال طائرات مسيّرة أسقطت منشورات دعائية، مناهضة للنظام، فوق بيونغ يانغ، وقالت إنها ستعتبر «أي مسيّرة يتم رصدها بمكانة إعلان حرب»، لكن سيؤول نفت علاقتها، برغم أن نشطاء كوريين جنوبيين دأبوا على إرسال طائرات مسيّرة صغيرة، يصعب اكتشافها تحمل منشورات معادية لكوريا الشمالية.
وقال لي سونغ-جون، الناطق باسم هيئة الأركان المشتركة في كوريا الجنوبية، إن «جيشنا يراقب الوضع من كثب، وهو مستعد بالكامل لاستفزازات الشمال».
من جهتها، أصدرت هيئة أركان الجيش الشعبي لكوريا الشمالية، الأمر بوضع تشكيلات المدفعية بالقرب من خط الحدود في حالة تأهب قصوى لإطلاق النار، كما تم نشر 250 قاذفة صواريخ باليستية عند حدودها الجنوبية.
وفي وقت سابق حذرت كيم يو يونغ، شقيقة الزعيم الكوري الشمالي، كيم يونغ أون، والمتحدثة الرسمية باسم نظامه، سيؤول من «كارثة رهيبة» ستحل بها في حال دخلت مسيّرات جديدة المجال الجوي لبيونغ يانغ.
يذكر أن كوريا الشمالية كانت أطلقت منذ شهر مايو/ أيار نحو 6 الآف بالون محملة بالنفايات إلى الجنوب، مبررة ذلك بأنها ترد على بالونات يتم إرسالها من الجنوب تحتوي على منشورات معادية لها. في حين عمدت كوريا الجنوبية إلى استئناف الحرب الدعائية ضد الشمال، من خلال بث رسائل مناهضة عبر مكبرات الصوت على طول الحدود بين البلدين، كما علقت بالكامل اتفاقاً عسكرياً، يهدف إلى خفض التوتر، واستأنفت التدريبات العسكرية بالذخيرة الحية في جزر حدودية، وقرب المنطقة منزوعة السلاح التي تقسم شبه الجزيرة إلى شطرين.
إن شبح الحرب يحوم مجدداً في شبه الجزيرة الكورية، في مؤشر خطير على أن العالم يدخل مرحلة جديدة من اللايقين، في ظل نظام دولي غربي، بات شريكاً في إثارة الصراعات والحروب، وعاجزاً عن تحقيق الحد الأدنى من السلام والأمن العالمي.