زلزال سياسي أوروبي!
“المدارنت”..
ما كانت تخشاه أوروبا حدث، فقد حققت أحزاب اليمين واليمين المتطرف مكاسب كبيرة في الانتخابات التي جرت قبل أيام في دول الاتحاد الأوروبي لاختيار أعضاء البرلمان الأوروبي ال 720؛ إذ حلت بالمركز الأول في فرنسا وإيطاليا والنمسا، وحلت ثانية في ألمانيا وهولندا، لكن من دون الحصول على الأغلبية في البرلمان، إلا أن هذا التقدم لأحزاب اليمين ترك حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل الاتجاه السياسي لأوروبا؛ إذ بات من الصعب على القارة العجوز تمرير التشريعات واتخاذ القرارات.
وكان وقع هذه النتائج بمثابة زلزال سياسي في فرنسا؛ إذ أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حلّ البرلمان والدعوة لانتخابات تشريعية على جولتين في 30 يونيو/ حزيران و7 يوليو/ تموز، في خطوة مفاجئة ولكنها محفوفة بالمخاطر حول النتائج المتوقعة، خصوصاً بعدما حصل حزب «التجمع الوطني» اليميني الذي تتزعمه مارين لوبان على 31.5 في المئة من الأصوات، فيما سجل حزب الرئيس ماكرون «النهضة» انتكاسة انتخابية بحصوله على نحو 15.2 في المئة من الأصوات فقط.
وقال ماكرون معترفاً بهزيمة حزبه في خطاب متلفز: «نتائج الانتخابات الأوروبية لم تكن مرضية للأحزاب التي تدافع عن أوروبا بما في ذلك حزبنا.. إن أحزاب اليمين تتقدم في فرنسا»، وحذّر من صعود القوميات والديماغوجيين؛ لأن ذلك يشكل «خطراً على أمتنا وأيضاً على أوروبا وعلى مكانة فرنسا في أوروبا والعالم»، أضاف، «رسالتكم وصلت، لن أترك مشاكلكم وقلقكم من دون أجوبة.. أنا واثق في ديمقراطيتنا، لنعطي الكلمة لشعبنا السيادي».
من جهته حقق «حزب التجمع الوطني» أفضل نتيجة في انتخابات وطنية، وقال رئيسه جوردان بارديلا، إنها «نتيجة تاريخية»، فيما قالت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان: «نحن على استعداد لممارسة السلطة إذا منحنا الفرنسيون ثقتهم»، أضافت نحن مستعدون لإنهاء الهجرة الجماعية وإعطاء الأولوية للقدرة الشرائية، ومستعدون لإعادة فرنسا إلى الحياة مرة أخرى». وكتبت لوبان على منصة (إكس)» من خلال «وضع قائمة التجمع الوطني على مستوى تاريخي، أرسل الشعب الفرنسي رسالة واضحة للغاية إلى السلطة الماكرونية التي تتفكك تصويتاً تلو الآخر: إنهم لم يعودوا يريدون بناءً أوروبياً تكنوقراطياً فوق الأرض»، في إشارة صريحة لرفضها هيكل الاتحاد الأوروبي القائم.
هذا يعني أن الرئيس ماكرون سوف يواجه أواخر الشهر الحالي امتحاناً صعباً في مواجهة اليمين المتطرف الذي سوف يغير وجه فرنسا في حال فوزه بالانتخابات العامة وسيطرته على الجمعية الوطنية (البرلمان). ومن الواضح أن ماكرون يأمل بأن يتمكن حزبه والأحزاب الأخرى من خوض معركة انتخابية تحقق فيها نتائج أفضل لمنع وصول اليمين المتطرف إلى السلطة.
صحيح أن اليمين المتطرف لم يحقق الأغلبية، لكنه أضاف إلى رصيده مقاعد جديدة يمكن أن تعيق معظم التشريعات والقرارات التي على البرلمان الأوروبي اتخاذها، مثل الموقف من الحرب في أوكرانيا، والسياسة الزراعية، والهجرة، والمناخ. ووفقاً للنتائج الحالية فإن الحزب الشعبي الأوروبي والاشتراكيين الديمقراطيين وحزب «تجديد أوروبا»، وهي أحزاب مؤيدة للاتحاد الأوروبي لديها 398 مقعداً من أصل 720، وهي أغلبية أقل مما كانت عليه في البرلمان المنتهية ولايته.
بعد ظهور نتائج الانتخابات تظاهر المئات أمام مقر البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، احتجاجاً على النتائج، ومن هناك انطلقت دعوة إلى الأوروبيين للوحدة والكفاح ضد اليمين المتطرف.
هل يعود الوعي الأوروبي ويدرك مخاطر اليمين المتطرف على مستقبل القارة؟