زيارة الأسد لموسكو ليست مجرد زيارة “بروتوكولية”!
“المدارنت”..
لم تكن زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى موسكو الأسبوع الماضي، واجتماعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فقط لمناسبة الذكرى ال80 لإقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين، فهذه مناسبة يمكن الاحتفاء بها بتبادل الرسائل بين القيادتين، أو إقامة فعاليات ثقافية وفنية مشتركة.
للزيارة أهداف غير بروتوكولية، لها صلة مباشرة بالعلاقات بين البلدين، والأوضاع المتفجرة في المنطقة على ضوء العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة واحتمالات توسعه، إضافة إلى تداعياته. وقد احتلت العلاقات السورية – التركية حيزاً واسعاً من المحادثات على ضوء الجهود الروسية المبذولة لتطبيع العلاقات بين البلدين كمقدمة للقاء الرئيسين السوري بشار الأسد والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقد أشار الكرملين إلى هذه المسألة من خلال المتحدث باسمه ديمتري بيسكوف الذي أكد أن روسيا ترغب في تحسين العلاقات السورية التركية، وأشار إلى أن «مسألة تيسير إجراء اتصالات بين الأتراك والسوريين مدرجة على جدول الأعمال الروسي لتنسيق اجتماع بين الرئيسين». لم يؤكد بيسكوف أن الاجتماع سوف يعقد في موسكو، كما تحدثت بعض المعلومات مؤخراً، لكنه قال إن ليس بوسعه تقديم المزيد من المعلومات حول الموضوع في الوقت الراهن، ما يعني أن موضوع اللقاء لا يزال قيد الدرس بانتظار تهيئة الأجواء الملائمة، خصوصاً أن الأسد وأردوغان أبديا استعدادهما للاجتماع مع بعض التحفظات السورية حول جدول الأعمال، وتحديداً ما يتصل بمسألة انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية.
فالرئيس التركي كان أعلن أنه بالتعاون مع الرئيس الروسي يمكنه توجيه دعوة للرئيس الأسد من أجل تطبيع العلاقات وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل عام 2011، من جانبها نقلت صحيفة «الصباح» التركية عن مصدر مطلع قوله: إن الاجتماع بين الأسد وأردوغان ربما يعقد في شهر أغسطس/ آب المقبل، وأن الرئيس الروسي سوف يكون وسيطاً في هذه القمة.
وفقاً لمصادر متطابقة فإن الرئيس بوتين، وعلى ضوء الاتصالات التي أجرتها موسكو خلال الأشهر القليلة الماضية، وبعد أن قدمت لكل من دمشق وأنقرة «خريطة طريق» للتسوية كانت وعدت بها خلال اجتماع آستانا الأخير، بحث مع الرئيس الأسد الخطوات المبدئية التي يمكن أن تؤدي إلى اللقاء، ومن بينها مناقشة إمكانية الانسحاب العسكري التركي التدريجي من سوريا على أن تتم جدولة الانسحاب من خلال اجتماعات عسكرية بين الطرفين، خصوصاً أن تطبيع العلاقات بات مطلباً روسياً – تركياً – سورياً نظراً لخطورة الأوضاع الإقليمية، ثم لأن تركيا تواجه مخاطر أمنية جراء تعاون الولايات المتحدة مع القوات الكردية في شمال سوريا (قسد) ومساعي الأخيرة للانفصال ما يشكل تهديداً لتركيا جراء العلاقات بين «قسد» وحزب العمال الكردستاني التركي الذي تصنفه تركيا كتنظيم إرهابي. إضافة إلى أن أنقرة تسعى لحل مشكلة اللاجئين السوريين على أراضيها والذين يزيد عددهم على ثلاثة ملايين لاجئ باتوا يشكلون عبئاً اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً داخل تركيا.
صحيح أن العلاقات السورية – التركية شائكة وصعبة، لكن يمكن مع ذلك التوصل إلى اتفاقات تزيل المخاوف التركية وتحقق لسوريا شروطها، ومن بينها المحافظة على سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها ومواجهة الإرهاب وانسحاب القوات التركية، ويمكن أن تشكل «اتفاقية أضنة» الموقعة بين دمشق وأنقرة عام 1998 مدخلاً لتطبيع العلاقات.
الاتصالات سوف تستكمل بين روسيا وكل من سوريا وتركيا، وبمشاركة العراق الذي يلعب دوراً في هذا الصدد.. والأجواء غير ملبدة بالغيوم.