مقالات

شهيد كلّ 45 دقيقة.. هل الطفل الفلسطيني معاد للسامية؟!

“المدارنت”
على امتداد 590 يوماً منذ بدء حرب الإبادة “الإسرائيلية” (الإرهابية الصهيونية) في قطاع غزة، تشير إحصائيات متقاطعة إلى استشهاد أكثر من 15,600 طفل فلسطيني ممّن تمّ تحديد هوياتهم، وإلى أرقام أخرى مفزعة لأطفال تحت الأنقاض في عداد الشهداء، عدا عن آلاف من الجرحى قيد علاج لا يتوفر دائماً، والمصابين بصدمات نفسية مستعصية، وعشرات الآلاف من ضحايا أمراض خطيرة مختلفة يعود معظمها إلى سوء التغذية نتيجة الحصار الإسرائيلي ومنع إدخال المساعدات الإنسانية المختلفة، والطبية منها على وجه الخصـوص.

فإذا كانت مربية وصانعة محتوى خاصّ بالأطفال مثل الأمريكية الشهيرة راشيل غريفن أكورسو، معروفة عالمياً باسم «مس راشيل» ويشاهدها أكثر من 10 ملايين طفل وراشد على امتداد العالم، قد استجابت لضميرها الإنساني والمهني، فتضامنت مع أطفال قطاع غزة، من دون تجاهل الأطفال الإسرائيليين، فهل تُلصق بها على الفور تهمة العداء للسامية؟ وهل تستحق من منظمة «أوقفوا العداء للسامية»، الأمريكية اليمينية المناصرة لدولة الاحتلال، حملة تأثيم شعواء بلغت درجة اللجوء إلى وزيرة العدل بام بوندي ومطالبتها بالتحقيق في أنشطة أكورسو، بتهمة العمل كوكيلة لصالح «حماس»، وتلقي أموال من الحركة؟
وكانت الحملة قد بدأت مطلع نيسان/ أبريل الماضي حين نشرت «مس راشيل» صورة لطفل من غزة يتضور جوعاً، فسارعت المنظمة اليمينية ذاتها إلى التشكيك العلني في أن برنامج أكورسو يجري تمويله من «حماس» على غرار الحملات الهادفة إلى تحريك تظاهرات التضامن مع قطاع غزة في الجامعات الأمريكية، لأن «الديناميكية متماثلة» في الحالتين كما زعمت المنظمة.
لم يكن غريباً أن تنخرط قناة «فوكس» اليمينية في الحملة، فتحثّ الأمهات والآباء على تجنيب أطفالهم مشاهدة «مس راشيل»، رغم شعبيتها الواسعة على يوتيوب أولاً، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي عموماً ومنصة إنستغرام خصوصاً.
اللافت في المقابل أن صحيفة كبرى مثل «نيويورك تايمز»، تزعم تمثيل خطّ ليبرالي يساند حق التعبير عن الرأي، نشرت مادة مفصلة عن أكورسو تعتمد بصفة شبه كلية على مزاعم منظمة «أوقفوا العداء للسامية»، وتنتهي بالتالي إلى الطراز ذاته من الدعوات إلى تحريم برامجها وآرائها.

ولأنّ أكورسو صاحبة نفوذ واسع لدى الأطفال والعائلات، وكانت أشرطتها بعنوان «أغنيات للصغار» قد شاعت لدى مليارات المشاهدين على امتداد العالم، فإن المنظمة التي تقود الحملة ضدها حرصت على ادعاء مناصرة حرية التعبير وبالتالي لم تجد ذريعة أفضل من الفزاعة القديمة المتكررة حول معاداة السامية.
وحين طولبت بتقديم أي دليل على علاقة تمويل بين أكورسو و«حماس»، لم تجد المنظمة سوى ازدياد أنشطة برنامج «مس راشيل» بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وكأن ما ارتكب جيش الاحتلال ويرتكب من جرائم حرب لا تصنع فارق الفظائع عند أطفال قطاع غزة على الأقل.

ولقد استؤنفت الحملة ضد أكورسو مؤخراً بسبب مقابلة أجراها معها الإعلامي مهدي حسن وشاهدها الملايين، ولكن أيضاً بسبب استمرار حرب التجويع الإسرائيلية ضد القطاع، وكابوس الرقم الفظيع لاستشهاد طفل فلسطيني كل 45 دقيقة.

رأي “القدس العربي” اليوم
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى