“شيطنة” الدين والدولة في نظام الملالي!
“المدارنت”..
لم تجرِ رياح الثورة الإيرانية، بما اشتهت سفن الشعب الإيراني، على الرغم من الأعباء الثقيلة التي تحملها، والتضحيات الجسام التي قدمها، على مدى عقود طويلة من حكم شاه إيران. فبدلا من تحقيق طموحاته المشروعة، في الحرية والاستقلال والتقدم الاقتصادي والثقافي والاجتماعي والعيش الكريم.
استولى (الإمام) الخميني على الثورة، وتفرد بها وتحكم بقيادتها، ليشرع في تنفيذ برنامجه الإسلامي، وتحديدا المذهب الشيعي الاثني عشري، وفرضه على الشعب الإيراني، كخطوة تمهيدية لتطبيقه لاحقا على الدول الإقليمية، تحت شعار “تصدير الثورة وإقامة الدولة الإسلامية العالمية”.
ما يلفت الانتباه، ان الخميني، لحماية الدولة الإسلامية العالمية، همش الجيش النظامي، ليكون البديل ما سماه بالحرس الثوري الإيراني. اعتقاد منه بان الجيش النظامي، ومهما بلغ من قوة، لا يمكنه الوقوف في وجه الجيوش الاستعمارية القوية. على عكس المليشيات المسلحة، التي تستطيع مواجهة أيّ دولة، مهما بلغت من قوة، جراء قدرتها على خوض حروب عصابات طويلة الامد. ليس هذا فحسب، وانما سعى الخميني لتأسيس حرس ثوري إيراني في أي بلد تطوله يداه، كما حدث في العراق بعد هيمنة إيران عليه، لكن تحت مسمى الحشد الشعبي.
أي ان تشكيل المليشيات المسلحة في العراق، او الحشد الشعبي، لم يكن وليد الصدفة، او جراء حاجة هذا الحزب او تلك الطائفة، لكسب مزيد من القوة ضد الاخرين، او محاربة داعش تلبية لفتوى الجهاد الكفائي، التي أصدرها المرجع الديني علي السيستاني، بعد احتلال داعش لثلث مساحة العراق، وانما تم تشكيلها وتنظيمها في إيران قبل عقود عدة، وتحديدا يوم السابع عشر من شهر تشرين الثاني عام 1982.
كان أبرز هذه المليشيات، فيلق بدر، الجناح العسكري للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية، وحزب الدعوة ومنظمة العمل وحركة المجاهدين. في حين حددت مهمتها بأسقاط نظام حزب البعث واستلام السلطة في العراق. ليتسنى لإيران تحويل العراق الى ولاية من ولايات الجمهورية الإسلامية العالمية، او في الاقل قاعدة متقدمة لتنفيذ مشروع الهلال الشيعي، الذي يصل الى لبنان عبر العراق وسوريا. ومن الجدير بالذكر، ان الخميني أطلق فكرة الدولة الإسلامية العالمية والحرس الثوري، عندما كان لاجئًا في النجف الاشرف في العراق سنة 1964.
ولكي يتمكن الخميني، او من يخلفه من تنفيذ برنامجه الغريب من نوعه، لقب نفسه بلقب من صنعه، الا وهو الولي الفقيه، ووكيل الامام المهدي المنتظر لحين ظهوره، الامر الذي يمنحه سلطة الهية ودنيوية، تعطيه الحق في حكم البلاد بالطريقة التي يراها هو من دون غيره، ومن دون الاعتراض عليه من اية جهة في البلاد. سواء مؤسسة حكومية او سلطة تشريعية او تنفيذية او حتى قضائية. ولتكريس قبضته على النظام، منح لنفسه صلاحيات مطلقة، شرعنها بفقرات من الدستور الإيراني، منها المادة 110، التي حددت هذه الصلاحيات، منها، تعيين السياسات العامة لنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية. الإشراف على حسن تنفيذ السياسات العامة للنظام، إصدار الأمر بالاستفتاء العام، تولي القيادة العامة للقوات المسلحة، إعلان الحرب او السلام، اعلان النفير العام، حل الاختلافات وتنظيم العلائق بين السلطات الثلاث وحل مشاكل النظام، التي لا يمكن حلها بالطرق المتعارفة، من خلال مجمع تشخيص مصلحة النظام، عزل رئيس الجمهورية.
اما الحديث عن التيار الإصلاحي في إيران، ووقوفه ضد سياسة التطرف والتشدد الخمينية، فهو ليس سوى خدعة كبيرة، لتمرير مشروع الخميني الغريب في جنح الظلام. منها تضليل الشعب الإيراني وتخديره، بانتظار فوز هذا التيار في الانتخابات، وتسلم مقاليد الحكم، والتمتع بحرية القرار، وتحقيق شعاراته التي تعبر عن طموحات الشعب الإيراني. فقد اثبتت الوقائع، بان لا وجود لهذا التيار، الذي فاز أكثر من مره في الانتخابات، في ظل سلطة الولي الفقيه، التي لا تعلو عليها اية سلطة. بدليل ان أي قرار او تشريع او برنامج سياسي او اقتصادي او عسكري، يصدر من أية مؤسسة من مؤسسات النظام، لا يبصر النور قبل اقترانه بموافقة الولي الفقيه.
ان شعار تصدير الثورة الإيرانية، الذي استنزف موارد إيران، على حساب الشعب الإيراني من جهة، ودمر البلدان التي وصل اليها النظام الإيراني، مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن من جهة أخرى، ليس من صنع جهات دولية معادية للثورة، كما يدعي اتباع إيران، وانما هو حقيقة جرى الإعلان عنها، من قبل عدد كبير من المسؤولين الإيرانيين، وفي المقدمة منهم خميني رئيس النظام نفسه. حيث اعتبر شعار تصدير الثورة، منذ اليوم الأول لنجاحها عام 1979، الشعار المركزي للثورة الإيرانية، على امل ان يحظى هذا الشعار، بمساندة الحركات الراديكالية المعارضة في الدول المجاورة، خاصة ذات التوجّه الإسلامي، وبالذات الشيعي منه. بل اعتبر تصدير الثورة وانتشارها في البلدان الأخرى، أحد اهم سبل حمايتها من الداخل. والأكثر من ذلك.
أكد الخميني، أن “تصدير الثورة واجب شرعي، لتشكيل حكومة إسلامية عالمية، تحت زعامة المهدي الإمام الغائب الثاني عشر”. ولم تكن مؤسسات الدولة بعيدة عن ذلك. فعلى سبيل المثال لا الحصر، أصدر مجلس الدفاع الأعلى الإيراني بيانا، يدعو فيه إلى ثورة إسلامية عالمية، تُشكل الأرضية الجيدة لحكومة “المهدي”، ويكون قوامها الحركات الشيعية المعارضة في العراق والسعودية والبحرين ولبنان والخليج.
لم يكتف الخميني بذلك، وانما بدا عبر مؤسساته المختلفة، بتهريب مئات الكتب المعنية بهذا الشأن الى العراق، وباقي الدلول العربية. لكن التركيز الأكبر كان على العراق. وقد تضمنت هذه الكتب التبشير بأفكار الثورة الإيرانية وأيديولوجياتها، مما أسهم في تنشيط الحركة الدينية الشيعية في العراق، إضافة إلى عودة الحياة إلى “حوزة النجف” الدينية، التي لا يخفى على أحد علاقاتها الوثيقة مع “حوزة قم” في إيران. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فالعراقيون المشبعون بأفكار علماء الدين الإيرانيين، من خلال مؤلفاتهم التي غزت العراق، نشروا هذه الأفكار في الدول العربية والأجنبية التي توجّهوا إليها.
اما على المستوى العلني، فقد أنشأ نظام الملالي، خمس دور نشر كبيرة في كل من “برمنجهام”، وديترويت”، و”جاكارتا” و”سنغافورة”، و”الإمارات. نتج عنها، على سبيل المثال لا الحصر، 40 مجلة دورية في لندن، من بينها 12 مجلة باللغة العربية، وفي “دي ترويت” ثلاث مجلات باللغة العربية، إضافة إلى مجلات بالإنجليزية، وفي باريس مجلة عربية وأخرى فرنسية، وفي إندونيسيا مجلة شهرية، وأخرى نصف شهرية باللغة الإندونيسية.
اما تصريحات الخميني العلنية في هذا الخصوص فهي كثيرة. فعلى سبيل المثال، قال الخميني: “الاسلام لا ينحصر في بلد او في بعض البلدان، وليس الاسلام لطائفة واحدة، بل وليس للمسلمين فقط… الاسلام جاء للبشر كافّة. إنّ بعض خطابات الاسلام: “يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا” ولكن هناك خطابات كثيرة تقول: (يا ايها الناس). يريد الاسلام ان يضع البشر تحت ظلّ عدالته.
أيضا قال: “إذا عرفوا الاسلام وفهموا الحكومة الاسلامية، وشعروا أنّ الاسلام مفيد للجميع وإذا شعر الناس، أنّ الحكومة الاسلامية في صالح الجميع، فنحن نأمل أن يميلوا كلهم الى الإسلام”.. “توجيهات الخميني الى المسلمين الصفحة 68.
ومن التوجيهات نفسها صفحة 178″، قال: “من ضروريات الاسلام انّ نبي الاسلام هو خاتم الانبياء، وقد بعث لكل البشرية في مشارق الارض ومغاربها، والقرآن الكريم يقول: “إنّ الاسلام لكلّ الاقوام، فمن وصل اليه لا بدّ أن يؤمن به. وأمّا الروايات الواردة عن الرسول الكريم (ص) فكلها تشير الى أنّ الاسلام للجميع”، وهذا يعني إنّ مفهوم تصدير الثورة يعني تصدير مفاهيم وقيم الاسلام؛ استجابة للمسؤولية الشرعية في الدعوة الى الاسلام، وايصال مبادئه الى جميع الناس.
وقال أيضا ان تصدير الثورة، ليس معناه ممارسة القوّة فقط، وانّما ممارسة الارشاد والتوجيه بالحكمة والموعظة الحسنة، فهو تصدير للثورة السياسية والثقافية.
وفي الصفحة 53 “الامام القائد في مواجهة الصهيونية”، قال أيضا: “اننا لا نريد ان نشهر سيوفنا ونهجم على الآخرين، الا في حالات الدفاع عن النفس، فالدفاع واجب. إنّنا نريد أن نصدّر ثورتنا السياسية والثقافية الى جميع الأقطار الاسلامية، ولو تمّ تصدير هذه الثورة المباركة فإنّها ستحل المشكلات في أيّ منطقة تصلها”
وفي كتابه تصدير الثورة، كما يراها الخميني في الصفحات 28 و 77 و78 و80 على التوالي، قال في احاديثه مع غير الإيرانيين، التي غلب عليها طابع الديبلوماسية ومبدا التقية، وقال في حديث مع جمع من سفراء البلدان الإسلامية: “عندما نقول: لا بد من تصدير ثورتنا يجب أن لا يتبادر الى الاذهان هذا المفهوم الخاطئ، وهو اننا نريد فتح البلدان، اننا نعني بتصدير ثورتنا، أن تستيقظ الشعوب والبلدان، وإن تنقذ نفسها من المعاناة التي تعيش فيها، وتخرج من هيمنة الآخرين الذين ينهبون ثرواتها وذخائرها، في وقت تعيش هي الفقر والحرمان”.
ومن حديث له مع اعضاء المجلس الأعلى للإعلام الاسلامي، قال: “عندما نقول، نريد تصدير ثورتنا، فان هذا لا يعني: اننا نريد تحقيق ذلك بالسيف، بل نتطلّع اليه عن طريق الاعلام والتبليغ. أنّنا نريد من خلال الاعلام الصحيح، أن نحبط الهجوم الواسع الشرس الذي يشنّه الماركسيون وغيرهم ضدّ الاسلام، وأن نعرّف العالم بأنّ الاسلام دين جامع شامل”.
ومن حديث له مع رئيس الجمهورية وأعضاء مجلس الشورى، قال: “عندما نتطلع لان يكون الاسلام في كل مكان ونسعى الى نشره، لا نقصد أن ذلك بالحراب والأسنة؛ بل نريد نشر الاسلام عن طريق الدعوة، نريد أن نلفت أنظار العالم إلى النهج الذي يتعامل به الاسلام مع المحرومين والمظلومين، وسبل تخلصهم من معاناتهم”.
ومن اقواله أيضا: “اننا لا نكتفي بتحقيق الاستقلال لبلدنا وحده، بل سنحث شعوب العالم على تحقيق استقلالها. سنعمل على تصدير تجاربنا الى كل مكان في العالم وايضا نحن نتطلع لان نرى الحكومة الاسلامية قائمة في جميع البلدان، وحكومة العدل الاسلامي مستقرة في كل مكان”.
وقال: “ان علماء الاسلام والباحثين والمفكرين الاسلاميين مدعوون لأعداد طروحات وبرامج بناءة، تأخذ بنظر الاعتبار مصالح المحرومين والمستضعفين، لتحل محل النظم الاقتصادية الوضعية السائدة في العالم الاسلامي، وتنقذ المستضعفين والمسلمين من الفقر والحرمان”.
وفي لقاء خميني مع وزير الخارجية وجمع من العاملين في وزارة الخارجية قال: “لقد قلنا منذ البداية اننا نتطلع الى تصدير ثورتنا، ولا نعني بتصدير الثورة تحشيد الجيوش، بل نريد أن نوصل صوتنا إلى أسماع العالم”، ثم جاء الختام بتصريح “لأحمد خميني”، الابن الثاني للخميني الذي أكد فيه أن “إيران الإسلامية ستكون المقر الكبير للثورة، ومركزا لجهاد الإفريقيين والشرق أوسطيين ومسلمي سائر أنحاء العالم، علينا أن نسعى كما كنا في السابق، محل اعتماد الأبناء الثوريين للإمام الخميني في شتى أنحاء العالم”.
في المقابل، وعلى الرغم من إعلان إيران في عدة مناسبات، أنها لن تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، إلا أن هناك منظمات ثورية إسلامية رسمية، أو شبه رسمية، أو حتى غير رسمية، تزاول اتصالات مع تنظيمات إسلامية معارضة، مما سبب في مراحل عدة توترا في العلاقات مع هذه الدول، وقد استضافت إيران حركات سياسية ودينية معارضة، سعودية وعراقية وبحرينية، ولعل من أبرزها هي الحركات العراقية الشيعية، التي وصلت إلى سدة الحكم بعد الاحتلال. فنظمت المؤتمرات السنوية لها، وسخّرت أجهزة الإعلام، واستغلت دور رجال الدين الشيعة في المنطقة، بما يمنحها أوراقًا إضافية في التعامل مع الأطراف الدولية والإقليمية الأخرى.
لقد نتج عن هذا التوجه الخميني، سياسة داخلية فجة، اعتمدت على دكتاتورية مذهبية وتضييق الحريات وحرمان المواطن من التعبير عن الراي، وكذلك حقه في العيش الكريم. إضافة الى استخدام وسائل القمع والعنف المفرط، ضد المعارضين السياسيين. اما التظاهرات السلمية ضد النظام، فتواجه بأنواع الأسلحة كافة، الى درجة القتل الفردي والجماعي. دون رحمة. في حين احتلت إيران المرتبة الأولى في العالم في تنفيذ احكام الاعدام. حيث جرى اعدام 120 ألف مواطن إيراني، خلال فترة حكم الملالي. في حين قامت السياسة الخارجية على أساس التدخل في شؤون الدول، بغية الهيمنة عليها وفرض السلطة الدينية فيها. من خلال تصدير الثورة، عبر الأحزاب والمليشيات المسلحة الموالية لها.
كان بإمكان الشعب الإيراني ان يعيش بسلام ورفاهية ليندرج بين الشعوب المتقدمة، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، لما تمتلكه إيران من ثروات متعددة وهائلة، تكفي لإعاشة اضعاف العدد الحالي لسكان إيران. ومنها ثروات ذات طابع استراتيجي كالنفط والغاز. بالإضافة الى ان إيران تحتل المرتبة الخامسة عشر، في انتاج أكثر من ستين نوعا من المعادن، مما يتيح للبلاد ان تحرز تقدما، اقتصاديا هائلا ووفرة في الايادي العاملـة وحاملـي الشهادات العليـا.
لكن ما حدث عكس ذلك تماما. حيث يعيش الشعب الإيراني حياة صعبة، جراء معاناته في توفير لقمة العيش، بسبب تراجع الأداء الاقتصادي، حتى في أكثر الأوضاع استقرارا في إيران، فعلى سبيل المثال، وفي العقد الأول بعد ثورة 1979، تراجع نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي، مع أخذ التضخم بعين الاعتبار. وفي العقد الثاني من الثورة، وتحديدا بعد انتهاء حرب إيران ضد العراق، وتعافي أسواق النفط، لم يطرا أي تغيير حتى عام 2010. وازداد الامر سوءا في العقد الثالث للثورة، الذي كان من المفترض أن تحقق إيران نمواً ضخماً نظراً لدخل النفط الهائل، وتدفق الشباب الذين ينضمون للقوى العاملة والذين يحمل الكثير منهم شهادات متقدمة. حيث اكتفت إيران بتسجيل نمو ثابت في إجمالي الناتج المحلي، الى جانب ارتفاع نسبة البطالة إلى 11.7% بحسب التقارير الرسمية. وفي غضون ذلك، استشرى الفساد والرشوة والمحسوبية، والسرقة وانتشار تجارة المخدرات وبيع الأعضاء البشرية الخ. في حين شهد العقد الرابع من الثورة، تشديد العقوبات الدولية التي أدت إلى حالة من الركود الاقتصادي، وانخفاض إجمالي الناتج المحلي، خاصة بحلول الأعوام الأخيرة. وخير مثال على ذلك، تراجع سعر التومان من 143 تومان للدولار الواحد عام 2001 الى 43 ألف تومان حاليا.
امام هذا الوضع نهضت المعارضة الإيرانية، منذ ثلاثة عقود او يزيد لتأخذ على عاتقها مهمة، اسقاط هذا النظام الديني المذهبي المتطرف برمته وتحطيم كافة اجهزته القمعية وإقامة نظام وطني ديمقراطي مدني. وفي المقابل، ولجعل هذا الهدف المشروع والنبيل ممكنا، قام الشعب الإيراني بمختلف طوائفه ومذاهبه وقومياته وتياراته السياسية والاجتماعية بانتفاضات عملاقة، نجد نموذجا منها، بانتفاضة كانون الثاني يناير 2018 ونوفمبر 2019، “واذار 2022 وسبتمبر ايلول 2023 التي كادت ان تسقط النظام، لولا العنف المفرط الذي استخدمه ملالي طهران والحرس الثوري الإيراني والباسيج ضد المنتفضين. ومن الجدير بالذكر، ان تسمية الباسيج تعني رسميا”، قوات تعبئة الفقراء والمستضعفين لتقديم الخدمات للشعب الايراني، وهذه القوات الشعبية ذات الطابع شبه عسكري، تتكون من متطوعين من المدنيين ذكورا وإناثا، أُسسها اية الله الخميني في تشرين الثاني نوفمبر 1979، لتتحول لاحقا الى جهاز قمعي، شانه شان الأجهزة القمعية، التي تعمل بأمره الولي الفقيه.
هناك من يعتقد ان لنظام الملالي القدرة على البقاء، لما يمتلكه من وسائل القوة المتمثلة بالأجهزة القمعية. ومنها الحرس الثوري والباسيج، الى جانب أجهزة النظام القمعية متعددة الأسماء. وكذلك امتلاك النظام لوسائل الخداع والتضليل الملتوية، حول معاداة الشيطان الأكبر، الولايات المتحدة الامريكية، المكروهة من قبل شعوب الأرض كافة. لكن الحقيقة غير ذلك تماما. فنظام الملالي يعيش أضعف حالاته. خاصة وأن المعارضة الوطنية الإيرانية المنظمة، بقيادة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، تغلغلت في المجتمع على نطاق واسع. وأصبحت قوة تهدد نظام الملالي بالسقوط في أي وقت، ودون سابق انذار.
قيادة الانتفاضات والاحتجاجات الشعبية، والعمل التنظيمي والسياسي الموسع، في الداخل والخارج ، من قبل المعارضة الوطنية الإيرانية، ومنظمتها المحورية، منظمة مجاهدي خلق، بقيادة السيدة مريم رجوي، لابد لها من قطف ثمرة التحول، بذهاب نظام الولي الفقيه الى مزبلة التاريخ، شانه شان كل الأنظمة العميلة والرجعية والديكتاتورية. وما حدث درس يجنب الشعب الإيراني ما آلت اليه ثورتهم ضد الشاه، والتي التهمها خميني وغصت بها العمائم.