عربي ودولي

صحافة عبرية: هدوء “إسرائيل” قبيل “طوفان الأقصى” أذهل الضيف ودفعه للتفكير بإلغاء الهجوم خشية كمين!

“المدارنت”..
تنشر صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، اليوم، الجمعة، تحقيقًا جديدًا حول “طوفان الأقصى” تقول فيه إن القائد العام لـ“كتائب القسام” الشهيد محمد الضيف قد أخذته الدهشة عند الساعة الخامسة صباحًا يوم السبت السابع من أكتوبر 2023، وهو يلاحظ أن الجيش الإسرائيلي لا يقوم بأي ردّ على استعدادات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) للقيام بهجوم وشيك.
واستنادًا إلى معطيات إسرائيلية، يقول معد التحقيق، محرر الشؤون الاستخباراتية في الصحيفة العبرية رونين بيرغمان، إن محمد الضيف، وأمام حالة الهدوء واللامبالاة في الجانب الإسرائيلي، في تلك الساعات من صباح السابع من أكتوبر، اقترح على “حماس” الاستنكاف عن القيام بهجوم “طوفان الأقصى” خشية الوقوع في كمين تعدّه إسرائيل، وفيه تتظاهر كأنها لا تعلم بأي شيء عن العملية العسكرية التي يُفترض أن تنطلق بعد ساعة ونصف الساعة، ولكن في نهاية المطاف تقرر مواصلة الخطة كما أُعدّت سلفًا.
كما يكشف التحقيق أن “حماس” نجحت في فك رموز وأسرار منظومة المدرعات الإسرائيلية، وهذه المعلومات الجديدة التي تسلّط الضوء على حجم الفشل الإستراتيجي الإسرائيلي مرشّحة لصبّ الزيت على نار السجالات الإسرائيلية الداخلية، لتشكّل ضغطًا إضافيًا على حكومة الاحتلال لتشكيل لجنة تحقيق رسمية بـ“السابع من أكتوبر”، وهو حدث تاريخي جلل، وربما أكثر خطورة على إسرائيل والإسرائيليين ووعيهم من حرب 1973 لأكثر من سبب.
ومن أسباب خطورة “طوفان الأقصى”، ومطالبة أوساط إسرائيلية واسعة بلجنة تحقيق رسمية، بحثًا عن الفشل والفاشلين، مفاعليه في نفوس الإسرائيليين، ممن زعزع الهجوم بكل ما فيه ثقتهم بالغد وبأنفسهم، وليس فقط بالجيش والمؤسسة الحاكمة، وهذا جرح نفسي يحتاج لعقود طويلة كي يلتئم. هذا التشظي الخطير في وعي الإسرائيليين ينعكس في تنادي وسائل الإعلام العبرية للاستنكاف الجماعي عن نشر صور تسليم الجثامين الأربعة في خان يونس،(يوم أمس)، لا سيّما أن الحديث يدور عن حالة إنسانية حساسة، هم شيري بيباس وطفلاها كفير (9 سنوات في 7 أكتوبر 2023)، وأرئيل (4 سنوات في 7 أكتوبر 2023)، إضافة إلى عوديد ليفشيتس (85 عاماً)، وهو صحافي يهودي مناصر للقضية الفلسطينية، عمل طيلة عقود على تقديم علاجات طبية لأطفال فلسطينيين مرضى بالسرطان، وهو زوج إسرائيلية أفرجت “حماس” عنها في صفقة نوفمبر 2023، وقالت عند عودتها ما صدم الإسرائيليين بأن “حماس” عاملتهم معاملة محترمة، فقد “أكلنا مما أكلوا، وشربنا مما شربوا، وبتنا حيث باتوا”.
صور التوابيت الأربعة وهي تسلّم من قبل “حماس” للصليب الأحمر تنطوي على إثارة خواطر وهيجان عواطف وتشظي وعي الإسرائيليين بسبب ما فيها من مشاعر رهبة وخوف.

قلبي ينزف
ويعبر وزير الأمن السابق في حكومة الاحتلال، رئيس حزب “يسرائيل بيتنا”، أفيغدور ليبرمان، عن حالة الخلل العميق في وعي الإسرائيليين من هذه الناحية، بقوله، اليوم، في حديث للإذاعة العبرية: “استيقظت اليوم وضائقة كبيرة في نفسي، وأشعر أن قلبي ينزف أمام الصورة المتخيلة لاستعادة جثامين سيدة يهودية وطفليها، مثلما أن العاصفة الثلجية الوشيكة تبعث بي مشاعر الوجع، وأنا أتذكر مخطوفينا في أنفاق غزة المعتمة والباردة اليوم”.
ويقول ليبرمان إنه على إسرائيل، اليوم، ودون تأجيل، استعادة كل المخطوفين بكل ثمن، لأننا قادرون لاحقًا على “سد الحساب”، كما فعلنا مع منفذي عملية ميونيخ.
ويرى أن كل المسؤولية تقع على حكومة إسرائيل، خاصة أن ترامب قال بصوته وصورته لنتنياهو: “افعل ما تشاء”، لكن الأخير، للأسف، يبحث عن مصالحه الشخصية، وهو الذي وثق بـ “حماس” التي غررت به، وسمح بنقل ملايين الدولارات لها من قطر، والمحزن أن نتنياهو في كتابه الأخير الصادر قبيل الحرب، يقول إنه رفض مطلب بعض المهووسين من القادة السياسيين والأمنيين الذين طالبوا باجتياح غزة”.
ويؤكد ليبرمان أن إسرائيل كدولة فشلت فشلًا مدويًا في حماية مواطنيها، الذين اختطفوا من بيوتهم وهم بملابس نومهم، ثم أهملتهم ولم تبادر إلى تخليصهم. “حماس” لن تتحول إلى “حركة السلام الآن”، وهي نجحت في بناء صفوفها من جديد، واستولت على كمية كبيرة من الغذاء والوقود، واليوم جيشنا مقيّد اليدين، ولاحقًا، وبعدما نستعيد المخطوفين، علينا انتظار أول فرصة لمواصلة الحرب بعد أول انتهاك لها من قبل حماس”.
وردًا على سؤال عمّن يجب أن يدير غزة، قال ليبرمان: “أولًا علينا رفع مسؤوليتنا عن القطاع، وهذا يعني عدم مدّها بشبكة ماء وكهرباء، وكل انتهاك بسيط كبناء ثكنة عسكرية يعني معاودة الحرب بدون تردد”.

انقلاب أمني
وتوجّه الصحافة العبرية، اليوم الخميس، حملة جديدة على نتنياهو، لأنه تباكى على عودة شيري بيبس وولديها في توابيت، لكنه يعمل في ذات الوقت لتعطيل الصفقة ومنع انتقالها للمرحلة الثانية، ولذا يسعى أيضًا إلى الإطاحة برئيسي الموساد والشاباك، داد بارنياع ورون بار، لأنهما عملا على خدمة المملكة، لا الملك”، كما يقول المعلق الصحفي رازي باركئي، في مقال تنشره صحيفة “يديعوت أحرونوت” اليوم، وهي تكرّس رسم كاريكاتير للسخرية منه، إذ يبدو في مكتبه ممسكاً بكتاب كتب عليه: “حضرة السيد رونين بار. الموضوع: إقالتك من منصبك”، فيما يبدو مقابله وزير الشؤون الإستراتيجية، رون درمر، وقد دخل مكتبه بوجه متفاجئ، حاملًا ورقة كتب عليها “المرحلة الثانية”.
وتقول الصحيفة إن نتنياهو وأبواقه يصعّدون حملتهم على رئيسي الموساد والشاباك كي يتم دفعهما للاستقالة، بدلًا من إقالتهما، كون الإقالة عملية مشكوك في قانونيتها، علاوة على كونها غير أخلاقية لتزامنها مع حرب لم تنتهِ، وفي ذروة عملية تبادل، وفي عزّ عمليات تحقيق الشاباك مع موظفين كبار في مكتب رئاسة الوزراء ومقربين من نتنياهو مشتبه بهم بـ “العمالة لصالح قطر”.
 من جهتها، تكرّس صحيفة “هآرتس” افتتاحيتها، اليوم، لما تعتبره “الانقلاب الأمني”، وتتهم نتنياهو بالسعي لتطهير المؤسسة الأمنية من الموالين للمملكة بدلًا من الملك. وتوضح أن الحملة على رؤساء الأمن تجري ليس لأنهم فشلوا في عملهم، بل بالعكس، فهؤلاء أكدوا، قبل شهور كثيرة، أن الصفقة ممكنة، بيد أن نتنياهو لأسبابه هو لجأ إلى التسويف والمماطلة والتعطيل.
وتتابع: “بدلًا منهم، عين نتنياهو في رئاسة طاقم المفاوضات دمية اسمها الوزير رون درمر، وبواسطته سيكون ممكنًا بسهولة تعطيل المرحلة الثانية دون إزعاج المستوى المهني. ربما هذه إشارة من نتنياهو لليمين بأن وجهته نحو معاودة الحرب على غزة، بثمن التنازل عن بقية المخطوفين”.

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى