صحيفة عبرية.. الجيش “الإسرائيلي”: “حماس” نشطة في “رفح” ودمّرنا فقط رُبع أنفاقها مع مصر!

“المدارنت”..
قبل سبعة أشهر، في أيلول 2024، نشر الناطق العسكري بياناً رسمياً أعلن فيه احتفالياً: “فرقة 162 حسمت لواء رفح لحماس”. وحسب ذاك البيان، الأشهر الثلاثة التي عملت فيها الفرقة في رفح أدت إلى تصفية أكثر من 2000 مخرب وكذا تدمير 13 كيلومتراً من المسارات التحت أرضية. فحقيقة أن البيان آنف الذكر لم يخرج عن مصدر سياسي، ساهمت في ثقة الجمهور به: نقترب من النصر.
زيارة إلى رفح عشية فصح 2025 تكشف واقعاً آخر تماماً، اعترف به أيضاً الناطق العسكري أول أمس في بيان أصدره، جاء على نحو مصادف تقريباً لم ينل المدى المناسب له بسبب مواضيع مشتعلة أخرى. فقد تبين أن رئيس الأركان أجرى تقويماً للوضع وجولة في “محور موراغ” موضع الحديث، وقال للمقاتلين هناك وإلى جانبه قائد المنطقة الجنوبية اللواء ينيف عاشور وقائد فرقة 36، العميد موران عومر: أتوقع منكم حسم لواء رفح”.
ولمن يتساءل: لا، لواء رفح لم ينهض من الرماد. وعليه، ينبغي حسمه من جديد. “لواء رفح لم يحسم”، تقول مصادر في الجيش الإسرائيلي. القادة في الجبهة، حيث تقاتل قوات من لواء 188 و”سييرت غولاني”، تعترف بأن لحماس هناك كتائب أخرى. ورئيس الأركان، اللواء أيال زمير، يحثها على إنهاء المهمة، الذي يزعم أنها أنهيت قبل أكثر من نصف سنة.
ثمة نقد عن تصريحات السياسيين وعلى رأسهم رئيس الوزراء، الذي أعلن قبل سنة بأن إسرائيل على مسافة خطوة من النصر”، غير أن وهن حسم رفح يدل، وليس لأول مرة لشدة الأسف، على هوة تميل للنفخ في بيانات الجيش أيضاً، بشكل يثير تساؤلات قاسية: ما الذي يعرفه الجمهور عن القتال هناك، عن الإنجازات مقابل الإخفاقات، وعن الأهداف التي تحققت وتلك التي ثرثر عنها بيانات العلاقات العامة؟ أي قصة رووها لنا، وكم هي حقيقة؟ بالمناسبة، هذه أسئلة لا تقلق فقط من كان في منصب رئيس الأركان والناطق العسكري في حينه، بل أيضاً رئيس الأركان الحالي وكل قمة القيادة: فإعلاناتهم ستقاس على مدى الزمن، وكل فجوة تشق ثقة الجمهور بالجيش.
أعلن وزير الدفاع بأن الجيش الإسرائيلي سيسيطر كل المجال ما بين محور موراغ ومحور فيلادلفيا المحاذي لمصر، ما يجعل رفح منطقة فصل. “كل رفح ستخلى وستكون مجالاً أمنياً”، قال الوزير إسرائيل كاتس، “هذا ما نفعله نحن الآن”. ميزانية الدفاع كبيرة بما يكفي، لكن الأقوال لا تزال مجاناً، وبالتالي السؤال هو: ماذا سيحصل إذا ما وعندما يتحقق اتفاق وقف نار وإعادة مخطوفين؟ مصدر إسرائيلي كبير يقول بلغة حرة ووسيطة:
“في اللحظة التي توافق فيها حماس على إعادة 11 مخطوفاً حياً، سيتوقف القتال فوراً”. وبين الوزير كاتس بأن الأعمال كشفت “أنفاق تسلل أخرى بين غزة ومصر، ولهذا بات واضحاً أن البقاء في فيلادلفيا بعد هذا الكشف بات مسألة أمنية”. ينبغي أن يوضع هذا التصريح قيد الاختبار في المستوى السياسي، وبالتأكيد في ضوء التحديات حيال إيران وفي الجبهة السورية أيضاً حيال تركيا.
ما يمكن التعرف عليه هو أن معالجة الجيش الإسرائيلي للأنفاق كانت أقل فاعلية بكثير مما يمكن أخذ الانطباع: تقدير الجيش أن واحداً فقط من كل أربعة أنفاق (25 في المئة) دمرت. هذا المعطى يستوجب شروحات يصعب على الجيش الإسرائيلي أن يوفرها حالياً. أهمية الأنفاق ترافقنا منذ نحو 11 سنة، منذ حملة “الجرف الصامد” وبقوة أكبر في الوضعية الصادمة الناشئة:
الآن أيضاً، يمكن لحماس الاستعانة بإمبراطورية الأنفاق التي بنتها إلى جانب الهروب إلى المناطق المأهولة. بعد أن سحب منها دعم المحور الإيراني، باتت قدرتها على إنتاج السلاح محدودة، لكن مسؤولاً كبيراً في الجيش يدعي: “الضربة التي وُجهت للذراع العسكري وحده لن تفيد. ثمة حاجة لمواصلة ضرب المستوى السياسي”. المسؤول الكبير إياه سُئل سؤالاً يحوم فوق الجيش تقريباً من اليوم الذي صدت فيه هجمة 7 أكتوبر وبدأت الاستعدادات للهجوم المضاد: ما هو النصر؟ كان الجواب “إعادة المخطوفين وحسم حمـاس”.
حين لا تزال 75 في المئة من الأنفاق فاعلة، فمشكوك أن يتحقق القسم الأول في حملة عسكرية. وبالنسبة للقسم الثاني، فقبل الحديث عن “حسم حماس”، فمن الأجدر التأكد بأننا نحسم لواء رفح – وأن يكون هذا صحيحاً.