عربي ودولي

صحيفة عبرية: سينكشف قريبًا ماذا وراء اتفاق واشنطن مع “الحوثيين”؟

“المدارنت”
قرار “ميليشيا الحوثيين” وقف الهجمات على السفن بعد العملية العسكرية التي خاضتها الولايات المتحدة ضدهم، يعد دليلاً على أن القوة وحدها هي التي تنتصر.
ظاهرا، هذه هي الحقيقة: الولايات المتحدة ضربتهم بلا رحمة إلى أن فضلوا التوقف. عملياً، هذه زاوية نظر ضيقة، لأن الاتفاق غير الموقع يثبت أن هناك حاجة للأخذ بالقوة، لكن بحكمة، وإلى جانب الدبلوماسية. وليس هذا لأن الحوثيين استسلموا، بل لأن الولايات المتحدة فضلت وقف الهجوم بل وتنازلت حتى عن مطلب ضمان وقف النار على إسرائيل أيضاً. الأمور ستنكشف قريباً، بأن التسوية مع الحوثيين ترتبط بالاتفاق الذي ينسج مع إيران. بمعنى أنه هناك خطوات دبلوماسية وتنازلات متبادلة، وإن كانت جاءت بعد استخدام القوة. لكنها قوة لا تكفي وحدها.
الدرس مما حصل بين الولايات المتحدة والحوثيين، هو بالضبط ما لا تفعله إسرائيل في غزة. فبدلاً من إعلان هزيمة حماس من ناحية عسكرية واستغلال الضربة في صالح تسوية سياسية في غزة تعيد المخطوفين، ها هي إسرائيل تعاند للحسم بقوة إضافية حتى النهاية، وبذلك تستدعي مشاكل ستنشأ: مثل النار التي تلقيناها من اليمن وستشتد، وإيقاع الأذى بالمخطوفين وبمزيد من الجنود الذين سيقتلون. إذ ما الذي يمكن عمله أكثر في غزة ولم نعمله في السنة والنصف الأخيرتين؟ وإذا كان ثمة شيء ما، فلماذا لم يتم عمله حتى الآن؟
كما أن الادعاء القائل بأن الجيش الإسرائيلي سيحرص على عدم دخول المناطق التي فيها مخطوفون يبدو ادعاء غريباً. إذا كان واضحاً أننا لم ندخل إلى مناطق فيها مخطوفون، إذاً فقادة حماس الذين هم على قيد الحياة سيختبئون هناك أيضاً. وبعامة، إذا كان الحفاظ على المخطوفين على قيد الحياة مهماً لهذه الدرجة، أي إذا افترضنا أن هناك صفقة لتحريرهم في النهاية، فلماذا ليس الآن؟ منطق بلا أساس.
وعليه، فالتفسير الوحيد لحملة كبرى وأخرى في غزة هو أن هدفها الاحتلال ربما لأجل استيطان جديد في المستقبل. وإذا كان هذا هو الهدف، فخير انكشاف سياسة الحكومة. حتى الآن، تعلق الخطاب حول غزة بمسائل الأمن والمخطوفين، لكن إذا كان السبب الحقيقي لمواصلة الحرب هو احتلال القطاع، فيمكن إعادة الساحة السياسية والخطاب الجماهيري إلى مكان حقيقي أكثر إلى مسألة مستقبل المناطق والتسوية مع الفلسطينيين.
هذه المسألة دحرت إلى هوامش النقاش منذ 7 أكتوبر، في صالح نقاش على الأمن والمفهوم. وبالفعل، كلنا نتفق على أن المفهوم الأمني تجاه حماس انهار. لكن فكراً سياسياً يكمن من خلف المفهوم، وهذا الفكر يعتقد أننا قد نعيش بأمان في الشرق الأوسط حتى بدون حل النزاع، بل إن نتنياهو تباهى بكتابه أن “اتفاقات إبراهيم” أثبتت دحض الادعاء الذي يشترط اندماج إسرائيل في الشرق الأوسط بالمصالحة مع الفلسطينيين. أما الحقيقة فمعاكسة. ما انهار في أكتوبر هو فكرة إمكانية تجاوز التسوية مع الفلسطينيين – المفهوم الأمني الذي تفجر كان نتيجة له.
حين تكشف الحكومة مواقفها من احتلال غزة، فهي تعلن تمسكها بفكرة أنها لا تؤمن بأي مصالح مستقبلية مع الفلسطينيين، ولا ترى فيها حاجة أيضاً. حيال هذا الموقف، يجب أن يقوم بديل شجاع يقول للجمهور إنه حتى وإن كان السلام غير واقعي في المدى القريب ويجب التركيز على الأمن، فلا يزال الهدف المستقبلي هو تسوية الأرض مقابل السلام. ليس الاتفاقات وحدها هي التي تجلب الأمن، ولهذا فإن التطلع إلى التسوية ليست مسألة يسار أو يمين، بل أيضاً لاعتبارات أخلاقية ومنفعية في كل ما يتعلق بعلاقاتنا وصورتنا في العالم.

آفي شيلون/ “يديعوت أحرونوت” العبرية
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى