صحيفة عبرية: لمحاكمة نتنياهو بتهمة الخيانة وتنحيته عن الحكم!

“المدارنت”
التصريح المشفوع بالقسم الذي قدمه رونين بار للمحكمة العليا هو وثيقة مثيرة للقشعريرة، ترسم صورة ديكتاتور في طور التشكل. خلاصة هذا التصريح قاطعة: كل يوم يبقى فيه نتنياهو رئيساً للحكومة خطر واضح وفوري على أسلوب النظام في إسرائيل. إذا ما زالت الديمقراطية الهشة في إسرائيل ترغب في البقاء، فيجب وضعها على المحك فوراً.
هذا التصريح يكشف خطوة تلو خطوة كيف يستخدم رئيس السلطة التنفيذية القوة التي أودعها الجمهور في يده لتخريب الإجراءات الجنائية ضده، بصورة تسحق أي مؤسسة ترفض الخضوع للإملاءات. المثال البارز على ذلك هي تلك الضغوط الاستثنائية التي استخدمت على بار لتوفير ذريعة لرئيس الحكومة لعدم تقديم شهادته في محاكمة الآلاف. وتم في ذروتها تقديم “رأي” صاغه رئيس الحكومة أو أحد رجاله لرئيس “الشاباك”، تضمن توجيهات مخيفة ولا أساس لها استهدفت إعفاءه من الواجب الذي يثقل عليه.
علمت “هآرتس” أن نتنياهو طلب أن يحظر على المراسلين والمواطنين الإبلاغ عن مكان وجوده. بار، الذي طُلب منه التوقيع على الوثيقة وكأنها صدرت عنه، رفض ذلك. هذا المشهد وحده يلزم بإبعاد نتنياهو عن مكتب رئيس الحكومة، بل وإجراء تحقيق جنائي بتهمة خيانة الأمانة والحصول على شيء بالتحايل وتشويش الإجراءات القانونية. لم تشهد إسرائيل استغلالاً للسلطة من أجل أهداف شخصية.
وقال بار أيضاً إن نتنياهو طلب من السكرتير العسكري ومن السكرتيرة، البقاء معه هو ورئيس “الشاباك” لمواصلة المحادثة بينهما بدون أن يكون لذلك أي ذكر في محضر الجلسة. في حينه، كان رئيس الحكومة يمطر على بار طلبات هستيرية، مثل ممارسة أقسى الأساليب لدى “الشاباك” ضد المتظاهرين الذين أزعجوه هو وأبناء عائلته، وهذا ضرر ليس هناك ما هو أخطر منه يضر بالحق الأساسي القانوني. التنازل عن ذلك يدل على أن نتنياهو كان يدرك خطأ أفعاله، بالضبط مثل استخدام الأسماء الرمزية “عيليم” و”فرديم” في محادثاته مع ارنون ملتشن. ولكن لم يكن السيجار والشمبانيا هي التي على المحك هذه المرة، بل نظام الحكم في إسرائيل.
تصريح بار يلقي قنبلة أخرى؛ فقد وصف محادثة مع نتنياهو في بداية فترة الانقلاب النظامي التي أوضح رئيس الحكومة فيها بأن عليه الخضوع له وليس للمحكمة العليا في حالة نشوء أزمة دستورية. لا توجد شهادة أفضل على غياب الكوابح لدى نتنياهو والاتجاه الذي يسعى إليه.
المستشارة القانونية للحكومة والمحكمة العليا ابتعدت عن مسألة عدم أهلية نتنياهو كالابتعاد عن النار. يمكن فهم خوفهم من نتائج التدخل في رغبة الناخب، ولكن ما الذي يجب أن تفعله الدولة، التي يعد زعيمها هو التهديد المباشر على وجودها؟ هل يمكّنه حراس العتبة من استكمال مهمة التخريب بدلاً من وضع إشارة “قف” أمامه؟ ألا يدركون بأن نتنياهو مستعد مقابل بقائه أن يحطم كل التوازنات والكوابح ويدمر البنية الاجتماعية بأكملها؟
“المشكلة هي كيف ندافع عن الدولة من الذين يمثلونها، الذين يسيطرون عليها”، كتب الكاتب من جزيرة سيشل، ليوناردو شاشا برومان، في كتابه “السياق”.
رونين بار تألم إلى أن فعل شيئاً. “الانشغال في ذلك مرهون بثمن باهظ له وللشاباك”، كتب في تصريحه المشفوع بالقسم. الآن بعد أن فتح ثغرة في السور، لم يعد لغالي بهراف ميارا وقضاة المحكمة العليا أي خيار إلا إسقاط هذا السور.