صحيفة عبرية: مَن لا يريد الشرع في سوريا سيلاقي أردوغان!

“المدارنت”..
يسود وقف نار في قطاع غزة، رممت “حماس” قوتها في ظله، وعادت لتحكم القطاع وسكانه بيد عليا.
أما في لبنان، وإن أبقى “الجيش الإسرائيلي”، وجوده على طول خط الحدود، مع وجود رمزي، تبدو صورته جميلة في وسائل الإعلام، لكن تنظيم حزب الله عاد ليرمم قدراته وقوته، بحكم اتفاق الهدنة الذي وقعنا عليه قبل ثلاثة أشهر.
لكن لمن يسأل عن وجهة طاقة إسرائيل اليوم، فتبدو نحو بمغامرة في سوريا- مغامرة سخيفة، عديمة أي منطق سياسي وعسكري، ستلحق الضرر بنا في المستقبل.
في بداية كانون الأول، حسم أمر دمشق حين انهار نظام (الطاغية المخلوع) بشار الأسد، شيطاننا المعروف والمحبب. فقد حافظ الأسد على الهدوء على طول الحدود، لكنه سمح لإيران بالتموضع في بلاده وساعدها على جعل حزب الله تهديداً لنا.
استولى أحمد الشرع، على مكانه الذي عرفناه كأبي محمد الجولاني، زعيم “جبهة تحرير الشام”، جسم تعود جذوره إلى “القاعدة” و”داعش”.
لا يمر يوم، من دون أن يبعث لنا الشرع برسائل تهدئة، بل وحتى مصالحة. متحدثون بلسانه، تنبأوا بإمكانية إقامة سلام معنا، فيما هو نفسه يعود ليشرح بأن سوريا دولة مدمرة، ووجهتها ليست للحرب، وكل ما يطلبه هو علاقات جيرة طيبة مع الدول المحيطة بها. العدو بل وحتى الشيطان بالنسبة للشرع هو إيران وحزب الله، اللذان لن يغفر لهما دورهما في سوريا بذبح مئات آلاف السوريين في خدمة الأسد.
هل يمكن الثقة بالشرع وتصديق كلامه؟ ليس مؤكداً. ينبغي التعامل معه وفقاً لقاعدة “احترمه وشك فيه”، متابعة أفعاله وليس تصريحاته فقط، وعدم السماح بتثبيت كيان إرهاب في شمالنا، إذا ما اختار الشرع بالفعل طريق المواجهة، الأمر الذي لا يبدو معقولاً الآن. في الوقت نفسه، ليس لإسرائيل مصلحة لجعل نفسها عدواً لسوريا الجديدة ما لم تبث عداء وعدواناً تجاهنا.
غير أن إسرائيل ارتكبت في الأشهر الثلاثة الأخيرة كل خطأ ممكن في سوريا. أولاً، احتلال أراض داخل سوريا، من دون حاجة أمنية، بل لأن الأمر ممكن ولأن صورة الأمر تبدو جميلة. ثانياً، إعلان فارغ من المضمون عن إقامة منطقة مجردة من السلاح من جنوبي دمشق، وهو أمر غير عملي. وأخيراً، إعلان بأننا سنأتي لنجدة الدروز، الذين لا يريدون نجدتنا على الإطلاق.
الدروز في سوريا، مثل إخوانهم في لبنان وإسرائيل، يرون أنفسهم جزءاً لا يتجزأ من الدولة التي يعيشون فيها. هم اليوم يكافحون في سبيل مكانتهم في سوريا حيال الشرع ورجال الذين لاحقوهم بل وقتلوا منهم في الماضي. ولكن الدروز رأوا ولا يزالون يرون أنفسهم كسوريين، ولن يطرأ على بالهم طلب مساعدة مباشرة من إسرائيل. فهم يعرفون بشكل أفضل منا بأن سياستنا تتغير مثل مؤشر اتجاه الريح، لكن مستقبلهم يبقى في المجال السوري، وهم لا يريدون أن يوصم هذا المستقبل بوصمة التعاون معنا.
وهكذا نجحت إسرائيل في فرض نفسها كمسألة مركزية على جدول الأعمال السوري بعد أن اعتبرنا كثيرون من السوريين حتى كعنصر إيجابي وعاطف، وبالتأكيد في ضوء الضربات التي أوقعناها على حزب الله. أما الآن، فيعود الجميع ليروا فينا أزعر، كل رغبته استعراض القوة، والتوسع والاستيلاء على أراض ليست له.
ندفع سوريا إلى أذرع تركيا، ومن لا يريد الشرع سيتلقى (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان.
ندافع عن “إسرائيل”، من أراضي “إسرائيل”. لو فعلنا هذا في 7 أكتوبر، ما وقعت الكارثة. ندافع عن إسرائيل بتشخيص القدرات العسكرية للعدو وإبادتها. لو فعلنا هذا قبل الأوان في لبنان، لوفرنا على أنفسنا مشكلات كثيرة.
لا ندافع عن “إسرائيل”، بتصريحات عليلة، وبخطوات علاقات عامة – لا تخدم أمننا القومي بل تمس به.