مقالات

“صراع الجنرالات” في السودان!

إحسان الفقيه/ الأردن

“المدارنت”..
قبل أسبوعين، نشرت هنا مقالًا بعنوان: “لولوة الخاطر.. قطرية، تكشف زيف شعارات الغرب حول حقوق المرأة”، من جملة ما تضمنه المقال، كان جهود الوزيرة القطرية في العمل الإغاثي بالسودان، وقلت نصًا عن دولة السودان:
“الغرب لا يراها على الخارطة، ولم يلقَ بالا للمرأة السودانية التي تُسلب شرفها ومالها وذويها، وتركها فريسة لصراع الجنرالات”.
على إثر ذلك، أرسل لي أحد الأشقاء السودانيين، التابعين لجهات رسمية، اعتراضًا على مصطلح “صراع الجنرالات”، بأنني قد جانَبني الصواب في توصيف حالة الحرب، وأتبعوا هذا الاعتراض بتوصيفهم للحرب، بأن طرفيها هما الدولة السودانية و”مليشيات الدعم” المتمردة.
وأختصر الرد على الأشقاء من خلال تلك السطور:
من المتعارف عليه أن توجهات الكاتب، لا تؤخذ من سطر أو بعض سطر من كلامه، بل ينبغي تتبع كتاباته وضمّ بعضها إلى بعض، لكي يتم معرفة توجهاته على بينة وبصيرة، فما من صاحب قلم لم يخنه لفظه، ولا يسلم كاتب من أن يُفهم كلامه على غير مراده.
فاستخدامي عبارة “صراع الجنرالات”، لا تحمل المعنى الذي فهمه بعض الأشقاء من كونه صراعًا شخصيًا بين رجلين عسكريّين، يسعى كل منهما لتحقيق أطماعه ونفوذه من خلال ذلك الصراع، ولم يتضمن مقالي، ما يفيد بأنني أضع الجانبين على قدم المساواة.
فكتاباتي حول الأزمة في السودان، سواء في المواقع والصحف أو على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، تتضمن هجومًا لاذعًا على (ميليشيات) “قوات الدعم السريع”، التي تضم المرتزقة الأفارقة، وترتكب الجرائم البشعة بحق الشعب السوداني من قتل وتهجير واغتصاب للنساء ونهب للأموال وإشاعة الفوضى.
لكنني عنيت بصراع الجنرالات، أنه صراع بين جهات عسكرية، بين (رئيس مجلس السيادة الإنتقالي في السودان الفريق عبد الفتاح) البرهان، الذي يقود الجيش السوداني، وبين (نائبه السابق محمد حمدان دقلو) حميدتي، الذي هو شئنا أم أبينا رجل عسكري، فعلى الرغم من أنه بالأصل من خارج المؤسسة العسكرية، إلا أن “مليشياته” استعان بها (الرئيس السوداني المخلوع عمر) البشير، في دارفور، وأضفى عليها الشرعية، بتسميتها “قوات الدعم السريع”، وفق مرسوم رئاسي صدر في 2013 م.
ثم برز على المسرح السياسي، وتم تعيينه نائبًا للبرهان في المجلس العسكري، ثم عضوًا في مجلس السيادة الانتقالي، فهل بعد ذلك أكون مخطئة في وصفه بأنه شخصية عسكرية؟!
فهذا ما عنيته بصراع الجنرالات، أنه صراع بين قوتين عسكريتين، فلا أرى أنه تعبير يثير هذا القدر من الحساسية حول توصيف الصراع، خاصة وأنني – كما أسلفت – أهاجم “مليشيات الدعم السريع” التي تعيث في أرض السودان، فسادًا، بينما لم أتعرّض بسطر واحد للجيش السوداني، باستثناء انتقادي إياه في أمور أخرى، كضعف التسليح، وضعف الأداء الإعلامي والديبلوماسي الحكومي، مقابل التحركات السياسية والديبلوماسية التي يقوم بها حميدتي، باتجاه الدول الإفريقية لدعم موقفه.
وعند حديثي عن المقاومة الشعبية التي نشأت لحماية الشعب من بطش قوات الدعم، أكدت على ضرورة أن يستثمر الجيش السوداني، هذا الحديث بالرعاية الكاملة للمقاومة والإشراف على تسليحها، بحيث تكون لديه قاعدة بيانات بالأسماء وقطع الأسلحة، وتوعية القبائل والأهالي بأنها حالة خاصة اضطرارية، وأن مصلحة الدولة تحتم تسليم السلاح بعد انتهاء الحرب وتوثيق هذا الاتفاق مع القبائل، منعًا للفوضى.
وحتى أكون صادقة، أنا بالأساس ضدّ حكم العسكر في أيّ دولة، لكن في الحالة السودانية، أنظر بشكل شخصي إلى الجيش السوداني، على أنه يمثل الدولة حاليًا، ضد أخطار (ميليشيات) “قوات الدعم” المموّلة خارجيًا، وأن هذه الحكومة هي التي يعول عليها في تحقيق طموحات الشعب في الانتقال إلى حكم مدني، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

المصدر: صحيفة “الشرق” القطرية
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى