مقالات

صرخة في زمن الغفلة.. هل من مجيب؟

“المدارنت”
لسنوات طويلة، لم نكفّ عن رفع أصواتنا، ولم نستكن أو نستسلم. كنا نناشد المثقفين، وقادة الرأي والفكر، أن يقوموا بدورهم الطليعي والموضوعي في لحظة تاريخية تحتاج إلى كلمة الحق، وموقف العقل، وروح المسؤولية.
لكن، ويا للأسف، كان معظمهم غائباً، غير مبال ،او متخلياً عن موقعه الطبيعي لصالح فئة من الطفيليين والانتهازيين، من جراثيم الإعلام وأبواق الديكتاتورية، الذين استبدلوا ضمير الفكر بمسح جوخ الطغاة وتزييف وعي الناس.
لقد استخفّوا بعقول الجماهير، واستهانوا بقيم الأمة وأحلامها في الوحدة، والتحرر، والحرية، واختاروا اللعب على أوتار التخوين ونظرية المؤامرة، وعمّقوا ثقافة “الأنا” و”الأبدية” وشرعنوا الإقصاء والتهميش والاستبداد.
أما أولئك الذين كان يُنتظر منهم تجديد الفكر القومي، وقراءته قراءة عصرية تتسق مع روح العصر وواقع الشعوب، فقد التصقوا بكراسي الحكم، وانحنوا لأرباب السلطة، واختلقوا خطاباً زائفًا أسموه “قوميًا”، وهو في جوهره أبعد ما يكون عن روح القومية الحقيقية.
بايعوا الطغاة على ظلمهم، ومنحوهم ألقاباً مصطنعة: من “الممانع” إلى “المقاوم” إلى “الأمين على القومية”، فيما لم يتبقَّ من القومية سوى اسمها، بعدما جُوِّفت مضامينها.
لقد ارتزقوا من عطاءات الشعوب، في حين كانت تلك الشعوب أحق بها وأولى.
أما أنا، فما صرختي إلا صرخة ابن العروبة الصادقة، الذي عاش أمجادها، وعرف قادتها الحقيقيين، وتربّى على قيمها في طفولته وشبابه، وشهد تيارها القومي العريض على امتداد الوطن العربي من محيطه إلى خليجه، تياراً كان يؤمن أن الشعب هو مصدر القوة، وهو الباقي، وهو الأصل، وأن لا مستقبل لنا إلا بعروبة جامعة تتجاوز الحدود المصطنعة، والطوائف، والمذاهب، والعرقيات.
نحن اليوم بأمسّ الحاجة إلى تيار ديمقراطي عربي، يوحّد ولا يفرّق، يقرب ولا يُقصي، يتجاوز الانتماءات الضيقة، ويجمعنا حول فكر سامٍ تبنيناه في طفولتنا، وعشناه في يفاعتنا، وسعينا إلى تحقيقه طيلة أعمارنا.
إن إحياء هذا الفكر، بعد محاولات دفنه من قبل أنظمة ارتبطت بأجندات دولية أو محورية، هو السبيل لإحياء الأمل في قيامة الأمة.
وإن إشعال جذوة هذا الفكر مجدداً هو الطريق الوحيد لمنع بلقنة المنطقة، وتمزيقها، ودفعها إلى السقوط في هاوية المؤامرات الإقليمية والدولية، الطامعة في خيراتنا، وثروات أوطاننا.
فهل من مجيب؟!

كتب مُعتزّ فخر الدين/ لبنان
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى