تربية وثقافة

صناعة الوعي الحقوقي الجزء “8” والأخير*

د. محمد الحسامي/ اليمن

//خاص المدارنت//… ثامناً: أخيراً وليس أخراً

إن عملية “صناعة الوعي الحقوقي الإيجابي”، بشكل عام، تجعلنا: # نكتشف ذاتنا وذاتيتنا كأفراد أولاً ونخباً ثانياً، ومجتمعات وشعوب وأمم ثالثاً، ونقدرهما، وتجعلنا كذلك نكتشف إنسانيتنا وآدميتنا كبشر، ونقدرهما حقّ التقدير ونجلّهما حقّ الأجلال.

# نتحول من أناس مقهورين ومهدورين ومسلوبي الإرادة، متماهين بل ومتناغمين مع الأنظمة الاستبدادية الاستعبادية التسلطية الطغيانية ومستعبدين من قبلها، رموزاً وثقافة وسلوكاً، إلى أناس أحرار فاعلين ومتفاعلين إيجابيا مع وفي حياتنا اليومية.

# نكتشف كم كانت سذاجتنا ونظرتنا السطحية إلى أنفسنا وتجاهها، وساعتئذ سوف نحتقرها وتصبح ذكرى أليمة ومضحكة عندما نرويها لأبنائنا وأحفادنا.

# كما نكتشف كم كانت تلك الأنظمة، لتي استبدت بنا واستعبدتنا وقهرتنا وسلبتنا ذاواتنا وذاتيتنا  وإنسانيتنا وآديميتنا، وجعلت منّا جميعاً، أناساً مقهورين ومهدورين وفاقدي الإرادة، عاجزين عن أيّ ردّة فعل إيجابية حيال ذلك كله وتجاهه وتجاهها، واستلذّت بذلك كله، فترة طويلة من الزمن، وصلنا معها إلى مرحلة اليقين، بأنه لا قبل لنا بها، وبأنها قضاء وقدر إلهيّين علينا، لا سبيل إلى التخلّص منها، بل إن مجرد التفكير في ذلك يعتبر كفراً دينياً بوّاحاً بما ينتج عن ذلك الكفر، من عقوبات في الدنيا والآخرة، عندئذ وساعتئذ ووقتئذ وحينئذ، سنكتشف كم كانت هشاشتها وضعفها وانحطاتها، وبأنها أوهن من بيت العنكبوت، وبأن ذلك الجبروت والقوة لها ما كان له بأن يكون لولا أننا ضعفاء، ولولا أننا عشنا خافضي الرؤوس ومُطأطئيها، عندئذ وحينئذ وساعتئذ ووقتئذ، ستتبدى هول الكارثة الحقيقية التي كنا عليها، وستنتابنا فداحة الصدمة من جراء ذلك كله

# لن نسمح مجددًا لتلك الأنظمة، بأن تفعل فعلتها تلك بنا وفينا، والأهم من ذلك، هو أننا لن نعمل على إيجادها مجدداً، فقد كشفت الغمّة التي كنا عليها وعلق الجرس!

# نستطيع أن نعيد بناء الدولة التسلطية، دولة الواقع التقليدية العصبية الضيقة والمقيتة، على أسس مدنية حديثة، وصولاً إلى إقامة دولة الحلم، الدولة المدنية الحديثة بركائزها الأساسية.

# نحمي أنفسنا ومجتمعاتنا وشعوبنا وأمتنا، من التشتت والتمزّق والدمار والانحلال والزوال والفناء… الخ.

# نزيل كل تلك الهالة وكل تلك المقدسات! التي تحكمت في وعينا جميعاً لقرون طويلة، والتي ورثناها كابر عن كابر، والتي ما أنزل الله بها من سلطان، وستُصحّح وتقوم وتعدّل كل تلك المفاهيم الخاطئة والمقلوبة والسلبية، التي تحكمت أيضا فينا، وعياً وسلوكاً، قولاً وعملاً.

# نكتشف الطريق السليم والسويّ والصحيح، طريق الله وشرعه السماوي كما هو في جوهره، لا كما أرادته لنا تلك الأنظمة فقائها ومثقفيها ومنظريها والمحللين لها والمحرّمين علينا، والمحرّمين عليها والمحلّلين لنا، وسوف نصل إلى برّ الأمان.

# نتخلص من كل العصبيات الضيقة والمقيتة، المسيطرة والمتحكمة فينا، بثقافتها وسلوكياتها وأقوالها وأفعالها وتصرفاتها ونظرتها النمطية السلبية تجاه الآخر.

أخيراً وليس آخراً: في تلك العملية، ستجعلنا جميعاً نحلق عالياً في الفضاء الإنساني الأوسع والأرحب، للإنسان وللإنسانية جمعاء، وسنحافظ على حقوقنا وندافع عنها، ولن نسمح بالمساس بها أو التعرّض لها، من أيّ كائن كان، ومن أيّ جهة كانت.

وعليه: ليس أمامنا جميعا، كأفراد ونخب، في ظل غياب المشاركة المجتمعية والمؤسساتية الخاصة والعامة، إلا البدء في العمل الفوري والسريع وبكل ما نملك من قدرات وامكانيات، كل بحسب موقعه وصفته وقدرته وقدراته ومسؤليته والدور المناط به وحاجاته واحتياجاته ومطالبه ومتطلباته، ومهما كلفنا ذلك، ومهما كان حجم التضحيات، ومهما كانت العراقيل والصعوبات، ومهما كانت المحاولات ونتائجها.

ولنعلم بأن الصيرورة التاريخية للمجتمعات والشعوب والأمم، قائمة على الفعل والعطاء الإنساني والتضحية في سبيل ذلك، وليست مصادفة تاريخية ومنحة وهبة لمن لا يستحقها، ولا يعمل على الحصول عليها ولا يقدرها. فلولا أن نيوتن كان باحثاً ومجتهداً وتواقاً للحصول على ما يريده، لما أكتشف قانون الجاذبية الأرضية، عندما سقطت التفاحة أمامه، بل لما سقطت أصلاً، فما سقوطها إلا نتيجة طبيعية وحتمية لبحثه وجهده وتوقه، وثمرة لذلك البحث والجهد والتوق.

# الخلاصة: قد أكون حالِماً، وقد تقولون في أنفسكم بأنني إنساناً طوباوياً أعيش في طوباويتي، لكني أقول لكم :أليس ما نحن فيه وعليه، يستوجب الحلم بدلاً من اليأس والقنوط والإحباط والتشأوم وو.. الخ؟. أليس كل عمل عظيم ونبيل بدأ بحلم عظيم ونبيل، وكل حلم عظيم ونبيل يولد فكرة عظيمة ونبيلة، وكل فكرة عظيمة ونبيلة تشكل وعياً عظيماً ونبيلاً، وكل وعي عظيم ونبيل ينتج سلوكاً عظيماً ونبيلاً، وكل سلوك عظيم ونبيل يؤدي حتماً إلى إنجاز ذلك العمل العظيم والنبيل؟

أليست تلك المجتمعات والشعوب والأمم المتحضرة والمتقدمة، والتي نشاهدها ونحلم ونتمنى أن نلحق بها، من دون التخلّي عن الخصوصية والثوابت الخاصة لنا، كأفراد ومجتمعات وشعوب وأمم، كانت في يوم من الأيام أكثر تخلفا وجاهلية منا؟

بكم يتجدد الأمل، ويتحقق.

 #نحو حركة نهضوية عربية جديدة، إن غداً لناظِره أقرب وأفضل، دعوها فإنها مأمورة.

انتهت هذه السلسلة.

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى